هل الصوم المتقطع مفيد للصحة

كثرت انظمة التخسيس وكل نظام له مميزات وعيوب على صحة الانسان ومنها نظام الصيام المتقطع ومدى اهميته لجسم الانسان

تتوالى الأبحاث عن فوائد الصوم المتقطع Intermittant Fasting، تحمل معها أدلة على فوائد جديدة لصحة الجسم كل مدة قد لا تتجاوز أحياناً الأسبوع: نقص وزن مستدام Sustainable Weight Loss، حماية من داء السكري Diabetes، الوقاية من أمراض القلب Heart Disease والسرطان Cancer، تحسين صحة الدماغ Brain Health، تحسين اللياقة الجسدية والقوة Physical Fitness and Strength.

وترتبط هذه الفوائد العميقة الأثر بالصوم المتقطع، الذي يتضمن برامج تناول طعام تدخل فيها فترات منتظمة من تقليل الغذاء أو إيقاف استهلاك الغذاء. والفكرة في ذلك أن الأكل بشكل اعتيادي عدة أيام في الأسبوع، وتناول طعام أقل بكثير في الأيام الأخرى، يمكن أن يحول العمليات الخليوية والاستقلابية (الأيضية) Cellular and Metabolic Processes الجسم تسير في طريق يحفز الصحة الأفضل لهذا الجسم.

يقول الخبراء الذين يدرسون هذا النوع من الصيام، أنه في حين أنه لا تزال هناك أسئلة بحاجة لإجابة حول هذا الموضوع بشكل عام، فإن بعض تأثيراته الصحية الإيجابية لم تعد موضع شك.

يقول أحد الخبراء الباحثين في هذا المجال بنجامين هورن Benjamin Horne “أن الدلائل تستمر في إظهار أن الصوم المتقطع يعطي فوائد في نقص الوزن، وأنه يمكن أن يخفف الالتهاب Inflammation، وأن يخفض ضغط الدم Blood Pressure ويضبط نبض القلب Heart Rate. كما يظهر أنه يعطي تأثيرات مفيدة على الجهاز القلبي الوعائي Cardiovascular System. إن الصوم المتقطع هو شيء يتحرك عملياً في الحقل الطبي، وهو وسيلة معقولة للأشخاص الذين لا يرغبون في تقييد دائم لحريراتهم (سعراتهم) Calories”.

وقد ركزت الأبحاث الأولى بشكل عام على تأثير الصوم المتقطع على إنقاص الوزن. وقد قارنت بعض الدراسات بين القطع التقليدي للحريرات في الوجبات الغذائية Traditional Calorie-Cutting Diets والصوم المتقطع، فوجدت أن الأخير يؤدي إلى تسريع فقدان الوزن مقارنة بالأول. حيث يتصرف الصائمون بشكل متقطع وكأنهم يقومون بنظام غذائي يعمل بمعدل منخفض وليس بالانقطاع عن الحريرات.

تقول الباحثة البريطانية في مجال سرطان الثدي ميشيل هارفي Michelle Harvie، وفي تأثير الصوم المتقطع في خفض دهون الجسم وزيادة مقاومة الأنسولين Insulin Resistance “أن الصوم المتقطع هو خيار جيد لخفض وزن البدينين Obese People ومرتفعي الوزن Overweight”. وقد وجدت الباحثة أن الصوم المتقطع له فعل أكبر من برامج خفض الوزن التقليدية في مجالات خفض الوزن وخفض دهون الجسم وتحسين مقاومة الأنسولين. كما وجدت بعض الدلائل على أن هذا الصوم يفوق خطط خفض الوزن التقليدية في خفض خطر الإصابة بسرطان الثدي عند المرأة، وأنه في دراسات الفئران على الأقل يوقف أو يعاكس تطور الأمراض العصبية Neurological Diseases مثل الزهايمر Alzheimer وباركنسون Parkinson.

وقد ركزت هارفي أبحاثها على طريقة الصوم 5:2  أي تقييد تناول الطعام يومين في الأسبوع وأخذه بشكل اعتيادي الأيام الخمسة الباقية. لكنها تقول أن هناك أبحاثاً واعدة عن الصوم يوماً وتناول الطعام الاعتيادي في اليوم التالي وذلك بشكل متكرر وهو ما يدعى خطط صوم الأيام المتناوبة Alternate-Day Fasting Plans، وكذلك خطط تقييد تناول الطعام يومياً بفواصل زمنية من 6 إلى 8 ساعات.

يعلق مارك ماتسون Mark Mattson أستاذ العلوم العصبية Neuroscience في مدرسة جون هوبكنز الطبية “أن أياً من هذه لم يجر مقارنتها الواحدة مع الأخرى، لكنها جميعها تحسن الصحة”. ويضيف أن أبحاثه تثبت “وجود دلائل على أن الصوم المتقطع يزيد مقاومة الإجهاد Stress Resistance وتقاوم الالتهاب على المستوى الخليوي Cellular Level. حيث يخضع الصائمون لتحول استقلابي Metabolic Switch تتبدد فيه مخزونات الطاقة في الكبد Liver’s Energy Stores، وتبدأ خلايا الجسم باستخدام الدهون Fat والكيتونات Ketones للحصول على الطاقة”.

