قصة عمو الجزء الثاني (٢) – رعب للكبار فقط للكاتب محمود ملص

تحذير: يحتوي هذا الجزء على ألفاظ و عبارات مواقف قد تكون مزعجة للبعض، يرجى توخي الحذر

ما في أسوأ من إنك تحكي كلام خطير و تدير وجهك و تمشي…

أم أحمد طلعت متل غيرها،

حكت الكلام المخيف عن سيف…….تركتني و راحت…

أو بالأحرى هربت، حتى ما تضلها جمب الكارثة الموقوتة على كلامها!..

بقيت أنا و سيف….لحالنا…

بقيت بدون وسن عم بواجه الحياة….و صار لازم آخد قرار،

يا إما برجّع سيف لصفوان أبوه… اللي هو أولى فيه و بتربيته، و بخسر كل ما أملك…برجع للدراجة و المطعم و الديون…بس هالمرة ما في معي حدا يصبرني..ما في وسن اللي كانت بتهون علي…

يا إما بتحمل و بسكت…و يكون قلبي قوي لحتى أواجه اللي جايّ….

قصة: عمّو

الجزء: الثاني و الأخير

تأليف و كتابة: محمود ملص

مر تلت أسابيع،

و البيت ما في أي روح ولا حياة…

جبت تخت سيف و حركته لعندي….حطيته من جهة ما بنام،

النومة اللي بتخليني ما اطفي ولا ضو…و أنا حاسس دائما بخوف من جوا…

انعزلت عن العالم،

تعودت أغيرله الحفاضة…عرفت انه بحب الحليب اللي فيه دسم كتير…

نوعا ما بلشت أحس إنه مهما كان فهو طفل…

ما إله ذنب باللي هو فيه…

سيف كان طفل هادي جدا، حتى بالليل ما بيبكي زي باقي الصغار..

لما بحممه بحاول ما أتطلع على الوشوم، ولا على أدانه…

بالمناسبة كانت الجروح على ضهره اللي سببتها البسة…. بلشت تختفي…

كنت افتحله الشبابيك و اهوي البيت…بس كنت أحسه بعالم تاني…

بكل لحظة بيخطر ببالي مليون سؤال، كيف رح تتقبله الناس عنا بالأردن؟! نحنا ازا واحد كان عنده اي مرض أو كان من ذوي الاحتياجات الخاصة الناس ما بتتركه بحاله…كيف بكرا لما بده يكبر و يطلع عالشارع..لو قص شعره مرة الناس فورا رح تلاحظ ادانه اللي شكلها غريب و مخيف..

بقينا شهر منعزلين عن العالم…

وجهي بوجهه طول اليوم…

المكان الوحيد اللي بنطلع عليه هو السوبر ماركت…

بحمله بالليل و بنروح متخفيين، نظرات الجيران و الجارات ما بترحم…

هدول الناس اللي بقتلوا بسس…

هدول الناس الغريبين…

ركبت كاميرات مراقبة برا و جوا الفيلا…

كان لازم، لازم يكون في اشي يوثق اللحظة اللي رح أموت فيها…

هاي اللحظة ما كانت تغيب عن بالي…لإني كنت حاسسها قريبة كتير…

موتي رح يكون بسبب سيف..

بيوم كنا بالسوبر ماركت…الساعة 2 الفجر…

حاطط شوية أغراض بالعرباية… الموسيقى هادية و يادوب في كم متسوق و نحنا بس…

سيف مثبته بمقعد عرباية التسوق…وجهه لعندي…

لبّسته طاقية كبيرة قبل ما نطلع…

كنت منزعج بس ما بعرف شو السبب..

يمكن من الكاشير اللي مفكرني عم بسرق…

انشغلت لمدة ثانية…عم بشوف تاريخ صلاحية اللبن…

لفيت وجهي على سيف…

لقيته ماسك كيس تغليف فيه مرتديلا و بياكل فيها بطريقة وحشية…

استغربت كيف مد ايده و اخده…

خفت يتشردق…أو يلفت نظر…مديت ايدي حتى اسحبه من ايده..

رفع عيونه و اتطلع فيني بنظرة….حسيت حالي مشلول..أو ب حلم مخيف مش قادر اصحى منه…

شدها لعنده..

كان مستعد يعمل أي اشي…حتى يكملها…

لدرجة إني تخبيت معه بزاوية لحتى خلصها كلها….

نص كيلو…مرتديلا…لطفل باعتباره لسا عايش عالحليب و السيريلاك……معدته ما بتستقبل الا حليب و مشتقاته…

الصوت اللي طلع منه وهو بياكل كإنه جواه في طفل مراهق جوعان من اسبوع…

عالكاش حاسبت حتى على كيس المرتديلا، عملت حالي أنا اللي أكلته… طلعت اركض للبيت…

أنا مش سوبر مان، أنا بخاف عادي مش قوي لدرجة إني عم بشوفه بيتطور…

عالباب…و أنا عم بقرب لقيت عادل مرزوق، مدير فرع بنك الاتحاد…

للوهلة الأولى ارتبكت…

لف وجهه علي و أخدني بالأحضان…

– هههههههه إلك وحشة يا مجد…وينك غايب يا رجل….

ما عرفت أجامله…فتحت الباب…

– هات هات اساعدك بالأغراض…و كيفوا سيوفي حبيبي…كبران…يختي ما ازكاها الحلوة…

حطيت الأغراض على الأرض…تعابيير وجههي كانت بتشرح لعادل إنه إنت مش مرحب فيك..

عادل أخد مني سيف حتى يلعب معه….

أخدت نفس طويل، و فجأة خطرلي إشي غريب…أنا ما حكيت لعادل عن مكان سكني….حسيت بشعور سيء…

قاطعته فجأة…

– عفوا سيد عادل بس شو سبب الزيارة؟

الابتسامة المزيفة كتير كانت واضحة عليه…

– له ههههه الله يسامحك…بتطمن على أخو صديقي…و على ابنه…

– الحمدلله، هينا بخير…إنت ملاحظ إنه الساعة تلاتة و نص الفجر؟! في حدا بزور حدا بهالوقت؟ من كل عقلك جاي تطمن عليه هلأ؟!

اتطلع عادل على ساعته الروليكس…عمل حاله مصدوم بالوقت…ضرب جبينه من المفاجئة..

– أوووف هههه تصدق؟! ولا منتبه على الوقت ازا هيك خليني ألحق أروح أنام..عندي دوام بالبنك….

فتح الباب حتى يطلع….رجع خطوة لورا…اتطلع فيني…

– اااااااه شايف؟ تزكرت سبب الزيارة…يا رجل في إلك حوالة من أخوك صفوان…صارلها أكتر من أربع أيام….أنا أودعتها بحسابك…و عفكرة…المبلغ اللي صار بحسابك صار رقم كبير كتير….بنصحك تبلش تشوفلك استثمار ضخم…و ازا حبيت…بساعدك…بدي خدمة تحرز…

انهارت أعصابي…ما بعرف شو اللي صارلي…بكيت متل المجنون…

– يزلمة أي زفت مصاري…أنا بشو و إنت بشو…حلو عني انت و صفوان..أنا تعبت خلص….بعدين وينه صفوان اللي عأساس خايف على إبنه؟ وينه؟! مفكر إنه اشتراني بالمصاري؟! صراحة؟ اه اشتراني..و خلص..ما بدي أكمل….بدي أنهي كل شي بأقرب وقت…

سكر عادل المصدوم الباب و رجع لعندي…

– لا يا رجل، إنت شو قاعد بتحكي…شو بدك ترجع سيف و هالخرابيط؟! إنت هيك رح تبعته على موته..صفوان قاعد بصفّي كل شغله هناك و بيستنى اللحظة اللي يقدر يهرب فيها..إنت ما بتعرف شو المصايب اللي أخوك واقع فيها…هو لو ما بيوثق فيك ما كان حوللك شقى عمره…إنت ما بتعرف صفوان أكتر مني…

مسحت دموعي و انفي بكمي…أخدت نفس..

– أنا لازم أعرف كل شي بالتفصيل منه..حتى لو بضطر أسافر لعنده….

