رواية يباب الجزء الاول – دراما مشوقة للكاتب محمود ملص

يَباب يعني خراب.
قصة بتحكي مآساة جزء منها مبني على أحداث حقيقية،
بأسلوب جديد و مختلف كليا استعدوا لقصة درامية مشوقة بنكهة مسلسل عالمي.

– غطوها يا شباب، الله يستر على ولايانا ما حدا يلمسها أبدا…لا حول ولا قوة الا بالله….الله يرحمها….في حدا عرف اسمها أو شاف بنت مين لتكون ساكنة بالمنطقة ؟! بعدين وين الإسعاف؟! عشر دقايق من أول اتصال مش معقول هيك البنت خِلصت….مضلش فيها دم…
– بس شاطرين ياخدوا ضرايب، ارخص اشي عندهم البني آدم…

– هيهم…هيها الإسعاف وصلت، هيهم وصلوا…افتحوا طريق للإسعاف يا جماعة…افتحوا مجال يا اخوان ما بصير هيك….بقلكم افتحوا مجاااااال….منيح اللي شرفتوا و الله! منيح اللي قررتوا تتحركوا! ما تغلبوا حالكم….ماتت الصبية وانتوا بتكزدروا…

– اففففففف! معلش تفتحلنا مجال و ما تقرر من عندك! وبلاش فلسفة لإنه الشوارع مسكرة واحنا اقرب سيارة اسعاف على موقع الحادث ..وهينا وصلنا حتى قبل الدفاع المدني..ابعدوا خلينا نفحصها…..ابعدوا يا جماعة…ما بيصير هيك بدنا هوا للمصابة…
اتطلع المسعف بالمكان و هو بيلبس الكفوف و زملائه بينزلوا من السيارة، تأمل الموقف بشكل عام خلال لحظة..وقف قبال الناس المتجمعة …
اللي منهم بصور و اللي منهم زعلان على الصبية…اكترهم مشغول تصوير لايف…
– ايش اللي صار بالزبط؟ مين كان لما صار الحادث؟ الصبية كانت مسرعة لما دخلت بعامود الكهربا؟! هي زحفت لهون ولا طارت من السيارة!
– اللي صار إنه
– هي كانت سايقة
– أنا بحكيلك…
عصب المسعف،
– واااااحد اللي يحكي بس! واحد مش 100 خلصوني ايش اللي صار!
– هي كانت ماشية عادي بسرعة مقبولة و بتلف من هاي الدخلة فجأة كان في سيارة بي إم دبل يو سودا جاية من بعيد و الشوفير صار يخمس و يفحط…و ضرب آخر سيارتها بقوة و خلاها تروح باتجاه العمود….انكسر القزازالأمامي وطارت منه الصبية ووقعت على الأرض…
نزل المسعف على الأرض، مسك ايدها و صار يتطلع على ساعته، فتح جفونها حتى يتطلع على عيونها، ارتبك….لاحظ جمال عيونها و لونهم الأخضر الغريب…رموشها الطويلة….خصلة شعرها الدهبية اللي جاي من تحت الحجاب…
– جيبوا مثبت الرقبة والنقالة…..بسرررررعة!!!!! البنت لسا عايشة…
خلال دقيقة ثبتوها و حطوها جوا السيارة و حطولها أوكسجين…
ارتسمت ابتسامة حزينة على وجوه الموجودين حسوا بفرح مع إنه مبين إنها مش رح تعيش….
الصبية صارت تتشردق بالدم، حطولها جهاز تخطيط القلب…فتحت عيونها للحظة و شهقت…حاولت تحكي اشي…
– ما تحكي يا اختي، ما تحكي اشي بلاش الدم ينزل على القصبات الهوائية….حافظي على طاقتك رح نحتاجها بالمستشفى…أوعك يغمى عليكي…حاولي تضلك صاحية…
سيارة الإسعاف بتروح يمين شمال بين السيارات زامورها مخيف…
الصبية ضلت مصرة تحكي، بتحاول ترفع إيدها….
– بب…حا….أحئ أحّئ……..
قربت منها مسعفة وهي حاسة إنه في اشي مهم….
– انتي حامل!
نزلت دمعة من عينها و هزت راسها بصعوبة…حاولت تحكي بصعوبة آخر كلمة…
– بب…بي….
في شي بدها تحكيه مهم بس مش طالع معها…اشي خطير و ما حدا فاهمها….
شدت على ايدها المسعفة،
– ما تخافي، ما تخافي ان شاء الله حملك بخير و الجنين بخير….شدي حيلك بس…و بوعدك تشوفي ابنك و تحمليه بين ايديكي…يللا قولي يا رب ما تخافي…
ما قدرت تكمل الصبية و هي صاحية…أغمي عليها…طلعت نفس سخن من تمها مخيف…
-ضغطها نزل يا شباب…ضغطها نزل رح تروح منا…أعطوها سوائل وريدية…
– عمليات، عمليات، حادث سير، مصاب واحد، أنثى 28 سنة، الوزن 59 كغم تقريبا، حامل، ما بنعرف لو معها أي حساسية من أي أدوية…الاسم جمانة خميس..

