اهم خصائص الشعر الحر

معلومات عن الشعر الحر واهم قصائده بأخذ الشعر بكلِّ أنواعه وأشكاله عند العرب مكانة أكبرَ من تلك التي يحتلُّها عند بقيَّة الشعوب، والشعر الحديث هو الشعر الذي كُتب في العصر الحديث، ويلتزمُ الشعر بالوزن والقافية، فالشعر القديم والحديث كلاهما يشترط الوزن أساسًا للشعر، باستثناء ما يسمَّى بقصيدة النثر، أمَّا القافية فهي لازمة في معظم أنواع الشعر القديم، أمَّا في الشعر الحديث فقد اختفى دور القافية الخارجية وتمَّ التعويض عنها بالتقفية الداخلية، ويقسم الشعر العربي إلى نوعين: الشعر العمودي وهو الشعر القديم الموزون، والشعر الحر وهو الذي ظهر في العصر الحديث ولا يلتزم بوزن وقافية. وفي هذا المقال سيتمُّ تسليط الأضواء على الشعر الحر وخصائصه وسيتمُّ إدراج بعض القصائد من الشعر الحر. [١]

خصائص الشعر الحر 

الشعر الحر هو أحد أكثر أنواع الشعر العربيّ انتشارًا في العصر الحديث، بدأ الشعر الحر يأخذُ شكلَهُ المُستقلّ في بداية الثلاثينيّات من القرن الماضي، وقد أُطلقت عليه العديد من التسميات منها: الشعر المُرسل، النظم المرسل المنطلق، الشعر الجديد، شعر التفعيلة، الشعر الحديث. ولكن بعد الخمسينيات أطلقَ عليه اسم الشعر الحر، وقد كان الشعر الحر نقلةً نوعيَّة كبيرةً في تاريخ الأدب العربي خاصّة في الشعر العربي لارتباطِه بتحوُّلٍ عميقٍ على صَعيدِ البناء الموسيقي، وأنماطِ التعبيرِ الفكريَّةِ والإبداعيَّةِ، وسيتمُّ ذكر أهمِّ خصائص الشعر الحر فيما يأتي: [٢]

  • يتميَّز الشعر الحر بامتلاكه إيقاعًا موسيقيًّا واحدًا، أي أنَّه يلتزمُ بتفعيلةٍ واحدةٍ.
  • التزامه بعدد من القوافي حتى يتمَّ التقليلُ من حدَّة الإيقاع الواحد، ولدفع الملل أو السأم الذي يلحق بالسامع أو القارئ.
  • استخدام المحسِّنات البديعيَّة فيه قليل، بالإضافة إلى قلَّة استخدام المقاطعِ الساكنة أيضًا.
  • يوظّف لغة الحياة اليومية، لذلك فهو يخلو من المظاهر التي تغصُّ بالمبالغة والفخامة سواءً من الناحية الفلسفيَّة أو الفكرية.
  • وجودُ المقاطع الساكنة في أواخرِه في معظم الأحيان، أما في بقية المقاطع الموجودة في القصيدة ففي العادة تخلو من التسكين.
  • عدم تحديد هدف واحد في قصائد الشعر الحر، إذ أن القارئ في معظم الأحيان لا يستطيع أن يفهم المغزى من قصيدة الشعر الحر من مجرد قراءة واحدة أو استماع أوليٍّ.
  • يحتوي على كمّ كبير من الغموض والإشارات التي يمكن تأويلها بأكثر من معنى، والتي قد تصل ببعض قصائده إلى درجة الإبهام.
  • يهتمّ بالأساطير والرموز الدينية والأبعاد الفلسفية.
  • عدم قابليّة قصائده للاختزال بسرعة أو ببساطة، إذ أن حذف بعضِ الأبيات أو المقاطع من القصيدة يؤثِّر بشكلٍ كامل على معنى القصيدة وبنائها الكليِّ من ناحية المعنى والناحية الشكليَّة والفنيَّة.
  • فقدان القدرة على فهمه وتفسيره، وتخلخل الذوق الجمالي فيه في حالِ تمَّ حذف أحد مقاطعه.
  • يتميز بالواقعيَّة التي تُمزج بالرمزية.
  • يدخل في مواضيعه الدفاع عن الوطن والقضايا الإنسانية بشكلٍ كبير، حتَّى ولو كانت القصيدة تتحدث عن المرأة مثلًا.
  • لا يقيد الشاعر بعدد محصور من التفعيلات، فهذا يحدِّده حجم الأبيات، والجو العام للقصيدة، وظروف الشاعر ونفسيته.
  • يقبل الشعر الحر التدوير، فقد يأتي جزءٌ من التفعيلة في آخر بيت وجزء منها قد يأتي في البيت التالي.
  • إمكانية التمدُّد في أبيات القصيدة بشكلٍ عامودي أو أفقي “مكاني”، أو التمدُّد في الفرغات، وذلك حسب رؤيةِ الشاعر ورغبته، أي أنّ قصائده رشيقه وخفيفة.