وطيت صوتي حتى ما يحس سيف بإشي مع إنه صغير..همست لعادل…

– أنا عايش معه غصب عني…عارف شو يعني غصب عني! أنا كرهته…الولد فيه اشي غريب!

ارتبك عادل ..انسحب بهدوء و طلع من البيت…و هو لافف وجهه نزلت قبّة القميص اشي بسيط عن رقبته من ورا…لمحت بآخر ثانية قبل ما يختفي وشم….حبة الفراولة!

هاي الحبة كان شكلها غريب…مرسوم بخط أسود بدون أي ألوان…

لف وجهه و ابتسملي…اشرلي بإيده…خليك قوي…

سيف بهديك الليلة ما سكت…

بكا..بكا بطريقة مزعجة…رضعة الحليب ما قبل يحطها بتمه…

لأول مرة بغلبني بالنوم…بالعادة أموره هادية و طبيعية…

كنت عم بتأمله و بشوف الإنزعاج على وجهه…

أكيد كان ممغوص من النص كيلو اللي أكله بالسوبر ماركت!

– خلص يا عمّو…خلص بالله عليك بدي أنام..أنا تعبان…شو أعمللك أكتر من هيك؟!

نظراته كانت عميقة…مش زي أي طفل…كنت بحسه فاهم كل إشي بدور حواليه….

– شكلك حبيت المرتديلا؟!

فجأة سكت!

– بدك مرتديلا؟! بتحكي جد؟ لا يا عمّو مش منيحة إلك….

رجع بكي أعلى من الأول…

حملته و رحت للمطبخ…فتحت التلاجة….

– شو بدك هاي التلاجة كلها قدامك!

سمعت فجأة صوت رجلين ركضت على أرضية الباركيه بغرفة القعدة….

وقفت متسمر….

الصوت كإنه واحد حافي…

أقنعت حالي بصعوبة إنه أنا عم بتخيل…

سيف صار يمد ايده بلهفة للمرتديلا…اعطيته قطعة صغيرة ما قبل…

تفكيري مشغول بالصوت اللي اجى من برا…

سيف متمسك بالمرتديلا…وصار يتطلع لبرا لمكان الصوت…ابتسم!

صار عندي فضول، بدي أشوف لوين رح يوصل…كنت عم بتجاهل كل العلامات….

خلال ربع ساعة خلص كل العلبة!…..

و بدل ما يسكت صار يبكي بطريقة مزعجة….

كنت بحس إنه بيفهم علي…ردات فعله ذكية…فتحتله التلاجة مرة تانية…و هالمرة صار بده بيض ني!

بالأول انزعجت، بس الفضول خلاني أمشي معه…

كسرت بيضة جوا الصحن و قربتها منه…شربها كإنه بيشرب مي….كان مستمتع….بياكلها بنهم..

أول بيضة و التانية و الخامسة!

بلشت استوعب كلام أم أحمد…

سيف مش طفل عادي…

و أنا لازم اتصرف…مش رح استنى يبلش ياكل لحمة…

طلع الفجر و سيف غفي…النوم طار من عيوني..لسا في عتمة…و صوت الركض شاغل بالي…

ما عندي الجرأة إني أشوف من وين طلع هالصوت…و ما في حدا ساكن فوقي…ما في إلا سطح البيت…

الهدوء بشارعنا بهيك وقت مقرف…مخيف…

رحت لغرفة القعدة..الضو فيها يا دوب مبين..قعدت على الكنباية …مسكت موبايلي أقرأ أي شي…اتسلى…

فركت وجهي من التعب..

بعدّت ايدي…

لقيت قبال وجهي اشي واقف بيشبه البني ادم…كإنه وحدة كبيرة بالعمر…بس حجمها اصغر من البني آدم الطبيعي..

رجف قلبي من الخوف…اتطلعت قدامي مرة تانية برعب…ما لقيت حدا….

صرت أضوي بشاشة التلفون بخوف…كنت عم بلفها حوالي….

حسيت في إيد انحطت على كتفي…..رمشت..حاولت أتطلع بطرف عيني…..مال راسي على الكنباية….و كإني دخت…حسيت بهدوء تام…

صحيت الضهر….

نفس الروتين تبع كل يوم..

لقيت مخدات الكنباية على الأرض…المزهريات مكسرة….كإنه حدا سارق البيت…

تزكرت سيف!

ركضت على الغرفة…لقيته لسا نايم…بقرب منه حتى أغطيه….

حسيت بصدمة…

الولد فيه اشي متغير…

رجليه و ايديه طالعين برا الغطا تبعه…

خلال ليلة وحدة بس سيف طول 10 سم!!!

بدون وعي…مسكت تلفوني و رنيت على صفوان…

نفس الرسالة الصوتية….

اتضايقت، عصبت، انجنيت…

لازم يرد، لازم…

شديت على الموبايل كان رح ينكسر…

قعدت مقابل الشاشة و رجعت الكاميرا تبعت غرفة القعدة على حالي….

ما كان في اشي قدامي…

رجعتها اكتر مرة لقبل ما أدوخ بثانية…شفت ظل شفاف طاير عن الأرض مر قبالي، قرب لعندي و انا بلف الموبايل بسرعة حتى اضوي…

اختفى من يميني…بلحظة كان على يساري…..

أغمي علي…

بعدها صارت الأشياء تنرمي و توقع و تتكسر..

اندق باب البيت…ارتعبت….راح كل تركيزي…

مشيت للباب و رجلي مش حاملتني…اتطلعت من العين السحرية…

فتحت بسرعة…

المحقق اياد…لقيت حالي بعبطه….أنا وياه استغربنا…. حسيته الشخص الوحيد اللي بحياتي صادق…

حكيتله عن كل إشي صار مرة وحدة بدون حتى ما آخد نفس…دخلته على سيف و هو نايم…شفت نظرات عيونه و الخوف اللي صار جواه…

اتطلع فيي متل العاجز، بسنوات شغله كلها أنا متأكد إنه ما مر عليه شي متل هيك…

طلعنا على الحديقة…

ضليت ساكت و أنا حاسس بهم جبال فوق راسي…

– في طريقة أخليه بأي مكان بس يوم واحد؟ نفسي ارتاح…بطلت قادر…احكيلي لو في أي طريقة أساعد حالي فيها..

المحقق اياد كان لسا بفكر…

– مجد…أعطيني كل المعلومات اللي بتعرفها عن صفوان أخوك…أنا رح أساعدك بس بدون ما ألفت نظر…عندي صديق بالانتربول…رح أتواصل معه و أخليه يشوف شو يقدر يجمعلي معلومات عنه… و ما تخلي أي حدا…ركز معي..ولا حدا يعرف إنه قاعدين بندور على صفوان!

حسيت في طاقة أمل انفتحت…و أخيرا اشي رح يخليني أفهم الحقيقة…

– ما تقلق أنا…

المحقق اياد كان يحكيلي عن أخوي…و كيف رح يجيب معلومات عنه..

و في وحدة مرت من جمب سور الحديقة بالشارع…..راح صوته عني و ضليت أحاول أتزكر وين شفتها قبل هيك….

مألوفة جدا…أنا أكيد أكيد شايفها قبل هيك…و هي مكملة بطريقها..

يمكن صدفة…

صرخ إياد بصوت عالي….مجججد…..

اتطلعت للمكان اللي بيتطلع فيه و هو بيركض لهناك…

سيف على سطح الفيلا…الارتفاع كافي إنه لو وقع ممكن تنكسر رقبته…و يموت…

ركضت بسرعة وقفنا بالمكان اللي رح يوقع عليه…كان طبيعي ولا هاممه إشي…ردة فعله عادية ولا خايف من الارتفاع…قاعد بيزحف على السور…

اتطلعت فيه برعب…

-سيييييف..اوعك حبيبي….اوعك…ارجع لورا…ارجع مشان الله..

تحركت جواتي عاطفة جياشة…

حسيته ابني…حسيته ابني اللي لو وقع رح أخسره..اكشتفت إني بحبه….

صرخ اياد…

– انا واقف تحت لو وقع رح أحاول اتلقاه…..انت اطلع لفوق….حاول تمسكه من فوق يا مجد…ارررركض..