وصلت سيارة دورية الشرطة، معها سيارة الدفاع المدني عالموقع…لسا الناس متجمعين…..

صرخ واحد بصوت كله صدمة!….
– في إشي بيتحرك جوا السيارة، يمكن كلب….
– لالا….اتطلع كويس….بنت صغيرة بالسيارة فييييييي بنت صغيرة هيها والله شوفوا!!…بسرعة طلعوها….
تجمعوا الناس و الشرطة و الدفاع المدني ورا القزاز….اتطلعت عليهم الطفلة بخوف و هي متخبية ورا بين المقاعد و خايفة…قالت بصوت مبحوح و نزلت دمعتها…عيونها خايفة و بترجف من الصدمة..عجبينها في نقط دم وسخت شعرها الأشقر..
– ببببدي ماما…
انفجرت من البكا…
——
رواية: يَباب…
الجزء الأول
تأليف: محمود يوسف ملص

-ما تخافي حبيبتي، مش رح نإذيكي يا شطورة شوفي…بس بدنا نقص الحديدة حتى نطلعك بس لازم تخبي راسك شوي و تغمضي عيونك……شو اسمك انتي؟!
– بدي ماما…بدي ماما….
اتطلع الضابط بزميله من الدفاع المدني…شافه كيف متوتر و الطفلة ما عم تستجيب لكلامه……خصوصا مع تجمع الناس الفضوليين…
عصّب فجأة و صار يصرخ…
– ابعدووووووووا عنااااا!!! ايش بدكم؟ و انت ليش بتصور؟ اقلب وجهك خلينا نعرف نشتغل البنت خايفة منكم….اقسم بالله بعد دقيقة كل واحد واقف إلا أجرّه عالنظارة و أحبسه…….يللا من هان….يللا خلينا نعرف نشتغل!
بلشت الناس تتزحزح بصعوبة و الدفاع المدني بالتعاون مع الشرطة قدروا يطوقوا المكان و يبعدهم لورا….
التفت الضابط لواجهة مكتبة قريبة…قطع الشارع….ثواني و رجع معه دبدوب اصفر….
رفعه بهدوء من ورا القزاز بدون ما يبين هو و صار يحرك ايده بطريقة مضحكة……
– مرحبا! أنا دَبْدَبْ….و بدي أنقذك…بس إزا خفتي أو بكيتي أنا كمان رح أزعل و أبكي..و نصير كلنا بنبكي بعدين بصيروا ينادونا بكبكيين هههههه…
الشرطة و الضباط و الناس رغم المصيبة كانوا يضحكوا بسرهم من تصرفات الضابط…بس هو ما كان هاممه حدا غير إنه الطفلة تطلع سليمة…
– مممم شو حكيتي ياااا؟ اه صح؟ كيف عمّو دَبْدَبْ بده ينقذك بدون ما يعرف اسمك!
علامات الخوف بلشت تروح شوي عن الطفلة، اتطمنت شوي…و ابتسمت…شاف الشرطي أحلى عيون طفلة شافهم بحياته….مع لون شعرها الأشقر الطبيعي كانت شي ما بينوصف…حن قلبه عليها كتير…
– أنا اسمي زيزي….زينة…
– شطورة يا زيزي…يللا عشان نخلي هدول الناس المنيحين يفتحولك الباب و اركض عليكي و اضمك….و تاخديني معك و نضل أصدقااااء للأبد…
ابتسمت زينة و عملت زي ما حكالها الدبدوب و رجعت لورا….حاولت تخبي خوفها….
بلشوا يقصوا الحديد و زينة عيونها على دَبْدَبْ و هو بيعمللها حركات حتى يشد انتباهها…لحتى وصلوا لعندها….قرب منها الدفاع المدني و اجا يحملها…اختفت ابتسامة الشرطي فجأة و ركض عليه و دفشه….
الكل انصدم من تصرفه….لحتى انتبهوا إنه رجل زينة فيها جرح كبير و معلقة بين المقعدين….
رجعت زينة تبكي بس هالمرة بخوف كبير و رهبة…..الناس اللي واقفين دمعت عيونهم….
– ارجعوا اطلبوا الاسعاف كمان مرة!

درجات الحرارة في مدينة الكويت 44 مئوية و هي أعلى من معدلاتها…..
– مهندس مُهيب…
عمل مهندس مهيب كتم لصوت التلفزيون اللي أصلا هو مش منتبهله…رجع اتطلع بشاشة الكمبيوتر….خطوط و مخططات و كلمات مش مفهومة…
– بلا مهندس بلا مهيب ههههههه خليني بس أطلع بريك و الله عيوني طلعوا من محلهم..هلأ بتغدى و برجع ببعتلك الإيميل……ما تزعل مني بس من الصبح حتى قهوة ما شربت…
طلع المهندس مُهيب على غرفة استراحة الموظفين، ضهره بيوجعه، اليوم كان يوم مرهق جدا و عنده مشاريع كتييرة لازم يسلم أقلها جزء كبيرة منها….