رواد الشعر الحر

كانت بداية الشعر الحر حسبَ معظم النقاد في بغداد بعدَ الحرب العالمية الثانية، في الثلث الأخير من أربعينيات القرن العشرين، وكانت أوَّل قصيدة في الشعر الحر قصيدة “الكوليرا” للشاعرة نازك الملائكة وقد نشرتها في تشرين الأول عام 1947م لذلك فهي أول من كتب الشعر الحر من الشعراء العرب [٣]، ثمَّ نشرَ الشاعر بدر شاكر السياب قصيدته “هل كان حبًّا” في ديوانه أزهار ذابلة في كانون الأول عام 1947م أيضًا، بعد ذلك توالى ظهور الكثير من الشعراء الذين خاضوا غمار الشعر الحر ونشروا دواوينهم التي ظهر فيها شعر التفعيلة جليًّا وأسهم الكثير منهم بتطوير الشعر الحر فيما بعد، ومن أهمِّ روَّاد الشعر الحر:

  • نازك الملائكة.
  • بدر شاكر السياب.
  • عبد الوهاب البياتي.
  • صلاح عبد الصبور.
  • أحمد عبد المعطي حجازي.
  • أدونيس.
  • خليل حاوي.
  • نزار قباني.
  • محمود درويش.
  • سميح القاسم.
  • فدوى طوقان.
  • محمد الفيتوري.
  • محي الدين فارس.

قصائد من الشعر الحر

بعدَ أن تمَّ التعرُّف على الشعر الحر وخصائصه وعلى رواد الشعر الحر في العالم العربي حيثُ تمَّ ذكرُ العديد منهم بدايةً بنازك الملائكة وبدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي وغيرهم ممن ساهموا بإثراء هذا النمط الشعري الحديث، سيتمُّ تناول بعض القصائد من الشعر الحر مع ذكر الشاعر صاحب القصيدة فيما يأتي:

  • قصيدة “الكوليرا” للشاعرة نازلك الملائكة، ويعتقدُ أنَّها  أول قصيدة منشورة من الشعر الحر، وفيما يأتي مقطع من مقاطع القصيدة: [٤]

طلع الفجرُ أصغِ إلى وقعِ خُطى الماشين في صمتِ الفجر، أصِخْ، انظُر ركبَ الباكين عشرةُ أمواتٍ، عشرونا لا تحصِ، أصِخْ للباكينا اسمعْ صوتَ الطفل المسكين موتى، موتى، ضَاع العددُ موتى، موتى، لم يبقَ غدُ في كلِّ مكان جسدٌ يندبُه محزون لا لحظةَ إخلادٍ، لا صمتْ هذا ما فعلت كف الموتْ الموتُ، الموتُ، الموتْ تشكو البشريةُ تشكو ما يرتكب الموتْ

  • قصيدة “هل كان حبًّا” للشاعر بدر شاكر السياب، والتي نشرها في ديوانه أزهار ذابلة، وفيما يأتي مقطع من القصيدة:

هل تُسمِّينَ الذي ألقَى هياما؟ أَمْ جنوناً بالأماني؟ أم غراما؟ ما يكون الحبُّ؟ نَوْحًا وابتساما؟ أم خُفوقَ الأضلعِ الحَرّى إذا حانَ التلاقي بين عينينا، فأطرقتُ فراراً باشتياقي عن سماءٍ ليس تسقيني إذا ما جئتُها مستسقيًا إلاّ أواماالعيون الحورُ لو أصبحنَ ظلًا في شرابي جفَّتِ الأقداحُ في أيدِي صحابي دون أن يَحْظينَ حتَّى بالحبابِ هيئي يا كأسُ من حافاتك السكرى مكانا تتلاقى فيه يومًا شفتانا في خفوقٍ والتهابِ وابتعادٍ شاعَ في آفاقهِ ظلُّ اقترابِ

  • قصيدة “وعاد في كفن”، للشاعر الفلسطيني محمود درويش، وفيما يأتي مقطع من مقاطع القصيدة: [٥]

يحكونَ في بِلادنا يحكونَ في شَجنْ

عن صاحِبي الَّذي مضَى و عادَ في كَفنْ

ما قالَ حينَ زغردَت خطاهُ خلفَ البابْ

لأمِّه: الوَداع!

ما قالَ للأحبَابِ، للأصحابْ:

موعدُنا غَدًا!

ولَم يَضعْ رسالةً كعادةِ المسَافرين

تقولُ: إنِّي عائدٌ وتسكتُ الظنُون

ولم يخطَّ كلمةً

تضيءُ ليلَ أمِّه التِي

تخاطبُ السَّماء والأشياءْ،

تقولُ: يا وسادةَ السرير!

يا حقيبةَ الثِّياب!

يا ليلُ! يا نجوم! يا إلهُ! يا سحابُ!

أمَا رأيتُم شاردًا عيناهُ نجمتَانْ؟

يداهُ سلَّتانِ من ريحانْ

وصدرُه وسادةٌ النُّجوم والقمَرْ

وشعرُه أرجوحةٌ للريح والزَّهرْ!

  • قصيدة “أقدِّم اعتذاري” للشاعر السوري نزار قباني، وفيما يأتي نص القصيدة: [٦]

أقدِّمُ اعتذاري لوجهكِ الحزين مثل شمسِ آخر النهارِ عن الكتاباتِ التي كتبتُها عن الحماقاتِ التي ارتكبتُها عن كلِّ ما أحدثته في جسمكِ النقيِّ من دمارِ وكل ما أثرته حولك من غبار أقدِّمُ اعتذاري عن كلِّ ما كتبت من قصائد شريرة في لحظةِ انهياري فالشعرُ يا صديقتي منفاي واحتضارِي طهارتِي وعاري ولا أريدُ مطلقًا أن توصمي بعًاري من أجلِ هذا جئتُ يا صديقتِي أقدِّمُ اعتذاري أقدِّمُ اعتذاري

  • قصيدة “رؤيا” للشاعر السوداني محمد الفيتوري، وفيما يأتي نص القصيدة بالكامل: [٧]:

خارجًا من دمائِكْ‎

تبحثُ عن وطنٍ فيكَ‎

مستغرقٍ في الدُّموع‎

وَطَن ربَّما ضِعْتَ خوفًا عليه‎

وأمعنتَ في التِّيه كى لا يضيع

‎أهو تلك الطقوسُ؟

‎التي ألبستكَ طحالِبها في عصورِ الصقيع

‎أهُو تلك المدائن؟

‎تعشقُ زوارها، ثمَّ تصلِبُهم فى خشوع

‎أهو تلك الشموس؟

‎التي هجعت فيك

‎حالمة بمجىءِ الربيع

‎أهُو أَنت؟

‎وقد أبصرتكَ العيون

‎وَأبصرتها في ضباب الشموع

‎خارجًا من غيابِك

‎لا قمرٌ في الغياب

‎ولا مطرٌ في الحضور

‎مثلما أنتَ في حفلة العُرسِ والموتِ

‎لا شيء إلا انتظارٌ مرير

‎وانحناء حزين على حافَّة الشعر

‎في ليلِ هذا الشتاء الكبير

‎ترقب الأفق المتداخل

‎في أفُقٍ لم يزال عابرًا في الأثير

‎رُبَّما لم تكن

‎ربَّما كنت في نحلةِ الماء

‎أو يرقاتِ الجذور

‎ربَّما كان أجمل

‎لو أطبقت راحتاك على باقةٍ من زهور.