بدون وعي صرت أركض على الدرج…سمعت صوت حدا بيركض معي…اتطلعت حوالي فكرته إياد…بس ما في حدا غيري…

قبل ما اوصل لآخر درجة في حدا ضرب بأصبعه على كتفي مرتين…اتطلعت وراي…رجعت تطلعت قدامي…

نفس العجوز اللي لمحتها بالليل قبالي…

هالمرة ملامحها أوضح…

حسيت حالي كبرت بالعمر..حسيت طلعلي تجاعيد من الخوف…

وجهي صار يوجعني من الصدمة…

صرخت بأعلى صوتي و انكمشت على حالي…

غطيت راسي بستنى ضربة أو أذى…

ما كانت بدها أوصل لسيف…

في صوت بيطلع لما الحديد ينعجن و ينضغط…

سمعته بصوت عالي لدرجة كان رح يخزق طبلة أدني…رفعت راسي…

كانت هاي العجوز بتتعارك مع اشي خفي…كان عندها قوة فظيعة….ضلت تقاوم الكيان اللي بصارعها لحتى انضربت بقوة و انرمت بعيد عن باب السطح!

هاد الاشي اللي ضربها كان بيفتحلي طريق…أنا متأكد إنه ساعدني…

الموقف كله عم بيصير بتلت ثواني…

اياد عم بنادي من تحت…

استجمعت كل قوتي و ركضت باتجاه سيف…

وصلت لعنده…

لما شافني حب يلعب معي…

اجى بده يوقف…بالغلط….رمى حاله…

مديت ايدي حتى امسكه…مش هامنني لو أنا بوقع…هو طفل بالنهاية…

اختل توازني…سيف ضل مكمل طريقه لتحت…بس اللي صار أكبر من تخيلنا أنا و إياد…

هو فعلا وقع…بس كإنه بيوقع بالعرض البطيء!

اتلقاه اياد من تحت و هو مصدوك!……رجع فيه لورا شوي..حتى ما أوقع عليه…

سيف صار يبكي بخوف..بطل مبتسم…

اتعلقت بايد وحدة و بحاول ارجع اطلع…

الوقعة رح تكون مؤلمة جدا…

اصابعي عم بيفلتوا واحد ورا التاني…

عم بعصر حالي حتى ما أنصاب…ما بدي جسمي يتكسر و أصير رهين الفرشة…

و فجأة…

حسيت بإشي بشد على ايدي و بيسحبني…

زي اللي طالع بمصعد…في اشي رفعني بسهولة..كإني ورقة…

انرفعت من اشي مش موجود…

وصلت على السطح بسلام…

من الرهبة استفرغت…

اللي نزل سيف بسلام، رفعني…انقذني أنا كمان…

نزلت لعند اياد…اتطلعت بسيف…

وقعت على ركبي…

-خلاااااااااااص مشااااان الله…أنا مش حمل…خلاص…خده معك….

إياد كان مصدوم بطريقة مش عادية..عيونه متوسعة….و لسا بحاول يفهم كيف ايدي انرفعت و انسحبت منها لبر الأمان!

لسا بحاول يفهم كيف فيزيائيا نزل سيف على مهله…

بقينا ساعتين بالحديقة بس بنتطلع ببعض…و بسيف…

– أنا رح أعمل زي ما حكيتلك..رح اتواصل معك بأسرع وقت….

تركني اياد و كنت حاسس برغبته إنه يطلع من البيت..و يبعد عنا…كنت عارف إنه مش رح يرجع مرة تانية…

اتطلعت على البيت من برا..ما كنت بدي ادخل…كنت متعب نفسيا، مرهق، كل شي عندي انضرب من المنطق لحتى الوعي…

حملت سيف و دخلت…

شلحته أواعيه…

صورت كل الوشوم اللي على ضهره..

حطيتها على شاشة اللابتوب…و بلشت ادور….

الوشوم كانت كتيرة و معقدة…

رفعت الصور على الانترنت…4 ساعات بحث و لا في اشي متصل بنتيجة البحث…

تزكرت الكلمة اللي كانت على فخدته…حاولت افتح على اكتر من مترجم….

ของฉันเอง

اكتشفت إنه معناها (ملكي لوحدي) باللغة التايلاندية…

نقزت…الباب اندق بقوة…

قمت بسرعة كنت مفكره إياد…

فتحت…

لقيت شنتة أواعي…و بأخرها واقفة أم أحمد…دموعها بعيونها…..

– أنا رح أبقى معه كرمال أحمد…ابني…الله يرحمه….

ما حكيت ولا كلمة…تركتها تدخل…حملتلها الشنتة…كنت من جواتي فرحان…على الأقل رح تونسني…أنا صرت أخاف أضل لحالي معه..صرت أخاف من البيت…صرت أخاف من كل شي حوالي…

وقعت عينها على سيف…

اتطلعت فيني و مسكت شنتتها…

فتحت سحاب صغير طلعت منه متر خياطة للقياس…

رجعت على سيف…اخدت قياس ايديه، قياس رجليه…هزت براسها…اتطلعت فيني بصمت…

– شو في أم أحمد؟! شو القصة…

تنهدت…ما جاوبت…

قربت منها بحذر…

– مشان الله، بترجاكي أعصابي تلفت..

– إنت طعميته لحمة؟ أو شي من مشتقاتها؟ ما بعرف لو هي الصدفة، أو القدر…أنا ما بدي ارجع لهالشغلات…بس إنت عم بتحزنني عليك…أخدت عهد على حالي ما أرجع بحياتي بهاد الشغل…بس لإنه المرة هاي الموضوع فيه خير…رح أعمله حتى لو كلفني حياتي…جاوبني؟ طعميته لحوم؟

اتطلعت فيها بيأس…

– ليش إنتي كنت تشتغلي هالشغلات للشر؟!

وطت راسها للأرض…

– الله غفور رحيم…الله غفور رحيم يا مجد..أنا تبت…بسبب هاد الشغل خسرت ابني اح….

مسحت دمعتها…و تغيرت ملامحها…

– جاوبني يا مجد..

– ااااه….كنا بسوبر ماركت…و اكل مرتديلا…

انخطف لونها…

رجعت للشنتة…طلعت معدات غريبة..أشياء بحياتي ما توقعت أشوفها موجودة بالأردن…

طلعت من بين الأشياء سكين شكلها غريب كلها زخرفة..حسيت بخوف…

بحركة غدر سريعة جرحت سيف من رجله…وأخدت نقط دم كتيرة…

تأتأت من المفاجأة…كنت بدي احكيلها ليش عملت هيك…

جاوبتني قبل ما أسألها…

– ما رح يخلوني اقرب عليه و معي سكين…كان لازم اخد نقط الدم هاي…

ما كنت متطمن بس ما في حل…

سكرت كل برادي البيت…و مسكتني من ايدي…

– اقعد و حطه بحضنك…

نفذت بدون تردد…

طلعت بودرة غريبة…رشتها حوالينا….ريحتها مقرفة جدا…اتطلعت فيي بحزم…

– مجد…مهما صار…لا تفلته….

حطت نقاط الدم على أصبعها و رسمت على الأرض نجمة….سمعنا صوت الرجلين بتركض بسرعة…

فجأة عيون أم أحمد انقلبت بيضا….و اتشنجت زي اللي الأكل ضربة على بطنه..صارت تطلّع فوق على السقف…

تغير صوتها…رفعت ايدها و صارت تخنق بحالها…

صوتها صار كإنه زلمة بيختنق…

– رح اقتلك يا خنزيرة…ابعدي عنهم…ابعدي عن ابنييييييي

أم أحمد كانت بتخنق حالها و بتهدد حالها…

تركت سيف و هجمت على أم أحمد كان واضح انه في اشي عم بخنقها و مش هي بارداتها بدها تموت حالها…

مسكت ايديها وصرت احاول ابعدهم عن رقبتها…شايفها بتطلع بالروح مش ضايل اشي و بتموت…لونها أزرق…رجليها متشنجة و ملوية…تحركت رجليها على النجمة المرسومة و مسحتها….

فجأة ارتخت ام أحمد و انفكوا ايدها….