حط أول لقمة بتمّه…مسك تلفونه و كالعادة فتح على أخبار الأردن حتى يشوف شوفي جديد…الغربة بتخليك تحب كل شي ببلدك…كل شي فيها بيصير إله نكهة خاصة..
خبر عن زيادة الضرائب و هون خبر عن ماسورة مي مكسورة بالمكان الفلاني…وهون….!!!!
توسعت عيون مهيب…رمى اللقمة من تمه…صار يتنفس بسرعة…قام عن الكرسي رجع خطوة وقع على الأرض و انكب العصير على قميصه……..الموظفين بالاستراحة كلهم لاحظوا تصرفه….صار يركض بالممر و يخبط بالناس و هو بحاول يوصل لجمانة….تلفونها برن بس ما بترد…….ما حدا من أهلها أو أهله برد على المكالمات…. ركض لمكتبه….ترك حتى كمبيوتره شغال من الصدمة….أخد محفظته و أشياءه بسرعة…لف وجهه حتى يطلع من المكتب…اتفاجئ برئيس قسم المشاريع نواف واقف وراه….بادله ابتسامه خبيثة…
– ما شالله! وش فيك؟
انخنق مهيب…
– زوجتي عاملة حدث خطير و بنتي….ممما بعرف شو اللي صاير بالضبط….
– هااااا و انت الحين تريد تسافر للأردن صح؟؟
– وللا! طبعا لازم أسافر…هلأ بدي أحجز على أول طيارة…هم بحاجتي هلأ و ما بعرف إزا….
ما طلعت معه الكلمة من الخوف…
-أو لا سمح الله….كان صايرلهم اشي….
– أنت منو شايف نفسك عشان تاخذ إجازة بكيفك؟ محسب نفسك صاحب الشركة مثلا؟ اقعد و يوم يصير الوقت مناسب راح ندزك تتطمن عليها أما هذي الفترة كِلها ضغط…..أقعد…. وإشتغل…. منو اللي يسلم الشغل عنك؟ أمي؟
سكت مهيب…تزكر الصورة اللي شافها، صورة بنته زينة و الدم على جبينها و الدفاع المدني حاملينها و رجليها كمان بتنقط دم..، اللحظة اللي اتاخدت فيها الصورة كانت زينة مغمضة عيونها و مبين انها مش واعية….اعصاب مهيب انهارت و قرر إنه زوجته و بنته أهم من كل هاي الدنيا..مشي باتجاه الباب كملها نواف عليه…
-اسمععععع لو عتبت برا الشركة اعتبر نفسك مفصول و كل حقوقك راحت عليك
وقف مهيب لحظة…لف وجهه باتجاه نواف و دفشه….خبط نواف بالحيط و فجأة كل الشركة كانت بتشوف المهندس بيضرب مدير المشاريع….
– وين السكيوريييتيييي! اطلبوله الشرطة….والله لأربيك يا كلب…

– يووووه و بعدين يا كيماوي؟ يزلمة طلبت بعشرة قروش فلافل من ساعة…
– استغفر الله بس!!! يزم مفكر حالك بأبو جبارة؟ اصبر شوي هيها بالمقلاية…مش شايفني مش ملحق أنا و الشباب؟ يابا شوف هالزبون الزنخ جنني ههههههه..يللا هسا بنزلك بخمسطعش و عحساب المطعم بس صغر لقمتك…
تلفونات كيماوي و أبوه الحج خميس برنوا بس ما حدا قادر يرد من ضغط الزباين…
انتبه الحج على تلفونه بآخر لحظة، رقم غريب….
نظره صاير ضعيف كتير الفترة الماضية، رفع نضاراته الطبية و بعّد التلفون حتى يشوف مين اللي برن…
لسا إبنه كيماوي بيمزح مع الزبون….
اتطلع الحج بالتلفون و هو بحاول يقرأ الرقم…،
– يابا يا محمد اشتغل و بطل تحكي كتير مع الزباين، سيبهم يتهنوا…
فتح الحج خط…
– ههههههههه يعني يا كيماوي عشان بتعملوا أزكى حمص و فلافل باللويبدة و الاردن بتتحكموا بالزباين و بتعاملوهم هيك ههههههه؟
– لسا انت الله رحمك ما شفت الزبون اللي ضربته لإنه بكبر اللقمة هههههههههه، يابا!!! مالك؟ خير؟
ركضوا الزباين و كيماوي (محمد) على الحج خميس…كان نازل على ركبه على الارض وتلفونه واقع معه و انكسرت شاشته…..يابااااااااااا مالك!
– اختك جمانة يا محمد عملت حادث و معها زينة….اركض على المستشفى هيها بمستشفى أبو زهرة الحكومي…تحكيش لإمك عشان ما ترتعب..
نزلت دمعة الحج خميس..الناس بتهدي فيه..
– الله يلعن أبو سواقة البنات….الله يسترها يا رب…يا رب لا تفرجيني فيها مكروه…
انجن كيماوي طلع يركض بدون وعي و هو بصرخ جماااانة، سمع أبوه و هو بنادي عليه…
– طمنني عنها يا محمد….هيني جاي بعدك…

كيماوي اللي اسمه محمد عمره 19 سنة بس عنده مشكله بسيطة، دفش بتصرفاته جدا، من لما كان صغير….حجمه مش زي حجم أي انسان طبيعي هو أقرب لعملاق و بيحلق كل شعر وجهه بالشفرة، وجهه مدور زي الرغيف….شكله مخيف لإنه بيلعب حديد و طول اليوم بروتين حمص و فول من مطعمهم..، وجهه طفولي جدا بعد الحلاقة و قلبه طيب….

