اشعار عن موت الصديق

ابيات وقصائد شعريه عن رحيل الاصدقاء قصيدة: لقد أبكرت يا رجل الرجال

يقول الشاعر جريس معمر:

لقد أبكرت يا رجل الرجال

وأسرجت المنون بلا سؤال

فأججت الأسى في كل قلب

وجارحة وما أبقيت سالي

نعى الناعي فروّعنا جميعًا

وجاز الجرح حد الاحتمال

هل الأيام تغدر في أديب

سما فوق المصالح لا يمالي

خسرنا الحلم والخلق المزكّى

خسرنا هيبة الرجل المثالي

فلم أتوقع المأساة أصلًا

ولا خطرت ولا جالت ببالي

ضياعك يا صديقي كان مرًّا

أضاع النور في حلك الليالي

تؤم الناس بيتك كي تعزي

ولكن من يعزيني بحالي

أنا المجروح من موت تدلى

ليغدر في صديق كان غالي[١]

قصيدة: تبكي عيون الأنام قرتها

قال الشاعر صاحب الأبيات:

تبكي عيون الأنام قرتها

ونورها بينهم وبهجتها

ودَّتْ لوَ انْ بالعمى قد اكتحلتْ

ولم يغب من يزينُ نظرتها

والكِبْدُ يا ويح كبدِ ناضجة

والنفس هدَّ الفراق قوتها

أحقا إن الحسينَ غادرنا

لبقعة أسكنتْه تربتَها

فإن يكنْ فهْيَ أمه أخذت

من حسنه حظها وحصتها

وكان قد شاقها محبتُهُ

فأطفأتْ بالعناق جمرتها

فلا تلمْ في القلوب منكسرًا

فحبـُّه قد أصاب حبتَها

فكمْ رأينا من خلْقـه دررًا

إذا انتقيت وجدت صفوتها

كالبدر زانتْـهُ في السما نجمٌ

وزانهـنَّ وكان غرتـها

أبو الخصال التي سمعتَ بها

لكـنَّـه يستقـلُّ كثرتها[٢]

قصيدة: لقد سجمت من دمع عيني عبرة

يقول الشاعر حسان بن ثابت: 

لقد سجمت من دمع عيني عبرة

وحُقّ لعيني أن تفيض على سعد

قتيل ثوى في معرك فجعت به

عيون ذواري الدمع دائمة الوجد

على ملّة الرحمن وارث جنّةٍ

مع الشهداء وفدها أكرم الوفد

فأنت الذي يا سعد أبتّ بمشهد

كريم وأثواب المكارم والحمد

بحكمك في حيّي قريظة بالذي

قضى الله فيهم ما قضيت على عمد

فوافق حكم الله حكمك فيهم

ولم تعف إذ ذكرت ما كان من عهد

فإن كان ريب الدهر أمضاك في الألى

شروا هذه الدنيا بجناتها الخلد

فنعم مصير الصادقين إذا دعوا

إلى الله يومًا للوجاهةِ والقصد[٣]

قصيدة:تفديك لو قبل المنون فداها

يقول الشاعر ابن معصوم:

تَفديك لو قبِلَ المنونُ فِداها

نَفسٌ عليكَ تقطَّعت بأساها

يا كوكبًا قد خرَّ من أفق العُلى

في لَيلَةٍ كَسَت الصباحَ دُجاها

كانَت حياتُك للنواظر قرَّةً

وَاليومَ موتُك للعيون قَذاها

يا لَيتَني غُيّبتُ قبلَك في الثَرى

وَسُقيتُ كاسَ الموت قبل تَراها

أَو ليتَ عيني قبلَ تبصرُ يومَك ال

محتوم كحَّلها الردى بعَماها

لَم لا تَمنّى الموتَ دونك مهجةٌ

قد كنتَ تجهدُ طالبًا لرضاها

أَم كَيفَ لا تَهوى العَمى لك مقلةٌ

قد كنتَ قرَّتها وكنت سَناها

آهٍ ليومكَ ما أَمضَّ مُصابَه

وأَحرَّ نارَ مصيبةٍ أَوراها[٤]