سحبت نفس طويل كإنها رجعت للحياة..شهقت….فتحت عيونها على الاخر… و صارت تتنفس و تسعل…

– قلتلك لا تفلت سيف مهما صار…امسكه بسرعة…

قبل ما تكمل كلمتها…انسحب سيف من جمبي و طار بالهوا كإنه في حدا حامله و بده يسرقه…….انسحب كإنه بده يروح للغرفة التانية…

قامت أم أحمد و حكت كلام غريب…و صارت تصرخ و تعللي صوتها فيه…

طلعت من شنتتها عضمة كبيرة عليها طلاسم… رمتها على سيف…سمعنا صوت صراخ من ولا مكان….صوت مرعب…

وقع سيف كإنه حدا تركه و رجع صوت الرجلين كإنه راح يركض لبعيد….

حطت أم أحمد ايديها على رقبتها من الوجع…

أنا كنت برجف و مش قادر أوقف على رجلي…كنت مبحلق فيها…انتابتني مشاعر خوف و عصبية..

– شو اللي صار؟ شو اللللللي صاااااار ميييين هدول؟

صراخي كان واصل لآخر الشارع…

انفتح باب البيت…

دخل إياد و حامل مسدس…

– ايش فيه؟

صار يدور حواليه زي المجنون…

– سمعت صوت صراخكم….

اتطلعت أم أحمد بإياد…

– و انت مين؟! مفكر المسدس رح يفيد؟ نزله قبل ما تروح عليك…

اتطلع فيي إياد…هزيت براسي….المسدس ما رح يفيد باشي أبدا…

ضل إياد لمدة 30 ثانية متأهب…لحتى فهم إنه الموضوع مش تهديد من شخص حقيقي….شفت نظراته كيف تغيرت لما شاف نقط الدم على الأرض…

– مجد…بدي ياك ضروري…بدي نحكي بإشي مهم…

ارتبكت بزيادة، حسيت الموضوع مش مريح…وقفت معه برا البيت بحذر…

تردد إياد شوي…

– اياد احكي الله يوفقك رجلي بطلت تحملني….احكي و خلصني…

– مجد…بدي ياك تكون قوي…أنا عارف إنه الفترة الماضية ما كانت سهلة أبدا….و هاد الخبر اللي بدي أحكيلك اه سيء جدا…أخوك صفوان…لقوه مقتول بقصره….

البالون مصمم إنك تنفخه لمرحلة معينة بعدها بيصير الموضوع خطر..

أنا زي البالون…انتفخت بما فيه الكفاية…حتى الأمل بإني أرجع سيف لأبوه اختفى…

تزكرت شريط حياتي مع صفوان…

طفولتنا…

الركض بين الشجر و اللعب البريء…

تزكرت لما وصلته على المطار حتى يسافر لكولومبيا أول مرة…

تزكرت ردات فعله لما كنت اتواصل معه و كان يتجاهلني….

ما قدرت أبكي…

– مقتول؟! كيف يعني ؟ في حدا قتله؟ في حدا كان قاصد؟! هو حكالي عالتفلون أول مرة لما رجع يتواصل معي إنه حياته بخطر لانه عنده مشاكل مع العصابات…

وطى إياد راسه…

– بصراحة…

– بصراحة شو إياد؟ خلصني إحكي!

– بصراحة….القصة مش قصدة تهديد أبدا…..أخوك انتحر…

طلعت مني صرخة لا إرادية….لااااااااااااااااااااااا

طلعت أم أحمد من جوا…

فهمت كل اشي…عرفت إنه في حدا مات من عيلتي من ردة فعلي…

حاولت تهديني…

حسيت بحنانها…حطت ايدها على كتفي…و حكتلي كلام هدّاني…

بلآخر لما عرفت التفاصيل…. اقترحت اشي غريب…

– لو بدك تروح تدفنه..روح…خلينا أنا و سيف وروح…

اتطلعت فيها باستغراب..قلبها قوي…بعد كل اللي صار جوا..لسا أمورها طبيعية….موت ابنها على الأرجح خلى قلبها حديد…

.حاولت افهمها إني ممكن أروح بس يكون بعلمك هي المحقق اياد جبر موجود…

يعني أي شي بيصير لسيف..إنتي المسؤولة عنه…

هي كانت أذكى و أوعى من إنها تعمل اشي غلط….

عيوني كانت تترجى إياد إنه يساعدني…

– ممكن تخلي صاحبك تبع الانتربول يتدخل؟ خليهم ما يدفنوه لحتى احجز على الأقل و اوصل عنده؟!

تنهد اياد لإنه الطلب صعب…

– خليني أحكي تلفون…

أم أحمد طول الليل تقرأ قرآن و ترقي البيت….نظرة الدهشة ما كنت تغيب عن ملامحها…حطت تلج على رقبتها…

حضرت شنتة صغيرة يا دوب تكفي تلت ايام روحة رجعة…ما رح أطول…

في نية ببالي إني أدفن صفوان…بس في نية كمان أفهم شوية حقائق…على الأقل ألاقي إجابات للأسئلة اللي ببالي…

وصل إياد…زمرلي من السيارة…

طلعت معه باتجاه المطار…

اتطلعت بأم أحمد و أنا طالع…بالرغم من كل شي مريت فيه…سيف بعز علي…و بالنهاية هو طفل….

-ديري بالك عليه….

حط اياد إيده على كتفي…

– رح توصل تقريبا بعد عشرين ساعة على مطار بوغوتا/ كولومبيا….بقدر أخليهم يأجلوا الدفن 24 ساعة بس….عصمت هو صديقي اللي حكيتلك عنه بالانتربول… رح يكون بانتظارك هناك…ما تقلق..رح يكون معه لافتة بإسمك….بس مجد…بدي ياك تكون مصحصح…أخوك مات منتحر بسبب مجهول…و في احتمال كبير يكون في خطر على حياتك خليك صاحي…إنت بس رح تكون على الدفن و ترجع فورا…

هزيت براسي…

– مرحبا…أنا مجد…

– أهلا يا فندم و أنا عصمت…دا السيد إياد والله كان بيرن كل خمس دئايئ عشان يتطمن على حضرتك…أصيل البني آدم دا…

وصلت الطيارة بعد 23 ساعة طيران…كنت فارط من التعب…أعصابي مشدودة جدا…

عصمت شب مصري …اسمراني و جسمه جسم لاعبين كمال الأجسام…

وقفنا بالاستراحة لمدة خمس دقايق..

– دامي دوس شوكلاتيس سانتافيرينيوس….

اللي فهمته إنه بيطلب مشروب مشهور هناك…

– معلش بقا، أنا عاوزك تشرب حاجة حلوة قوي عشان تستجمع كل قوتك يا فندم…

– شكرا، شكرا عصمت…

– ها احكيلي بقا، تعرف إيه عن حياة أخوك صفوان…أنا مكدبش عليك اسمه كان بييجي كتير في القسم عدنا من فترة قريبة..خصوصا بعد ما حوللك تقريبا كل حاجة بيملكها…

اخدت نفس و رشفت من الكاسة الكرتون اللي معي…

– للأسف، إنت اللي رح تحكيلي يا عصمت عن أخوي…لإني ما بعرف عنده إلا الفتات…القليل القليل…

– ممممم أنا زيك بقا…معرفش كتير…بس اللي متأكد منه و متزعلش مني…أخوك كان زيييير نسوان…يعني ما خلاش بنت ليل تعتب عليه…طبعا بالإضافة للشرب و حفلات الجنس الجماعي…و تعاطي المخدرات…

قعدت استغفر ربنا بالسر…شفايفي تحركوا غصب عني بالاستغفار…

– ليش هو ما كان ما متزوج؟!

– لا متزوج دا ايه؟ ويلكوم إن كولومبيا…مع احترامي ليك يا فندم مين هي البت اللي حترضى بواحد كل يوم يقضيها مع تلت بنات مختلفات؟! و بأوضاع ما يقبلهاش حتى الكافر…

حسيت بخزي و بحيرة أكبر…

– ططططيب!

ابتسم عصمت….