السادة المسافرون على متن الخطوط الملكية رحلة رقم 5685BU يرجى التوجه إلى بوابة رقم ثمانية عشر…
مهيب مش قادر يمسك حاله و هو بيمسح دموعه، الغربة بتخليك تشتاق لكل شي، زوجتك بيصير بينك و بينها قصة حب ما بيعرفها إلا اللي تغرّب، بتصير تشتاق حتى لمشاكلها، بتشتاق لقعداتكم سوا، بتشتاق لمنظرها و هي ام شعر منكوش، لجمالها الأخاذ بفستان السهرة…..لمنظرها و هي بتبكي إنك زعلتها و بتتمنى تكون معك و تضل تحضنها بكل وقت…صارت اللحظات الحلوة اللي بينهم كإنها عم بتصير هلأ، طلع موبايله و صار يتفرج على صورها و صور زينة….
نزلت دمعة على الشاشة…دور بجيبه على منديل…
اتفاجئ بإيد بتعطيه واحد…..ايد مجعدة…اعطته المنديل و حطت الايد التانية على كتفه….
– خير يا ماما؟ مالك؟ شوصاير معك؟
رفع مهيب راسه، شاف أمه…انهارت أعصابه بزيادة….
– خلص، خلص ماما ما تبكي الناس عم تطلع عليك…
اتطلع حواليه شاف الكل مركز فيه، خطر على باله لحظة وداعه لأمه عند الدفن السنة الماضية…رجع براسه ما لقيها….اخترع كزبة إنها عايشة حتى تواسيه بالغربة….و صار لما يزعل يتخيلها معه…كان متعلق فيها كتير…
مسح دموعه و فتح عيونه….سمع صوت صراخ…
– انت، هيييييي! يا أخ…. ما قلتلنا شنو اسمك الثلاثي؟!
مهيب بيتطلع على ايديه، فيهم كلبشات، توسعت عيونه….رفع راسه شاف الضابط بيحكي معه….اتطلع حواليه….كان يتخيل إنه بالمطار من الصدمة…
– وين موبايلي؟! لو سمحت! زوجتي عملت حادث بالأردن و بنتي الصغيرة معها بس خليني أتطمن عليها بترجاك….
– و الله هذا مو شغلي، انت تتصل بالمحامي و هو يتصرف..أنا الحين بوديك للنظارة حتى بكرا تنعرض على الجنايات…
انفعل مهيب!
– جنايات؟! ليش؟ أنا شو عملت؟ بحكيلك يا سيدي في مصيبة صايرة مع عيلتي…بترجاك تتفهم وضعي…
-خللاااااص بدون حكي زيادة..خذوه…

– بقلكم اختي وين! بلاش اكسر المستشفى ع راسكم كلكم….اختي اللي عملت الحادث…
اجى الدكتور مع الممرضة…
– خير؟ مالك؟ ليش بتهدد الموظفين؟ااااه! انت اخو المريضة جمانة؟! تبعت حادث السير…
كيماوي كان يتنفس زي التور الهايج…نظراته جاوبت عنه…
– ااه؟! أنا أخوها….احكي يزلمة شو صاير معها بلاش ازعلك…
– لا حول ولا قوة الا بالله على هالجيل، يخي انا طبيب المفروض تحترمني….
– أنا بحترمش حدا، و مش وقتك هسا…. احكي…
الدكتور مغلوب على أمره من تصرفات كيماوي..ما بيزبط يتقاتل مع المرضى كل يوم…لإنه مش رح يوقف مشاكل بعدها…الشغل بالمستشفى الحكومي متعب…
– اختك تعرضت لكسر بالحوض، و عندها نزيف داخلي، و في ضربة على عينها اليسار احتمال تفقد البصر فيها….
كيماوي صار يتنفس بسرعة و عيونه صارت حمرا…مسك الدكتور من قبة المريول….
– يعني رح تموت…أختي رح تموت؟ إحكييييي
عصب الدكتور و بعد كيماوي عنه،
في شرطي واقف لاحظ اللي صار، إجا يقرب أشرله الدكتور بإيده ما في داعي…
– يزلمة انت مجنون؟! كيف يعني حكمت أنها رح تموت..!
شد كيماوي الدكتور لعنده و عبطه..صار يبكي….الممرضات حسوا بوجعه….رفع الدكتور ايده و شد عليه…
– ما تخاف عليها، هينا عملنا كل اشي بنقدر عليه…
– بالله عليك ما تتركها تتوجع…هاي جمانة الغالية…أوعك تخليها تموت….صحيح!
صار كيماوي يتطلع حواليه…
– وين زينة؟! كان في معها طفلة صغيرة اسمها زينة….جمانة كان معها بنت صغيرة وينها؟!
استغرب الدكتور…
– بنت صغيرة؟! ما وصلنا أي حدا معها….
اتطلع الدكتور بالممرضات، هزوا براسهم بالنفي…
ضرب كيماوي كفوفه ببعض…
راحت البنت…راحت زينة…..
طلع يركض من المستشفى مش عارف من وين يبلش، لقي حاله بروح لموقع الحادث…