قصيدة: لولا الحياء لهاجني استعبار

يقول الشاعر جرير بن عطية اليربوعي:

لَولا الحَياءُ لَعادَني اِستِعبارُ

وَلَزُرتُ قَبرَكِ وَالحَبيبُ يُزارُ

وَلَقَد نَظَرتُ وَما تَمَتُّعُ نَظرَةٍ

في اللَحدِ حَيثُ تَمَكَّنَ المِحفارُ

فَجَزاكِ رَبُّكِ في عَشيرِكِ نَظرَةً

وَسَقى صَداكِ مُجَلجِلٌ مِدرارُ

وَلَّهتِ قَلبي إِذ عَلَتني كَبرَةٌ

وَذَوُو التَمائِمِ مِن بَنيكِ صِغارُ

أَرعى النُجومَ وَقَد مَضَت غَورِيَّةً

عُصَبُ النُجومِ كَأَنَّهُنَّ صِوارُ

نِعمَ القَرينُ وَكُنتِ عِلقَ مَضِنَّةٍ

وأرى بِنَعفِ بُلَيَّةَ الأَحجارُ

عَمِرَت مُكَرَّمَةَ المَساكِ وَفارَقَت

ما مَسَّها صَلَفٌ وَلا إِقتارُ

فَسَقى صَدى جَدَثٍ بِبُرقَةِ ضاحِكٍ

هَزِمٌ أَجَشُّ وَديمَةٌ مِدرارُ[٥]

قصيدة: لهفي عليك صديق شط الدار

قال الشاعر صاحب الأبيات:

لَهْفِي عَلَيْكَ صَدِيقَ شَطِّ الدَّارِ

بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَحْدَةُ الْأَقْدَارِ

الْغُرْبَةُ السَّوْدَاءُ، وَالنَّأْيُ الَّذِي

قَطَعَ الْفُؤَادَ بِسَيْفِهِ الْبَتَّارِ

جَمَعَتْ بِنَا دَارُ التَّنَائِي حِقْبَةً

أَغْنَتْ عَنِ الْأَنْسَابِ وَالْأَصْهَارِ

عِشْنَا بِهَا صَحْبًا نُعَزِّي أَنْفُسًا

مَا ضَمَّ جَمْعًا مَجْلِسُ السُّمَّارِ

لَكِنْ رَحَلْتَ، وَكُلُّ حَيٍّ رَاحِلٌ

هَلْ هَذِهِ الدُّنْيَا بِدَارِ قَرَارِ؟

قَدْ شَاءَتِ الْأَقْدَارُ أَنْ تَقْضِي هُنَا:

بُعْدٌ، وَشَحْطُ مَسَافَةٍ، وَمَزَارِ

تَبْكِيكَ عَيْنِي يَا أُخَيَّ بِحُرْقَةٍ

مَا عَنَّ ذِكْرُكَ يَا (أَبَا عَمَّارِ)

يَا مَنْ عَهِدْتُكَ لِلْخُطُوبِ مُجَالِدًا

وَالْخَطْبُ حَوْلَكَ ذُو لَظًى وَأُوَارِ[٦]

قصيدة: صاحب رعيت دهرًا ودّه

يقول الشاعر محمود سامي البارودي:

صَاحِبٍ رَعَيْتُ دَهْرًَا وُدَّهُ

وَلَمْ أُبَايِنْ نَهْجَهُ وَقَصْدَهُ

وَكُنْتُ أَرْعَى بِالْمَغِيبِ عَهْدَهُ

بَلْ كُنْتُ أَخْشَى أَنْ أَعِيشَ بَعْدَهُ

وَطَالَما أَرْغَمْتُ فِيهِ ضِدَّهُ

وَذُدْتُ عَنْهُ مَا يَعُوقُ وَكْدَهُ

حَتَّى إِذَا مَا الدَّهْرُ أَوْرى زَنْدهُ

صَعَّرَ لِي بَعْدَ الصَّفَاءِ خَدَّهُ

وَجَازَ فِي بَعْضِ الأُمُورِ حَدَّهُ

فَلَمْ أُحَاوِلْ رَدْعَهُ وَرَدَّهُ

وَلَمْ أُكَدِّرْ بِالْعِتَابِ وِرْدَهُ

وَلَوْ أَرَدْتُ أَن أَفُلَّ حَدَّهُ

لَقُلْتُ فِيهِ مَا يَحُزُّ جِلْدَهُ

لَكِنَّنِي تَرَكْتُهُ وَحِقْدَهُ

شَأْنُ امْرِئٍ فِي الْمَجْدِ يَرْعَى مَجْدَهُ

كُلُّ امْرِئٍ يُنْفِقُ مِمَّا عِنْدَهُ[٧]

قصيدة: في رحمة الله من قد راح مُبتعِدًا

يقول الشاعر بشر شبيب:

في رحمةِ الله من قد راحَ مبتعدًا

إنّا إلى الله قول أبردَ الكبدا

في ذمةِ الله أخٌ مسرعٌ ذهبَ

إلى الرحيمِ إلى جناتِهِ رَغِدا

إذا ذكرناهُ فاضَ الدمعُ وانحدرَ

فوقَ الخدودِ عجولًا فتَّتَ العَضُدا

كنا رفيقي طريقٍ في الدُنا مُهدا

لِمَا الرحيلُ وعزمُ البدءِ قد عُقدا

يا صاحبي قد تركِتَ الدنيا مغتربًا

والصحبُ والأهلُ والجيران والبلدا

الحزنُ يقطعُ قلبًا قبلُ قد قُطعَ

والشوق يفجُرُ دمعًا غارَ وافتُقِدا

قد كنتَ منَّا كنجم ساطع طلع

فوق البحارِ ببعضِ الليلِ قد رُصِدا

صاحَ لكَ الله في دارِ البقا فعِش

عيش الخلودِ سعيدًا هانئًا غَرِدا[٨]

قصيدة: واكبدا قد تقطّعت كبدي

يقول الشاعر ابن عبد ربه الأندلسي:

واكَبدا قدْ تَقَطَّعَتْ كَبِدي

وحَرَّقَتْهَا لواعِجُ الْكَمَدِ

ما ماتَ حَيٌّ لِمَيِّتٍ أَسَفًا

أَعْذَرُ مِنْ والِدٍ على وَلَدِ

يا رَحمَةَ اللَّهِ جاوِري جَدَثًا

دَفَنْتُ فِيهِ حُشاشَتي بِيَدِي

وَنَوِّري ظُلْمَةَ الْقُبُورِ على

مَن لَمْ يَصِلْ ظُلْمُهُ إِلى أَحَدِ

مَنْ كانَ خِلْوًا مِنْ كُلِّ بائِقَةٍ

وَطَيِّبَ الرُّوحِ طاهِرَ الجَسَدِ

يا مَوت يحيى لَقَدْ ذَهَبْتَ بِهِ

لَيْسَ بِزُمَّيْلةٍ ولا نَكِدِ[٩]

قصيدة: يقولون رشدي مات قلت صدقتم

يقول الشاعر أحمد شوقي:

يقولون رشدي مات قلت صدقتم

ومات صوابي يوم ذام وآمالي

وركني الذي للنائبات أعدّه

وذخرَي في الماضي وعوني على الحال

وسعدي الذي خان الزمان وطالعي

وفخري إذا ألقى الرجال وإجلال

أرشدي لقد عشت الذي عشت سيدا

ولم تك عبد الجاه والأمر والمال

ولم تأل كتب العلم درسا ومطلبا

ولم تك عنها في الثمانين بالسالي

وكنت تحل الفضل أسمى محلة

وتنزل أهل الفضل في المنزل العالي

ولم تتخير ألف خل وصاحب

ولكن من تختاره الواحد الغالي

حبيتك والدنيا تحبك كلها

وزدتك حبا عندما كثر القالي

وقست بك الأعيان حيا وميتا

فوالله ما جاء القياس بأمثال

ولو أن إنسانا من الموت يفتدى

فديتك بالنفس النفيسة والآل[١٠]