يشبه هذا التحول التحدي الذي يواجهه الجسم عند إجراء التمارين، ولكن بممارسة أو رفع الإجهادات الوزنية في الجسم بطريقة مفيدة. ويحرض الإجهاد عند الصوم بشكل مشابه تكيّفات مفيدة. ويقول ماتسون “أنه في الحالتين، الصوم والتمارين، تحصل سلاسل من الانتقال بين التحدي Challenge واستعادة الوضع Recovery بشكل متكرر، يبدو أنها تحسن كلاً من وظائف معظم الخلايا ومتانتها.

في حين أن الخبراء متفائلون بشأن الصوم المتقطع، فإنهم يعترفون بأنه لا تزال هناك كثير من الأمور غير المعروفة بشأنه. فقد أجريت كل الأبحاث البشرية تقريباً على بالغين بدينين أو مرتفعي الوزن. وتقول ميشيل هارفي “أن الخبراء لا يعرفون فوائد الصوم المتقطع على الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي، لأنه لم يدرس عليهم”.

كما أنه لا يعرف بعد إن كان هناك أخطار على المدى البعيد Long-Term Risks للصوم المتقطع، أو إذا كان كبار السن والأطفال يستفيدون من مثل هذه البرامج الغذائية. كما لا يعرف إن كان الصوم المتقطع يمكن أن يزيد فقدان الشهية Anorexia عند الصائم. ويقول مارك ماتسون “أن كل شيء تعلموه تقريباً حول الصوم المتقطع حتى الآن يقترح أنه يبدو مفيداً لمعظم البالغين”.

كيف يمكن تجريب الصوم المتقطع:

يقول ماتسون “أنه توجد عدة طرق لذلك، لكن طريقة اليومين أسبوعياً 2:5  هي الأكثر دراسة، وتدعم فائدتها معظم الدراسات”. وينصح ماتسون في هذه الطريقة سواء كان يوما الصوم مفترقين أو متتاليين، بأن يقتصر الغذاء في أيام الصوم على ما يعادل 500 حريرة يومياً من الدهون والبروتينات Proteins، مثل البيض Eggs والسمك Fish والمكسرات Nuts، على مدار اليوم حسب الرغبة. ويفضل استبعاد الكربوهيدرات Carbohydrates من الوجبات الغذائية لأيام الصوم برأي ماتسون. كما أن الأيام الأخرى في الأسبوع يجب أن يكون طعامها صحي، وإن كان لا يجب فيها حساب الحريرات أو استبعاد الكربوهيدرات.

ويرى ماتسون أنه يمكن البدء بصوم يومين أسبوعياً مباشرة، لكنه يفضل الابتداء بيوم واحد في الأسبوع مدة شهر أو شهرين. ويقول “أن على المرء أن يتوقع الشعور بالجوع والتهيج في الأسابيع القليلة الأولى.  لكنه في نهاية الشهر الأول، لاحظنا أن كل شخص تقريباً قد تكيف مع الوضع، من دون ظهور أعراض Symptoms”.

ويقول بنجامين هورن بالمقابل “أن فترات صوم حقيقية أطول، تمتد 24 ساعة أو حتى عدة أيام بدون أي طعام، يمكن حتى أن تكون أكثر فائدة. وهناك بعض الدلائل على أنه كلما طالت فترة الصيام الكامل، كلما كان هذا أكثر فائدة للصائم”. ويضيف هورن أنه ينصح الراغب بالصوم أن يتحدث إلى طبيبه أولاً، خصوصاً أن الصيام ليس بديلاً عن اتباع نمط حياة صحي.

أما فالتر لونغو Valter Longo أستاذ علم الشيخوخة Gerontology في جامعة جنوب كاليفورنيا فقد وجد أن صيام أربعة أو خمسة أيام متعاقبة كل شهر تطيل العمر وتقلل أخطار الأمراض. ولكن هنا أيضاً، هناك حاجة للمزيد من المعطيات حول البشر، وخصوصاً فيما يتعلق بتأثير الصوم على كبار السن أو البالغين المرضى.

وفي النهاية، يبدو البحث حول الصوم المتقطع مثيراً. لكن القواعد القديمة للصحة الجيدة ستبقى دائماً قابلة للتطبيق.

تعليق:

عندما قرأت المقال المنشور في موقع مجلة “تايم Time” عن الصوم المتقطع، كنت أتخيل أن هذه الأبحاث تدور حول شيء مشابه إلى حد كبير طبقه عبر العصور ويطبقه كثير من المسلمين فيما يسمى صوم الاثنين والخميس من كل أسبوع. فقط كان ينقص هذه الممارسة دراسات عن الفوائد الصحية لها.

أما الآن ومع نقل محتوى المقال إلى اللغة العربية، أشعر أنه من المفيد لنا العودة إلى هذه الشعائر دون إفساد النهار في آخره بمأكولات ومشروبات لا تنتهي. وسنرى صحتنا بإذن الله أفضل من جميع النواحي، وسنكسب الدنيا والآخرة.