– هذا بابا اللي قاعد هناك شكله في موشكلة كابيرة مع نفر كفيل….
همس الهندي للمصري اللي جمبه…
– يا عم دا الأردنيين دمهم حامي و ما بيعرفوش يتفاهموا مع حد….بس قلبهم طيب جدا جدا بص عليه الزاي بيعيط من أول ما جابوه الإسم…
– بس هو نفر شجاع يضرب كفيل، أنا في بس ييطلع من هون في يضرب كوفيل وعيلة كوفيل كولها…
اتطلع الموقوف المصري بمهيب، حس بعاطفة غريبة تجاهه و حس إنه من واجبه يهديه…
– خير يا عم الحج، مالك كدا بتعيط من أول ما جيت! إيه اللي حصل معك…
رفع مهيب راسه و هو بيتطلع بمكان بعيد كتير عن الشب المصري..
– بدي بس اتطمن على زوجتي و بنتي، عملوا حادث و ما بعرف عنهم إشي..شفت…صورة….
تزكر مهيب الصورة…صورة زيزي و هي بتنزف…صار يبكي بزيادة…
– شفت صورة بنتي بتنزف..
اتجمعوا الموقوفين حوالين مهيب…شكله ابن ناس و عالم و محترم، اتعاطفوا معه…
حس المصري باستفزاز…قام نادى على الوكيل…
– الراجل عاوز يتطمن على مراته و بته…حرام عليكم…هو على بعضه تلفون صغير…الله! هو ما فيش رحمة؟!
انفتح الباب…
– مهيب…مهيب عبد الجبار…وينك؟!
قام مهيب بسرعة عن الأرض…مسح دموعة بكمه…
-أنا…أنا مهيب…

حط كيماوي ايديه على جبينه و فتح عيونه من الصدمة…
الونش بيسحب سيارة جمانة…الناس في منهم راح، و في منهم لسا عنده فضول و رح يبقى لآخر لحظة….

لاحظ واحد من الموجودين تصرفات كيماوي..
– عفوا! يا شب..انت بتقرب للصبية اللي عملت الحادث…
التفت عليه كيماوي و كإنه ربح مليون دينار…
– اه أنا! أنا أخوها….وين البنت الصغيرة! وين زينة..شفت بنت صغيرة!؟
– اه اه ما تخاف…هيها بالمستشفى….و عشان اطمنك..الشرطي اشترالها دبدوب..
دمعت عين كيماوي…مشي و هو بيحكي مع حاله…
نادى عليه…
– بس…
– بس ااايش؟
– البنت رجلها متدمرة….أخدوها على مستشفى الأمير هاني…

سايق الونش و هو بيربط السيارة على ضهر الونش…حط الحبل الأصفر العريض من جوا السيارة لبرا….كان سامع صوت غريب زي كأنه رجاج تلفون….الصوت مزعج و ما بوقف…
اتطلع حواليه، حس إنه في إشي جوا السيارة…
مشي بعيد عن الناس بالونش…..صفه على اليمين…اتسلق لفوقه و دخل على الباقي من غرفة السيارة..بعد ما قصوها الدفاع المدني….دخّل ايده بصعوبة جمب المقعد و الهاند بريك…ارتسمت على وجهه علامات الفرح….تلفون جمانة…صار معه…طفاه و حطه بجيبته….وكمل طريقه…و كأن شيئا لم يكن…

نزل مهيب التلفون من على ادنه، تلفون الشرطة…
كان منهار و لسا الكلبشات بإيده..،
-كان يرن و هلأ فجاة صار لا يمكن الاتصال به…ابصر شو صار..لا حول ولا قوة الا بالله

مهيب كان قاعد بمكتب الضابط….قباله قاعد نواف مدير المشاريع….و كاين يشرب قهوة مع الضابط
– شوف يا مهيب، السيد نواف قرر إنه يسامحك. و ما يخليك توصل للجنايات..بشرط واحد بس…
اتطلع مهيب على الضابط، ما قدر يتطلع على نواف…
– أنا بسامحك الحين ولا بتراجع عن المحضر بعد… بس المقابل إنك بتتنازل عن كل حقوقك الشخصية في الشركة، يعني تطلع من هني و ترجع للأردن بدون رجعة،
شد مهيب على حاله…على الظلم اللي اتعرضله….على كل شي سيء عم بمر فيه….
اتطلع بنواف….
هز نواف كتافه بطريقة النفي…
– يعني انت تريدني بعد الإهانة اللي تعرضتلها بين الموظفين أسكت لا و أسامحك بعد و بدون مقابل؟

وقعت دمعة ذل من عين مهيب…هز براسه..وافق…
المهم يخلص من هالورطة…المهم هلأ يطلع للأردن….يلحق بنته و مرته….