– إنت حتسألني عن ابن اخوك اللي بعتهولك صح؟ ما تخافش أنا زميلي اياد حكالي عن كل حاجة..و زمانه زمايلي في الدايرة بيدوروا على أصل أم الواد الحقيقية….دي الوقت عاوزك تجمد حبتين..عشان احنا رايحين المشرحة…بعد كدا أنا حساعدك تخلص كل الأوراق الرسمية و نقدم على معاملة الورث…مش حتتأخر كتير أنا حقدملك على مذكرة للقاضي تخليه يحل كل الإشكاليات…

بلعت ريقي..

– توكلنا على الله…

ريحة المشرحة موت بحت…

انفتح باب التلاجة، سحب الممرض الجرار…اللي عليه جثة أخوي…صفوان…

نزلت دمعتي بهدوء….هاد مش صفوان اللي كنت اركض معه عند شجرة التين زمان و نضحك…

هاد مش صفوان اللي كان يحب بنت جيراننا و يبعتني مرة بيوم أوديلها رسايل مكتوبة….

هو بالإسم، و الملامح….بس مش صفوان اللي أنا أخوه كنت بعرفه منها…

جثته كانت زرقا، وجهه مخنق على الآخر…

طلبت من عصمت يسأللي كيف انتحر…

فجاوبه الممرض اللي واقف جمبنا إنه تقرير المشرحة بيقول…….

– شنق حاله…

نزلت دمعتي من القهر عليه…

طلبت منه خلص يرجعه….و بالفعل مد الممرض ايده و بلش يدفش بالجرار لجوا حتى يسكر الباب…

– لحظة!

مسكت الجرار بإيدي…

توتر الكل….

– عصمت! واحد مات منتحر شنق زي ما بيحكوا….ليش كل هاي الكدمات على جسمه! شوف الشرشف مبينه حتى بدون ما نزيحه!

ارتبك عصمت…

مسك ايدي و خلاني ابعد و هو شادد على سنانه…

– سيب كل حاجة دي الوقتي و انا هحكيلك برا…ما تعملش أي تصرفات تبين إنك شاكك بتقرير الوفاة…

انلجم لساني…حسيت بخوف…

طلعنا برا، حتى ياخدني عصمت على قصر صفوان…

كنت بتطلع على البيوت و الشجر…و مستغرب من ردة فعل عصمت…كرهته للحظة….إزا هو بالانتربول و بيحكي هيك معناها العدالة هون متبخرة…

– هنا يا مجد الحياة مختلفة جدا عن اللي تعرفها في بلدكم..تقرير الشرطة ما يتكدبش…الفساد هنا منتشر بكل الأقسام…و الشرطي الواحد لو ما ارتشاش يبقى مش هيوكل ولاده عيش…عشان كدة…لو اعترضت على نتيجة فحص الجثة..هتفتح على روحك نار جهنم….

حسيت برعب من كلامه…حسيت بقوة قلب صفوان اللي استمر ببلد متل هيك طوال هاي السنوات اللي مضت…كيف وقف على رجليه، و كيف عمل ثروة لو ما كان قد حاله…قلبه ميت!

وصلنا على القصر…

اشي صعب ينوصف، شكل البناء تجاوز حدود معرفتي بإنه في إشي متل هيك ممكن يسكنه الانسان…أو يبنيه…

كان قصر بكل حذافيره، من الأسوار العالية للشجر المثثمر للورد اللي على الجناب..شلالات المي….الطيور….

بتحس إنه تاريخه أقدم من 200 سنة…معلم أثري…

فتح عصمت باب كبير…

– تعالا يا مجد متخفش….

خطواتي صارت تقيلة….

حسيت بالضياع قدام ضخامة هيك مبنى…

مشينا بين الممرات و الغرف…

لو صفوان من زمان جابني لهون كنت مستعد أشتغل بالحديقة مقابل إني أعيش بهيك نعيم…

تعبت من المشي….

لفيت وجهي على عصمت بدي أحكيله خلص…بكفي لهون خلينا نطلع برا…..ما كنت مرتاح…

سألت حالي بسرعة أنا شو بعمل هون؟ ليش عصمت جابني أصلا؟ هو حكالي بده يفرجيني القصر عشان اتطمن إنه كل شي بمكانه…

أنا بيني وبين حالي كنت لازم آجي لحتى ألاقي لو إجابة وحدة بس على اللي بيصير معي أنا و سيف…

انصدمت!

لقيت عصمت حاطط ايده على مسدسه و بحاول يطلعه شوي شوي…

مشاعري تخربطت…ليش بيعمل هيك…

تغيرت نظراته….

” مع السلامة” حكاها بلهجة تونسية غريبة ما إلها دخل بالمصري..

قبل ما يكمل جملته الأدرينالين خلاني أهجم عليه و أحاول أمنعه يطلع المسدس..واضح جدا إنه بده يقتلني..

صرت أتصارع معه و أنا مرعوب من أعماق روحي…

شفت حالي عم بروح لعند وسن…للحظة كنت بدي استسلم….

أنا وياه ماسكين بعض بقوة…

صرنا نتقلب على الأرض…

وأنا صرت ابكي من الخوف…

شووووو بدك منييييي…..اتركنييي ليش بدك تقتلني…أنا شو عملتلك…

قاومت لآخر مرة قبل ما تروح كل قوتي…

مديت ايدي على جنب بدون ما أشوف…وقعت طاولة صغيرة عليها مزهرية…

انكسرت جمبي مباشرة…

بدون وعي، اخدت جزء مكسور….

غرزته برقبة عصمت…

أول طعنة و تاني طعنة و الدم بطير بكل مكان…

شوي شوي ايده صارت ترتخي و صوت التشخير بيطلع من أنفه و تمه و رقبته….

طلع نفس طويل و رفع عيونه….

مات على ايدي…

صرخت و بعدت عنه….

صرت أضرب بحالي..

أنا شو عملت! أنا شو خبصت؟! ضيعت حالي..أنا صرت قاتل خلص! هيك بسهولة!

رن تلفونه مسج نطيت من الخوف..تلفونه كان صامت…بس الرجاج فضحه.

الشاشة ضاوية قدامي…

مسج من إياد…

شدني الفضول…قربت منه…

علي….شو صار معك؟ تمت الامور؟ انجزت؟

لوهلة و من طيبة قلبي كل فكري بيسأله لو اتطمن علي…

رجعة بسيطة على المسجات…

بتخليني أكتشف مدى حقارة هاد العالم….

عصمت مش عصمت…هاد الميت إسمه علي!

و هو مش بالانتربول أبدا…

علي واحد من المرتزقة…و هو مش مصري أصلا!

شعور مؤلم، إنسان وثقت فيه بيبعتني على الموت…

بس هو شو مصلحته….

طلعت من المسجات…دخلت على الصور…

عادل مرزوق…

الست اللي حطت ايدها على كتف وسن بالبنك…

نفسها اللي شفتها و أنا بحكي مع إياد بالحديقة قبل ما يوقع سيف…

المربية اللي جابته على المطار…

المحقق إياد…..

و أشخاص كتار ما بعرفهم…كلهم…بنفس الصورة!

قعدت جمب جثة علي المشوهة….اللي كان…عصمت المفروض…

ضربت راسي بالحيط من التوهان…الدنيا كلها بتلف حوالي…

سمعت صوت ركض الرجلين الحافية جاي باتجاهي…

بنفس الطريقة اللي تشنجت فيها أم أحمد…

تنشنجت جثة علي…

بعدت عنه بسرعة و بصرع…

عيونه انقلبت بيضة…انرفعت ايده…صار يأشرلي على الغرفة البعيدة بآخر الممر…

أحباله الصوتية كانت مقطوعة من الطعن…

كإنه صوت حدا بيهمس و بيصفر بنفس الوقت…

بتسمع منه صوت حرف الحاء و حرف السين…

كان واضح إنه في إشي تلبسه…بالرغم من إنه ميت….

بس طريقة تأشيره خلتني أحس بأهمية الشي اللي بده ياني أعرفه…

مش هو اللي بده ياني أعرف…الاشي اللي تلبسه….

