نيكولايافيتش تولستوي صاحب رواية الحرب والسلام كاتب روسى ومفكر اخلاقى من اعمدة الادب الروسى
المحتويات
ليو تولستوي
ليو تولستوي أو الملقب بـ”صاحب رواية الحرب والسلام” واحد من أهم كتاب الأدب الروسي في القرن التاسع عشر، وهو يعتبر من الآباء الروحيين للأدب الروسي في هذه الفترة، فلم تكن كتاباته مجرد حكايات عادية تحكي قصصاً لأشخاص عابرين، بل إن روايات تولستوي تعتبر من أهم الأعمال التي تحاول العثور على إجابات لكل الأسئلة الدائرة حول الإنسان وحياته والتجارب التي تعمل على تغييره.
ومن الممكن القول بأن كل من ليو تولستوي ودوستويفسكي هم من أهم الأدباء الذين ساهموا في بناء عالم مختلف من الأدب الروسي.
ليو تولستوي لم يكن أديباً يكتب ويعرض أعماله للناس فقط، بل كان إنساناً متسائلاً منتقضاً للاوضاع من حوله، قادراً على إشعال الحرائق في كل الأفكار الخاملة، وكان على استعداد في كل موقف أن يقوم بدفع ثمن اختياراته وقراراته.
نشأة صاحب رواية الحرب والسلام
- ولد ليو تولستوي في عام 1828 في مقاطعة يطلق عليها مقاطعة تولا بدولة روسيا، وقد ولد في قرية ريفية يطلق عليها ياسنايا بوليانا، أما عائلة تولستوي فلقد كانت واحدة من العائلات الأرستقراطية الروسية، وقد كانت والدة سليلة إحدى الطبقات الحاكمة القديمة في روسيا.
- بالرغم من النشأة الأرستقراطية لتولستوي إلا أنه تعرض في سن مبكرة للغاية لموت والديه، فلقد توفيت والدته بعد ميلاده بعامين، وبعد سبع سنوات توفي والده أيضاً، ومنذ ذلك الحين انتقل كل من تولستوي وباقي أخوته للحياة مع واحدة من شقيقات أبيه في مدينة كازان الروسية.
- لم يحقق ليو تولستوي أي نجاح على المستوى الدراسي، فلقد تلقى تعليمه الأولي في المنزل على يد مجموعة من المعلمين، وبعدها التحق بمجموعة من البرامج التعليمية التابعة لجامعة كازان، فكان البرنامج الأول الذي قام بالالتحاق به هو برنامج معد لدراسة اللغات الشرقية إلا أنه لم يظهر شغفاً به ولم يحقق به نجاحاً ملحوظاً، أما البرنامج الثاني فلقد كان برنامج معد لدراسة القانون، إلا أنه أيضاً لم يحقق به النجاح.
- وعندما لم يستطع تولستوي أن يحقق النجاح الدراسي وبعد فشله في الحصول على شهادة جامعية قرر العودة إلى مسقط رأسه في ضيعة ياسنايا بوليانا حتى يشرف على الأرض الزراعية التي ورثها عن أبويه، إلا أنه أيضاً لم يعمل على هذا بشكل جيد، ولم يكن ضليعاً بالأمور التي تخص الزراعة ومشكلات الأراضي الزراعية، فضلاً عن أنه كان دائم السفر إلى كل من تولا وموسكو فلم يمكنه ذلك من الإشراف على تلك البقعة الواسعة من الأرض.
بداية اشتراك ليو تولستوي في الحروب الروسية
- حدثت نقطة التحول الحقيقية للكاتب ليو تولستوي في عام 1854 وذلك بعدما فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق النجاح على مستوى التعليم أو على مستوى إدارة أملاك عائلته، لذا في هذا العام عاد أخاه في أجازة من الجيش، وفي هذا الوقت قام بعرض فكرة الانضمام للجيش الروسي في هذا الوقت، وبالفعل انضم إلى صفوف القوات الروسية وكانت أول حرب يخوضها في عام 1855 هي حرب جزيرة القرم.
- كان انضمام ليو تولستوي لصفوف الجيش الروسي أكبر الأثر في تحول حياته الأدبية، حيث بدأ في هذا الوقت إظهار شغفاً بالكتابة عن حياته داخل الجيش، حيث كان يكتب في اللحظات التي كانت تتوقف فيها المعارك، أي في فترة الهدنة أو السلام، وكانت هذه الفترة بالنسبة له هي الشعلة التي أضاءت روح الكتابة داخله، وقد بدأ في العديد من المؤلفات وقام بنشرها وبدأت في النجاح والانتشار داخل المجتمع الروسي.
أهم روايات الأديب ليو تولستوي
كانت الكتابات الأولى في حياة تولستوي نابعة من تجربته الذاتية، سواء تجربته في طفولته حيث فقد العائلة، أو تجربته أثناء الحروب التي اشترك بها مع الجيش الروسي، أما أول انتاجاته الأدبية فكانت كالآتي:-
رواية الطفولة (1852)
في هذه الرواية قدم تولستوي سيرته الذاتية وهو طفل، وعن مظاهر المعاناة التي لحقت به بعض وفاة كل من والديه، وقد تم نشر هذه الرواية في مجلة The contemporary وفي الوقت حققت الرواية نجاحاً كبيراً، وبدأ اسم ليو تولستوي يظهر لامعاً في عالم الأدب الروسي.