شهق كيماوي و هو بيركض على بنت أخته زينة….
– يا خالو يا حبيبتي…..أنا إجيت ما تخافي…زيزي حبيبتي….تعالي بحضن خالوا…
كانت بحضنه قد النقطة بالزبط من ضخامته…
زينة كان تحت عيونها أسود، بإيدها اليمين في ابرة و ايديها اليسار ضامة دبدب بس عيونها فيهم دهشة غريبة،
لاحظ كيماوي رجلها الملفوفة….ضمها بزيادة….
– حبيبة قلبي….

حمل مهيب شنتته و سكر وراه الباب…نزل على المسؤول عن شقق الموظفين…سلّمه المفتاح…
طلع بالتكسي…باتجاه المطار…

الحج خميس راكي العكازة على الحيط، و ساند راسه…بالمستشفى…كيماوي طمنه عن زينة…
– يا رب…يا أرحم الراحمين، إنت أخدت بنتي يارا قبل سنتين…يا رب، خليلي جمانة…يا رب أنا ما بعترض على حكمك…بس أنا ما ضللي اشي بهاي الدنيا..يا رب انحرق قلبي و قلب أمهماعلى يارا…لا تحرق قلبنا على أختها كمان…يا رب…
من بعيد إجت ميلينا الشغالة الفلبينية عم بتجرالحجة أم جمانة على الكرسي المتحرك…
أول ما وصلت لعند زوجها الحج خميس صرخت…
– ليييش! ليش ما حكيتلي؟! هي مش بنتي كمان…
رفع الحج راسه بإرهاق و اتطلع عليها…
شافت وجهه ما قدرت تلومه أكتر…
– وينها؟! وين بنتي؟ احكي؟
دمعة الرجال الكبير صعبة…و خصوصا لما تكون ملامحه متل الحج خميس اللي كلها طيبة وتجاعيد…
– أنا ما خبرتك عشان السكري اللي معاكي…انتي لسا ما طبتي من عملية بتر رجلك كيف بدك ياني أصدمك؟!
– يخي انشالله أنا بموت بس احكيلي كيف بنتي؟ اتركك مني أنا مشان الله احكيلي…و زينة شو صار معها؟! زينة بأي قسم؟
قاطعهم الدكتور…اتطلع فيهم…لاحظ مباشرة الوضع الصحي تبع الحجة أم جمانة…
– حج خميس ممكن نحكي شوي على انفراد….
مدت الحجة ايدها و مسكت إيد الدكتور…
-لا…هي بنتي كمان بترجاك تحكيلي يا دكتور…
سرق الدكتور نظرة من الحج…الحج ما عنده حل تاني…هز براسه هزة معناها إحكيلها..أمرنا لله…
– بنتكم جمانة خسرت الجنين، و حالتها اتدهورت…رح ننقلها على الإنعاش….
حطت الحجة ايديها على وجهها..صارت دموعها تنزل من بين كفوفها….
– بعرف إنه الموضوع صعب، بس خلوا ايمانكم بالله كبير…إحنا بدنا نوقف النزيف ومن هون للصبح ببين كل إشي….

قبل سنتين بنتهم يارا ماتت هي و بتولد بعامر….حفيدهم اللي عايش معهم هلأ و هو أصغر من زينة…أبوه تخلى عنه و ما سأل فيه..
لسا ما تجاوزوا المحنة لليوم، و خوفهم على بنتهم طبيعي يكون أكبر…
قام الحج بصعوبة و قرب على الحجة..قرب حتى يخفف عنها و يضمها…
– بعد عني ما بدي منك اشي…بعد عنيييي…..
ضمها غصب عنها…
– بعد عني مشااان الله…
انهارت بين ايديه…
تردد الدكتور قبل ما يتركهم و يكمل طريقه حتى يكمل إجراءات العلاج….مسح دمعته و هو كرهان مهنة الطب…كل يوم عنده مأساة…

خلص مهيب تفتيش، الطيارة بدها نص ساعة للإقلاع….
جرب حظه لعل وعسى يرد عليه حدا…رن على كيماوي…
فتح كيماوي خط بسرعة…
– وينك يا رجل! الدنيا قايمة قاعدة بالأردن و إنت ولا عندك ولا عند بالك؟!
– محمد…طمنني عنهم..مشان الله احكيلي إنهم بخير…
سكت كيماوي شوي….مش وقت عتاب…
-جمانة تعبانة كتير، و زينة هيني معها..كل وحدة بمستشفى….زينة عندها جرح قطعي برجلها عند الكاحل…
– افتحلي كاميرا على زينة يا محمد الله يخليك…ابوس ايدك….
كبس كيماوي على زر الفيديو…
شاف مهيب زينة و حالتها…ابتسم و الدموع نازلة شلال…
– بابا…حبيبتي…زيزي؟! موجوعة يا بابا! يا ريت أنا و لا إنتي….يا ريت أنا و جسمي و وروحي ولا تنزل منك نقطة دم…لا تخافي حبيبتي…كمان شوي جاي لعندك…..لا تخافي…
سكر كيماوي مكالمة الفيديو،
– مهيب، رن على أبوي، هيو عند جمانة…
رجفت إيد مهيب و هو بطلع رقم حماه…
– عمي…طمني على جمانة…أنا هيني رح اطلع بالطيارة…حاولت اتصل فيكم كتير….
– ااااخ يا عمي، مش عارف…مرتك بين الحيا و الموت….تعال يا عمي، تعال و شوفها ما بعرف شو أحكيلك بس الجنين توفى، و هلأ نقلوها على الإنعاش….
صرخ مهيب بنص المطار…
– يااااا رب….يا رب….