رجع علي فجأة جثة هامدة على الأرض…

تطلعت على الباب اللي وراي…يا إما بهرب…

يا رح أدخل الباب هناك البعيد… و أشوف الحقيقة بعيني…

في ورا هاد الباب إجابة…كنت متأكد…

جريت حالي و أنا بآخر نفس…رح أموت فعليا من الصدمة و الخوف…

قبل ما أوصل الباب انفتح لحاله…

بلعت ريقي..

دخلت بخطوات تقيلة..

اتسكر الباب…غرفة نوم صفوان!

اتطلعت وراي بصدمة، حسيت إني وقعت بفخ…

صار باب الخزانة يهز بقوة..كإنه حدا عم بحاول يفتحه باستماته…

مديت ايدي و فتحته بهدوء…

كنت مستغرب كيف قادر اتعامل مع هاي الروح الغريبة اللي بحسها بتلحقني حتى من الأردن لكولومبيا…

مرات بتوصل لمرحلة ما في بعدها تراجع…

أنا اللي كنت أخاف من خيالي…

جوا الخزانة في معاملات و أوراق……

أوراق كتير…

انسحب ملف لحاله ووقع على الأرض…

وقعت من جواه صور بنات…

نزلت على ركبي…

صرت أقلب بينهم….

الملف من برا عليه شعار غريب…

طلعت برنامج الترجمة من موبايلي…

مكتوب عليه بالإنجليزي معاملة تأجير رحم!

كل الأوراق مكتوب عليها حرف إكس و كإنه صفوان كانوا مش عاجبينه كل هدول البنات…. إلا ورقة وحيدة…

عليها صورة بنت آسيوية…

جمب الجنسية مكتوب تايلاند….

بنت عمرها 19 سنة….جونتا…

سحبت الورقة حتى أقرأ تفاصيل أكتر…

وقعت من وراها قطعة من جريدة….

ترجمتها بصعوبة على البرنامج…

( موت شابة تعمل في أحد شركات تأجير الرحم بعد دخولها في غيبوبة لأكثر من خمسة شهور، حيث توفيت دماغيا أثناء حملها في الشهر الرابع و تم وضعها على الأجهزة الطبية طوال فترة الحمل، و بعد اكتمال نمو الجنين و سحبه من بطنها …تم إبعاد الأجهزة عنها لتلقى حتفها على الفور)

على الزاوية إدني لقطت صوت مألوف…

– هاي قصتنا…أنا و جونتا….

التفتت حوالي بصدمة…

انقطع نفسي…رميت الورق بالجو…

-و سن! وسسسسن؟ انت شو بتعملي هوووون؟! مستحيل! إنتي متتي!!!!

وسن كانت لافة وجهها على الزاوية…و بتحكي معي بأسلوب مريب…مش قادر أشوف وجهها…

– أنا مش وسن…بس ما بقدر أظهرلك بشكلي الحقيقي…اسمعني مجد…أنا هلأ عم بعمل أكبر مخالفة ممكن تعملها أنثى الجن…

أنا ممكن أنحرق هلأ بأي وقت…عم بخالف كل قواعد عالمنا….بس لازم أظهرلك…

استفرغت من الخوف…معدتي صارت تنزل دم…

– انتي ميييييييين!!!! كيف هيك بتشبهيها….

-أنا بقدر أشبه أي شي يخطر على بالك…أنا مش وسن…مجد رح أحكيلك كل اشي…بس بالأول رن على إياد من تلفون علي…

ضميت حالي و رجعت لورا…

– رح تقتليني! أو تتلبسيني؟ بترجاكي…أنا رح اطلع من هون على مستشفى للأمراض النفسية…أنا عم بشوفك عنجد؟!

لفت وجهها علي…

حسيت الأكسجين بده يطلع من مسام جلدي….

الشكل وسن بس العيون بيضة…صابتني قشعريرة بكل روحي

مشيت خطوتين لعندي…رجليها مفتولين لجوا…

– اتصل….بإياد..

– يا سلاااام!!! بكل راحة بال بتحكي هيك!

ترددت شوي…الموقف مش سهل…

ركضت لبرا حتى أجيب التلفون و دموعي بطلت توقف…

لفيت وجههي حتى ارجع لعندها لقيتها وراي…

ايدي بترجف، اتصلت بإياد…

رد بحذر….

– اه يا علي…نفذت المهمة؟! كل شي تمام؟! تأخرت بالرد كتير و إنت شفت المسج و ما رديت…في إشي قلقتني؟

قربت شبيهة وسن و تحركت شفايفها….طلعت نفس صوت علي…كان مطابق تماما….

– تمام يا باشا..أنا قتلته و تإكدت من إنه مات تماما…ايمتى هتحولي باقي الحساب؟

كنت عم بشوفها كيف بتقلد صوته و كإنه هو تماما…

– بس يقسملنا عادل المبالغ اللي بحسابه رح يوصل حسابك ما تخاف…و عليه حبة سكرة كمان، تنساش إنه نحنا بناخد بس عمولة…الحصة الاكبر مش إلنا ما تطمع…نحنو نحبك برشا ما تكرهناش فيك هههههه سلام

سكر اياد الخط…

– جونتا كانت صبية حلوة…الحياة ظلمتها و خلتها تتربى بالشارع….انضمت لشركة بتأجر الرحم مقابل المسكن و الرعاية و مبلغ عند الولادة….أخوك صفوان اختارها لجمالها..كان بده ابنه يكون حلو…ما كان بده زواج ولا مسؤولية….جونتا عالشهر الرابع من الحمل تعبت بس أخوك رفض يخليها تجهض….وصلت ماشية على رجليها على المستشفى…فقدت الوعي…دخلت بغيبوبة….

كنت بسمع و أنا مصدوم، خايف، بطل في عندي اي منطق أو واقع..

– جونتا كانت ضعيفة….و بتتعذب بس ما حدا بيسمع صوت صرخاتها….استعطفتني آلامها….كان الحل الوحيد إن أتلبّسها لحتى تولد…أضل جوا دمها و أحشائها لحتى أعطيها القوة…

انقلب شكل وسن للصبية..جونتا…

مباشرة عرفت سيف بيشبه مين!

رجعت خطوات لورا…

– انتي كيف بتعملي كل هاي الأشياء؟! كيف بتتحولي؟ كيف بتقلدي أصوات؟ كيف بتدخلي على أجسام الناس العايشة و الميتة! كيف بتحكي معك هيك بكل طلاقة!!!! إنتي مين! أنا عم بتخيل؟!

حسيت صوتها تغير،

– لا…مش عم تتخيل….ارجع للقرآن و الأحاديث و شوف كم آية فيها تأكيد على إنه إحنا الجن بنقدر نظهرلكم عفكرة هاد أسهل إشي ممكن نعمله…….بيكون في مخاطرة كبيرة بس لولا الحاجة أنا ما ظهرتلك…و لعلمك أنا هلأ خرقت كل قوانين قبيلتي….

– طب إنتي مين؟ و كيف؟!

– أنا.شمس…أنا اللي لازم أكون أمه سيف….أنا اللي تحديت كل قبيلتي و أهلي من الجن لحتى أبقى بجسم جونتا كل هديك الفترة….

انتابنتي عصبية…المكان موحش…

– بس إنتي دمرتيه! هو نفسه رح يكبر و يعرف إنه مش إنسان ولا جن…إنت عملتي فيه إشي خربتي أساسه…هو شو أصلا؟

انقلبت قوتها و ثقتها بحالها…تحولت لحزن…

– أنا فجأة صرت عقيمة….ما بخلف…سيف كان فرصتي الوحيدة…ولادي أخدوهم لممالك الجن يخدموا ملك السبت و حاشيته……و حكموا علي بالعقم….كمان إحنا في عنا ظلم…قبيلتنا مكروهة من القبائل التانية لإنه ذكورها ضعيفة……و صار في بيننا حرب أسروا منا جزء و حرمونا من ولادنا و عملولنا قرارات منها إنهم خلونا ما نخلف مرة تانية..حكموا علينا ظلم…و قتلوا….قتلوا جوزي….ما كان في حال تاني…عمري 700 سنة ما شفت يوم واحد سلام….انت اكتر واحد حاسس بهالشي لإنك مريت بظروف صعبة كمان…انت خسرت وسن….