رواية القوزاق
في هذه الرواية قدم تولستوي كتابات عن يومياته داخل الجيش الروسي، وقد بدأ كتابتها في فترات الحرب وفترات تواجده ضمن وحدات الجيش، لكنه لم يقم بالانتهاء منها إلا بعد نهاية الحرب.
رواية الصبا
تعتبر رواية الصبا هي تتمة رواية الطفولة، وتتميز هذه الرواية أنه قام بكتابتها إثناء تواجده في معسكرات الجيش في فترة الحرب.
رواية حكايات سيفاستوبول
في هذه الرواية خرج تولستوي عن فكرة تقديم السيرة الذاتية، حيث ناقش في هذه الرواية معظم الأمور السياسية، وقدم العديد من الأوجه المختلفة للحرب الروسية.
أما بالنسبة لقمة المجد الروائي الذي وصل إليه الأديب ليو تولستوي فهو يتمثل في كل من الروايات الآتية:-
رواية الحرب والسلام (1865)
وهي الرواية المتربعة على عرش أعمال تولستوي، حيث قام فيها بتقديم مجموعة هائلة من الشخصيات التي تنقسم بين الحقيقة والخيال، وقدم جانب من الحياة السياسية في روسيا، وكيف تعيش طبقة النبلاء حياة مرفهة، و تبدأ أحداث الرواية مع غزو نابليون لروسيا القيصرية وفشله في إكمال السيطرة عليها بسبب موجات البرد القارصة التي أطاحت بجنوده، ثم تدور الرواية حول حياة خمس عائلات روسية أرستقراطية، وتتداخل حياتهم مع أفكار حول التاريخ والحياة.
وقد قدم تولستوي الجزء الأول من الرواية في عام 1865، إلا أنه قام بإضافة ثلاثة أجزاء أخرى للرواية، وقام بتقديمها كاملة عام 1869.
رواية آنا كارنينا
وهي من أهم روايات الأديب ليو تولستوي، ولم تتوقف الرواية عند زمنها وكاتبها، بل لقد تم اقتباس العديد من الروايات من هذه الرواية، فضلاً عن أنه تم تقديم العديد من الأعمال السينمائية والمسرحية المقتبسة من رواية آنا كارنينا.
في الرواية قام تولستوي أيضاً بتقديم مجموعة كبيرة من الأشخاص التي تنتمي إلى طبقة النبلاء، ولم يكن هو ككاتب للحكم على شخصياته بل ترك الحكم بكل حرية للقارئ، وبالرغم أن الرواية قد تبدو رومانسية إلا أنها في حقيقة الأمر تخفي أفكاراً كبيرة حول الإنسان والتاريخ والتحولات التي تحدث على مدار الحياة، وقد تم ترجمة رواية آنا كارنينا إلى العديد من اللغات.
مواقف تولستوي من الحياة والأدب والكنيسة
- كما قلنا من قبل فإن صاحب رواية الحرب والسلام لم يكن كاتباً يجلس في برجه العاجي ويتحدث عن الحياة دون أن يجربها، لذا كانت أعظم أعمال تولستوي ناتجة عن تجربته الإنسانية والشخصية في معسكرات الجيش الروسي، وبالرغم من النجاح الذي حققه بعد انتشار روايته الأولى، إلا أنه قام برفض الانضمام إلى أي من المدارس الفكرية في ذلك الوقت، وأعلن أنه منضم إلى الفلسفة الفوضوية.
- بعد الانتهاء من رواية آنا كارنينا لم يجلس هادئاً ليحصد ثمار نجاحه، بل كان دائم البحث عن العديد من التساؤلات حول الوجود والحياة، كل هذه التساؤلات لم تجعل حالته النفسية في أفضل حال، ومر بالعديد من موجات الاكتئاب.
- في محاولة تولستوي لإيجاد إجابات حقيقية على الأسئلة الدائرة في رأسه ظن أنه قد يجد ضالته في الكتب المقدسة، وبالفعل توجه إلى الكنيسة الكاثوليكية وبدأ في معرفة الأفكار الدينية عن قرب، وتعمق في محاولة فهم التفسيرات الدينية إلا أنه لم يصل إلى قناعات ترضيه، فأعلن موقفاً معارضاً للكنيسة الكاثوليكية، وبدورها أعلنت الكنيسة تبرئها من صاحب رواية الحرب والسلام، وفي هذا الوقت كان تحت مراقبة الشرطة الروسية.
وفاة صاحب رواية الحرب والسلام
في عام 1910 توفي ليو تولستوي وتم دفنه حيث ولد في المقاطعة الخاصة بعائلته، بعد حياة ممتلئة بالتجارب والكتابات التي لا يمكن أن تمحى من تاريخ الأدب العالمي.