طلع أبو عاصم يركض على درج بيتهم فتح الباب بعصبية…
عاصم قاعد مع أمه و التنين مصدومين….أم عاصم وجهها أحمر…
– شو عملت يا ابن الكلب! ليش سيارتك مخبوطة؟! احكييييييي شو عملت؟!
تخبى عاصم ورى أمه….
-والله يابا مش قصدي….والله….
هجم أبو عاصم على ابنه..صار يضربه…
– يعني عامل مصيبة؟! عامل مصيبة!!! شو عملت ولك احكي الله لا يوفقك…
– خلاااااااص رح يموت الولد بين ايديك..ابعد عنه….
– ابعد عنه؟! الله لا يوفقك ولا يوفقه…. ما هي تربايتك اللي….تربايتك اللي وصلتنا لهون!
اخوات عاصم البنات كانوا يبكوا و هم متوقعين من البداية لما يجي أبوهم شو رح يعمل بأخوهم…بيتفرجوا من ورا الباب….
– ولك احكي شو عمللللللللت!
بعّد عاصم عن أبوه و تخبى بالزاوية….صار يبكي من الخوف…
– خبطت سيارة….خبطت سيارة يابا و اللي فيها يمكن……يمكن ماتت….
تعبى وجه أبوه دم بوجهه….
– شوووووو!!!!!!! الله لا يوفقك يا ابن الحرام….قتلتها يعني؟!
صار أبو عاصم يلف يمين شمال و هو بيلطم…
– حرام عليك….أنا عمري ما أذيت بني آدم…حرام عليك ضيعتنا كلنا الله يغضب عليك…..شو بدنا نعمل هسا! شو بدنا نعمل؟! وين صار الحادث؟ إنت عارف إنه الشرطة كلها بتكون قاعدة تدور عليك؟!
ركض أبو عاصم على الشباك…تفحص الشارع….
هات مفتاح السيارة….هات يا زفت….هات يا ابن الكلب….رجف عاصم و مد ايده بحذر…
– السسسسيارة لللما عععملت الحادث ما كان عليها نمرولا أرقام……..بس أخمس دايما بفكهم….
-كاين تخمّس و تفحط؟ حسبي الله و نعم الوكيل…يا خسارتك بس…..
اخد ابوه المفتاح و نزل عالشارع، صار يتطلع حواليه بخوف… شغلها وحركها بصعوبة و نزلها على كراج العمارة….دخلها على آخر موقع ممكن يصف فيه ورا الخزانات…. و حط عليها شرشف كبير….
ضرب الباب بقوة، الكل رمش من الخوف…كان الأب عبارة عن كتلة غضب…
– اسمع يا ابن الكلب…بتضب أغراضك و فورا بتسافر عند خالتك ع لبنان…ما بدي أسمع عنك خبر…بتدفن حالك هناك لبين ما نخلص من هاي المصيبة…..و أحكيلك؟ بديش أسمع عنك ولا اشي…
حكاها أبو عاصم و حس بغصة..مهما كان بضل أب…غصة أب ربى وتعب و شقي….و بالآخر إبنه داير بالشوارع بلف مع صحابه..بشوف ولاد أخوه وين صاروا، ولاد الجيران اللي كل واحد عينه بكتابه و دايرين بالهم على مستقبلهم..حتى إخوات عاصم كل وحدة منتبهة على جامعتها و مدرستها…بس هو الوحيد اللي مصمم يكون هامل..
ركض الأب الهايج على غرفته…فتح الدرج اللي جمب راسه محل ما بنام….طلع مسدس…طلع ماسكه…و بده يحطه وراه….
الكل ارتعب….لمح الأب بناته التلاته خايفين و متخبيين ورا بعض…
– لازم نكون متأهبين لأي ردة فعل من أهل البنت…وانتوا!!!! بسرعة إلبسوا و على دار عمكم أبو حسام بالزرقا…لبين ما يهدا الوضع…ما بعرف مين هاي البنت اللي ماتت احتمال أهلها يكونوا من عشيرة كبيرة….
– بس بابا! جامعاتنا و مدارسنا هيك رح نصير بعاد عنهم؟
– بديش اسمع كلام دبروا حالكم…يلللاااااا
ما حدا ناقشه…الكل ركض و بلش يجهز أغراضه..
– الله يغضب عليك، دمرتنا…..وهو الدلع شو بجيب بالآخر؟ اللي أمه مربيته على الرخاوة و مياعة الدم شو بده يطلع منه…
اتطلع بمرته خبت وجهها…ياما وقفت بوجهه وقت العقاب، ياما كسرت كلمته في سبيل ترضي إبنها…

قعد الأب المكسور على الكنباية…بفكر لو سلم ابنه للشرطة شو رح يصير فيه…بالنهاية هو ابنه كمان….