اشي جواتي خلاني اتعاطف معها…رغم خوفي اللي هز كل أركان تفكيري…

اتداركت التعاطف فجأة…

– ووسن! انتي اللي قتلتيها؟! انتي صح؟

– و ليش أقتل وحدة حنونة على ابني؟! الي قتلتها هي حكيمة….وزيرة ملك السبت و المقربة إله….

لفت الدنيا براسي…ما كنت فاهم اشي…كنت عم بستوعب الموضوع شوي شوي…

– مين حكيمة و مين ملك السبت؟! ايش جو ألف ليلة و ليلة تبعكم؟ مش فاهم اشي!!!

– احنا بيحكمنا سبع ملوك للجن…كل يوم في ملك بيحكمنا كلنا..وكل يوم من أيام الأسبوع في إلو حاكم…حكيمة هي اللي أمرت بقتل وسن…لحتى ما تخليك تهدى ولا ترتاح و تبعد سيف عنك…هي اللي حاولت تقتله كمان…مهمتها الوحيدة إنها تنتقم مني لإني تمردت على أحكامهم…

اتزكرت شكل المرة الختيارة اللي شفتها مرتين مرة بغرفة القعدة…و مرة على السطح لما كانت تمنعني إني أنقذ سيف….

-لما شفت خوفك عليه ساعدتك..أنا اللي رفعتك..أنا اللي مسكت ايدك…و سحبتك…

– طيب ليش ما قتلته فورا؟! مش بتقدر؟!

-أكيد بتقدر بس وقتها رح تصير مذنبة لإنه سيف…نصه من الجن…و رح تتحاكم على عملتها…هي كانت تحاول تغريه و جرته للدرج اللي فوق…لسطح….

حسيت بعصبية…

– تعال معي…بدي أفرجيك إشي مهم…

ترددت….بس خلص…ما ضل أكتر من هيك! مشيت وراها…طارت خطوتين عن الأرض…

طلعنا برا القصر، ضلت تتحرك لحتى وصلت لعند الحديقة الخلفية…

ما كنت فاهم ايش الشغلة اللي لازم أشوفها…لحتى اجت عيني على كوم تراب، بين الورد و الأعشاب…

– ايش في بالزبط؟!!!

– أخوك صفوان…مدفون هون…

– كيف يعني؟! و مين اللي شفته بالمستشفى….أنا شفت جثته…

جاوبتني بكلمتين

– إنت مقتنع إنه اللي شفته هناك هو صفوان!؟

نزلت شمس على الأرض…مشيت باتجاهي حطت ايدها على جبيني….

-بدي ترجع بالذاكرة لأول مكالمة حكاها معك صفوان….رح أحكيلك كل اشي…

العصابة اللي فيها عادل مرزوق و اياد و غيرهم..اسمها (فراچا Fraga) يعني حبة الفراولة باللغة اللاتينية……

هاي عصابة كبيرة موجودة من أكتر من ستين سنة…بيتسلطوا على رجال أعمال و بيستغلوهم بأبشع الطرق لحتى ياخدوا منهم كل شي…العصابة فيها أكتر من 1500 عضو حول العالم و مهمتهم بسيطة…بحددوا كل فترة شخص ملياردير أو مليونير…و من هون ببلشوا يضربوا فيه بأمواله و شركاته و أهله…فضايح، جنس، رشاوي…بيعرفوا تمام نقاط الضعف للضحايا…

أخوك صفوان كان بالنسبة إلهم لقمة سهلة…هو مخطوف عندهم من قبل ما يتصل فيك…و لما أجبروه كانوا واقفين فوق راسه…

الخطة كانت بإنه يحوللك كل مصاريه ؟ إنت طبعا أسهل منه لإنه بالنسبة إلهم ولا شي….و عادل كان رح يتولى المهمة…عندهم أساليب بشعة بخلوك تتنازل عن كل شي..وبعدها بقتلوك ببساطة….عصابتهم في منها شرطة، انتربول، ساسيين، رؤساء دول….موضوع كبير ما رح تفهمه….

قاطعتها بحيرة و استغراب!

– وسيف؟! ليش بعتلي ياه…هم ضغطوا عليه؟!

– لأ…هاد كان طلبوا الوحيد بعد ما رفض رفض قاطع يعمل أي تحرك إلا لما يحس إنه إبنه بأمان…

وطيت راسي للأرض…

دارتلي كل الأحداث…

تزكرت كلماته الأخيرة…

( سيف، سيف أمانة برقبتك)

رفعت إيدي قرأت الفاتحة..على روحه و روحي…اللي صار معي بهاي الفترة ما صار مع إنسان..

عصابات و موت، جن طفل مش معروف جنسه….حسيت حالي رح أضحك و بعدها أنجن…على فرض إني بقيت عاقل كيف بدي أواجه كل هاي الناس الخطرة…كيف بدي أخفي جثة علي!

قاطعت تفكيري شمس…

– ما تخاف…اعطيني ثانية وحدة بس…

اختفت شمس عني فجأة…

تلت ثواني رجعتلي…

– جثة علي انتهى موضوعها…

وقفت ساكت و صافن…

كيف يعني؟!

– أكلتها! ما ضل منه ولا اشي…اعتبره اختفى للأبد…

رجفت إيدي…

– انتي بتاكلي لحوم؟! و شو عملتي بالدم و شقف اللحمة اللي وقعت من رقبته؟!

ما جاوبتني…تزكرت سيف…كيف اكل المرتديلا…

لقيتها بتبتسم..لإنها ببساطة قرأت أفكاري….

– كبران سيف صح؟! حبيبي بلش يحب اللحمة….ههههههه

– فضحني السوبر ماركت هههههههه

– أنا اللي اعطيته المرتديلا..كان جوعان ههههههههه و أحكيلك اشي تاني؟! انا اللي حطيت ايدي على كتفك..كنت حاسستك تعبان! شفت لما صحيت و لقيت الأشياء متكسرة؟ هاي أنا كنت أتقاتل مع هديك الحيوانة حكيمة…

أنا كنت متأكد إني إنجنيت، لدرجة إني عم بمزح مع الجن…صرت أضحك و أنا شايف حياتي كيف تدمرت…مصايب ورا مصايب لدرجة إنه الخوف انسحب من قلبي…

واقف جمب قبر صفوان بقصر فاضي…لسا قاتل واحد و بحكي مع الجن و بضحك….

فقدت شمس السيطرة على حالها و صارت تضحك بصوت هستيري…عيونها البيضة لو اتطلعت فيهم للحظة بحس بضياع…

فجأة إجى صوت حسيته جاي من ولا مكان..صوت صراخ بنادي شمس….شمس……صوت عصبي مخيف طبقته مش زي أي صوت سمعته…

حطت شمس اييديها على راسها…

– روح…روح هاد واحد من قبيلتي جاي من بعيد….ما تخاف…أنا معك…

– من وين جاي؟!

– خلص روووح هلأ….

من الخوف ركضت بأقصى سرعة….

دخلت على القصر حتى اخد اغراضي…

ما قدرت ما اوقف من الصدمة..فعلا..ما في أي أثر لجثة علي….ولا كإنه صار في هون قتل!

كل شي مرتب حسب الأصول…

طلعت أركض برا القصر الملعون اللي لو بموت ما بدخله مرة تانية بحياتي…

بطريقي للمطار رنيت على أم احمد كتير ما ردت…آخر مرة رنيت فيها صار تلفونها مغلق…

على حظي الطيارة تأخرت….ضلينا بالمطار كمان خمس ساعات….

وصلت للأردن بعد 25 ساعة….

قلبي كان مقبوض على الآخر، يا دوب نمت بالطيارة…

فتحت باب الفيلا و مشيت خطوتين….ناديت أم أحماااااد…..