قصيدة: أمن المنون وريبها تتوجّع

يقول الشاعر أبو ذؤيب الهذلي:

أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ

وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ

قالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِبًا

مُنذُ اِبتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ

أَم ما لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعًا

إِلّا أَقَضَّ عَلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ

فَأَجَبتُها أَن ما لِجِسمِيَ أَنَّهُ

أَودى بَنِيَّ مِنَ البِلادِ فَوَدَّعوا

أَودى بَنِيَّ وَأَعقَبوني غُصَّةً

بَعدَ الرُقادِ وَعَبرَةً لا تُقلِعُ

سَبَقوا هَوَىَّ وَأَعنَقوا لِهَواهُمُ

فَتُخُرِّموا وَلِكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ

فَغَبَرتُ بَعدَهُمُ بِعَيشٍ ناصِبٍ

وَإَخالُ أَنّي لاحِقٌ مُستَتبَعُ

وَلَقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ

فَإِذا المَنِيِّةُ أَقبَلَت لا تُدفَعُ

وَإِذا المَنِيَّةُ أَنشَبَت أَظفارَها

أَلفَيتَ كُلَّ تَميمَةٍ لا تَنفَعُ

فَالعَينُ بَعدَهُمُ كَأَنَّ حِداقَها

سُمِلَت بشَوكٍ فَهِيَ عورٌ تَدمَعُ[١١]

قصيدة: أقيما فروض الحزن فالوقت وقتها

يقول الشاعر أبو نباتة المصري:

أقيما فروضَ الحزن فالوقت وقتها

لشمس ضحىً عندَ الزوال ندبتها

ولا تبخلا عني بإنفاق أدمعٍ

ملوّنة أكوى بها إن كنزتها

لغائبةٍ عني وفي القلب شخصها

كأنيَ من عيني لقلبي نقلتها

يقولون كم تجري لجاريةٍ بكىً

وما علموا النعمى التي قد فقدتها

ملكت جهاتي الست فيك محبةً

فأنت وما أخطا الذي قال ستها

إلا في سبيل الله شمس محاسنٍ

وإن لم تكن شمس النهار فأختها

تعرّفتها دهراً يسيرًا فأعقبت

دوامَ الأسى يا ليتني لا عرَفتها

وقال أناسٌ إن في الدمع راحةً

وتلك لعمري راحةٌ قد نكرتها

هل الدمع إلا مقلةٌ قد أذبتها

عليكِ وإلا مهجة قد غسلتها

نصبت جفوني بعد بعدك للدجى

وأما أحاديث الكرى فرفعتها

وقال زماني هاكَ بعد تنعمٍ

كؤوس الأسى والحزن ملآى فقلت ها

بكيتك للحسن الذي قد شهدته

وللشيمِ الغرّ التي قد عهدتها[١٢]

قصيدة: في ذمة الله ما ألقى وما أجِدُ

يقول الشاعر محمد مهدي الجواهري:

في ذِمَّةِ اللهِ ما ألقَى وما أجِدُ

أهذِهِ صَخرةٌ أمْ هذِه كبِدُ

قدْ يقتُلُ الحُزنُ مَنْ أحبابهُ بَعُدوا

عنه فكيفَ بمنْ أحبابُهُ فُقِدوا

تَجري على رِسْلِها الدُنيا ويتبَعُها

رأيٌ بتعليلِ مَجراها ومُعتقَد

أعيا الفلاسفةَ الأحرارَ جهلُهمُ

ماذا يخِّبي لهمْ في دَفَّتيهِ غد

طالَ التَمحْلُ واعتاصتْ حُلولُهم

ولا تزالُ على ما كانتِ العُقَد

ليتَ الحياةَ وليت الموتَ مرَحمَةٌ

فلا الشبابُ ابنُ عشرينٍ ولا لَبَد[١٣]