أشهر محل شعبي في جبل اللويبدة يغلق أبوابه للمرة الثانية منذ أربعين عاما بسبب إصابة ابنته و حفيدته بحادث سير مروع، يذكر بأن الحج خميس المشهور في الأردن قد فقد ابنته قبل عامين….
نزل مهيب تلفونه و اتطلع على سواق التكسي…
– وصلنا استاذ…الحمدلله على السلامة…
مشي باتجاه باب المستشفى…
شاف أمه مبتسمة….
هز براسه حتى ما يفكر بإشي….
الله يرحمك يمّا…الله يرحمك تعبتيني بعدك…
وصل على باب الإنعاش…
رجليه صارت تقيلة….صار يجر حاله بصعوبة، قلبه بيخفق و هو عارف المصايب اللي رح يلاقيها….
نزل شننته و هو بيتطلع بالحج خميس و حماته…نظراته كانت حزينة و مستسلمة….
ركض عليهم و ضمهم….ضم الحج خميس اللي بعامله زي أبوه بالزبط…الحج خميس بيحكي دايما أنا عندي ولدين…محمد و مهيب…
نزل على رجليه لعند حماته…باس ايدها…
– طولي بالك يما، طولي بالك حجة….
– تعبانة يا مهيب، تعبت….
– احكي الحمدلله،
صار يتطلع مهيب حواليه…
– وين الدكتور؟
– هيو هناك، المسكين ما قبل يروح قبل ما يتطمن عليها…
مشي مهيب لعند الدكتور،
– السلام عليكم، أنا زوج جمانة..المريضة اللي بالإنعاش من حادث السير…
وطى الدكتور راسه…
– الحمدلله على السلامة بعرف إنك اجيت من السفر…تعال معي، خلي الممرضة تعطيك مريول الزوار حتى أدخلك عليها…بس لو سمحت، دقيقة وحدة بس و ما تلمسها…
اتطلع الدكتور بمهيب…شد ايده على كتفه و تركه شوي مع جمانة…
الدموع بالمستشفى بتنزل تلقائيا حتى لو كان مع اللي بتحبه سخونة بس…
جمانة كانت بين الأنابيب و الإبر و الأجهزة…
اتطلع فيها مهيب، حط ايده على تمه زي البردان اللي بينفخ فيها حتى تدفى….انبح صوته من الزعل…
– جمانة…
جمانة بعالم تاني….
تزكر مهيب اللحظة اللي حظ بإيدها الخاتم قبل كم سنة…لما الكل كان حواليهم و مبسوطين و بغنولهم….شعرات جمانة كانوا نازلين على جبينها وقتها و كانت بفستانها الدهبي اللميع….كانت مبتسمة من جوات قلبها….و بتطلع فيه بحنية…ايديها الناعمة اللي كانت تصحيه كل يوم عالشغل…عيونها الخضرة و هي بتبكي آخر مرة قبل أربع شهور لما سافر عالكويت حتى يأمنلهم عيشة أحسن….
– جمانة…حبيبتي…بترجاكي لو سامعتيني…كوني قوية…كوني قوية عشاني و عشان زيزي…عشان أمك و أبوكي…لا تحرقي قلوبنا….حبيبتي بدي ياكي تصحي و نرجع على بيتنا مع بعض….
ما في أي حركة باستثناء جهاز دقات القلب….اللي فجأة بطل متقطع…صار خط كامل….شهق مهيب…
الدنيا كلها بالعرض البطيء، الدكتور و هو بيبعده عشان يقدر ينعشها….
الممرضة اللي بتسحبه من إيده حتى يطلع لبرا….
عيون الحج و الحجة و هي بتتوسع باللحظات اللي كل الدكاترة فيها عم تركض للإنعاش حتى يلحقوها….
رجع مهيب للحيط، سند راسه زي المشلول…سحل ضهره و قعد على الأرض…
كان مصدوم مش قادر يصدق إنه فعلا هيك عم بيصير….
مش قادر يتخيل إنه مبارح كانوا فاتحين كاميرا طول الليل و بيضحكوا و بيحكوا سوا و هي اهدته أغنية و هو فرجاها علبة العطر اللي اشترالها ياها لإنه بحب ريحتها عليها….
رفع راسه…استغرب…
شاف شخص من بين الناس جاي عليه…مش المفروض يكون بهاي المستشفى أبدأ!

 

الجزء الثاني

Suhaib Albakkar
مرحباً انا صهيب ، مختص في السوشيال ميديا والتسويق الإلكتروني وتصميم المواقع الإلكترونية وإدارتها وتطويرها وتصميم الفيديو والإعلانات اتمنى لكم مشاهدة ممتعه لحسابي ومقالاتي .