ما حسيت إلا بضربة على راسي…

الدنيا مغبشة…

عم بفتح عيوني و بتألم…ايدي التنيتن مربطين

لقيت أم أحمد مربوبط قبالي…و سيف….محطوط بقفص حديد…

بكيت أم أحمد…

– شو عامل يا مجد! مين هدول؟! رح يقتلونا…

على اليمين واقف عادل مرزوق…و على اليسار واقف إياد…معهم شخصين أضخم من باب الفيلا الحديد…

أول ما إجت عيني على إياد تفيت بوجهه…

– يا كلب! أنا وثقت فيك! إنت الوحيد اللي كنت أرتاح لما أكون معه و كنت بعاملك زي أخوي….بتبعتني على كولومبيا عشان تخلي كلابكم يتقلوني؟! بتعرف؟ صاحبك مات شر ميتة….تمزعت رقبته…قتلته صفّيت دمه و بتعرف شو صار كمان؟!

ابتسم اياد بس كان واضح إنه كلامي أثر فيه للحظة….

قاطعني عادل مرزوق بابتسامة و تصفيق حار…..

– هههههه يا بااااي شو بطل، بصراحة؟ إحنا متفاجئين منك…يا ريت كنا بفيلم ولا بشي قصة كان خلصت و إنت البطل…

سيف كان يبكي ووجه أحمر..باليومين اللي تركته فيهم حجمه كبر…

– انت قتلت أخوي….و دمرت حياته…الموت أشرفلي من إني أحوللك فلس واحد يا ابن الحرام….أنا عرفت كل اشي عنكم و عن عصابتكم…رح ألحقكم واحد واحد و أمحيكم عن وجه الأرض…

ضحك الكل…الموقف كان واضح..أنا مش بموقف إني أفاوض أو أهدد…

قرب علي واحد من الحرس اللي معهم..مسك كمّاشة اللي بتقص أسلاك الحديد…شلع أضفر من إيدي بدون رحمة…صرخت صوت من الألم بعمره ما طلع مني…

-رح تحوللنا كل إشي بحسابك هلأ أون لاين…و الباقي شيكات…و على مهلك…الليل لسا طويييل هههههههه

دمعتي نزلت من الوجع..

– حكيتلك لو بمو…ااااااااااااااااه…….

شلع اضفري التاني…ايدي صارت تنقط دم…حطولي قماشة بتمي لإنه صوتي صار عالي..

أم أحمد كانت تدعي و تبكي….

سيف كان عم بيصير فيه إشي غريب…كان صوت بكاه بيصير خميل..كإنه مراهق….مبين عليه العصبية…

إجى إياد بدون سبب ضربني بوكس على وجهي…تورمت عيني فورا…

– هاي عشان علي…يا اخو ال#$%#$%

ضحكت…بشماتة…

– لو تسمع صوت نفسه و هو بخرخر الروح….هههههه توجع برشا….

ضربني كمان بوكس…

انفتح باب جانبي…طلعت من الغرفة التانية…الست نفسها اللي كانت بالبنك و حطت ايدها على كتف وسن..نفسها اللي شفتها قبل كم يوم برا البيت…معها المربية نفسها من المطار….جروا عرباية صغيرة نفس اللي بتكون بعيادة طبيب الأسنان…عليها معدات طبية….من الخوف نسيت وجعي…خصوصا لما شفتهم بيلبسوا الكفوف و بحضروا ابر صغيرة…

عادل كان مبتسم و بيعرف إنه ولا اشي رح يمنعه عنا..رح يقتلنا كلنا بمجرد ما تحولت المصاري بإسمه و للعصابة…..

– شو ههههههه لسا بدك تقاوم؟!

قربت علي الست…و هي بتضغط الإبرة و بتتأكد إنها شغالة…

فجأة سيف هاج بطريق مش عادية…صار يخبط القفص و يهزه…القفص كان عم بزيح من قوة الضربات…. وهم انزعجوا منه جدا…

اشر عادل للي معه..جروا القفص لجوا الغرفة بعيدا عني…صرخت عليهم….اتركوه…ما إله دخل…اتركوا سيف….

سمعنا صوت رجلين حافية بتركض بطريقة مخيفة….صوت صراخ بيحكي ابنيييييييي

اللي عم بجروا القفص وقفوا ثانية حتى يعرفوا من وين جاي الصوت…

و كأنه قطار دعسهم…طاروا و خبطوا بالحيطان….غابوا عن الوعي….

عادل تخبى ورا كنباية…إياد طلع مسدسه صار يتلفت حواليه زي المجنون……

الست اللي حاملة الإبرة صاروا عيونها بيض، اتشنجت…غزت حالها فيها….

المربية صرخت من الخوف…رجعت خطوة لورا…انرفعت من شعرها و انرمت على طاولة قزاز….اتكسرت و دخلت بجسمها…نزلت على الأرض صارت تتلوى…

أم أحمد فتحت عيونها و رخت تمها….

عادل و إياد كانوا مندهشين بالاشي اللي عم بيصير!

لحتى اياد تشنج…انقلبت عيونه بيضة!

لف باتجاه عادل…

رفع المسدس…

شو بدك تع….

طخوا طلقة براسه….ما كمل حتى كلمته…

صحي إياد بنفس اللحظة…شاف وضعيته و كيف قتل عادل…

قرب علي و وجه المسدس على راسي…

– شو فيييييي؟ مين هدووووول؟! احكييييي!!!!

تسمر اياد بمكانه…راسه صار يلف على اليسار غصب عنه…صرااخه عبى المكان….ضل يلف لحتى سمعنا صوت طقطقة عضام….انلف راسه لورا على الكامل…صار جمسه لجهتي وراسه لورا…وقع جثة بدون ولا حركة…..

رجع صوت الرجلين الحافية يركض باتجاه القفص جوا…لحظات انفك سيف…اجانا طاير بالهوا..محمول من شمس…

تحولت على شكل جونتا أمه الحقيقية…صارت تضم سيف…

– ماما…ما حبيبي…

فكيت حالي…ركضت على أم أحمد المصدومة…فكيتها….صارت بدها تقرأ تعاويذ..حطيت إيدي على تمها…

– لااااا استني…شمس…معنا مش علينا….

خلال دقيقة شمس أكلتهم…خلتنا نلف وجهنا حتى ما نخاف….

زبطت المكان ولا كإنه صار في إشي…كانت مبسوطة مع سيف…وهو كان سعيد جدا….

محيت تسجيلات كاميرات المراقبة…

أم أحمد اعطيتها مبلغ منيح، تكمل فيه باقي حياتها ووعدتني ما ترجع للسحر أبدا…

سيف كان كل يوم عم يكبر حجمه بطريقة غير قابلة للسيطرة…

علاقتي بشمس صارت قوية كتير…ما حدا رح ياخد مكان وسن…

بس التحالف اللي عملته…كان أقوى تحالف بين إنسان وجن…

وقفنا قدام قاضي من قضاة الجن…

تزوجت شمس…رغم رفض الكتير من قبيلتهم….

بس ما حدا قدر يمنعنا…شمس وقفتلهم و دافعت عن علاقتنا بكل ما تملك من قوة…

حبي لسيف خلاني أضحي بحياتي الطبيعية…و بنفس الوقت…علاقتي مع شمس خلتني امتلك قدرات جديدة…صرت بعرف إشياء مخفية ما كانت رح اعرفها لولاها…

سيف كان مبسوط هو و شمس…و هي قررت ما أشوف شكلها الحقيقي حتى ما أخاف…

شوي شوي تعودت عليها، المميزات اللي كانت توفرلي ياها ما صحت لإنسان…

عشت على كفوف الراحة، لما بشتاق لوسن هي كانت تعرف…بتعرف تماما تفهم مشاعري…و بتقرأ أفكاري…

مباشرة كانت تتشكل على ملامحها…صوتها….تدربت و اشتغلت على حالها عشان تعمل عيون طبيعية مش بيضة…

كمان هي علمت سيف كيف يخلي جسمه قدام الناس بحجمه الطبيعي…

و الناس تقبلتنا بدون ما تعرف حقيقتنا…

شمس…وجهها كان خير علي،

بعد سنة رنوا علي بنك الاتحاد…كانوا بدهم يعملولي زيارة…

شمس كانت مبتسمة…

لما وصلوا خبروني إنه فوق الملايين اللي معي..ربحت المليون!

و اليوم…

عيلتنا كبرت، فيها أنا، شمس، سيف، و بلقيس!

و سيف لهاي اللحظة..ما بيعرف يحكي إلا كلمة وحدة…

(عمّو)!