من هو عمر فروخ

يعد عمر فاروق من أهم الكتب في علم اللغة التي لا غنى عنها للباحثين في الأدب والنقد  وهو مهتم بعلوم اللغة والأدب. تاريخ الأدب العربي

نشأة عمر فروخ:

نشأ عمر رحمه الله في بيتٍ فيه علم وفيه مكتبة (على قلة مثل هذا البيت في بيروت خاصة؛ وقديمًا قالوا: بيروت مقبرة العلماء)، كان جدُّه وأبوه وعمَّاه وعمَّتاه يقرأون ويكتبون (على قلَّة مثل ذلك بين المسلمين في القرن التاسع عشر)، وكان في بيت أُسرتِه ثلاثُ لغات مُتْقنة (العربية، والتركية، والفرنسية)، ثم لغتان ملموحتان (الإنكليزية والألمانية).

تعلَّم من جدِّه لأبيه الصلاة وقراءة القرآن والسباحة وشراء أغراض البيت من السوق، وتعلَّم من والده السير الصحيح في طريق الحياة، وكان عمُّه حسن وعمَّته هند يُشرفان على مراجعة دروسه في البيت، وتعلَّم من عمِّه حسن -فيما تعلَّم- هذه القاعدة الاجتماعية: لا تعمل في الغربة عملًا لم تعمل مثله وأنت في بيروت، وتعلَّم من عمِّه حسين -فيما تعلَّم- هذه القاعدة: الاقتصاد الصحيح أن تُنفق في ما تحتاج إليه كلَّ مبلغٍ مهما يكن كبيرًا، وإيَّاك أن تشتري شيئًا لا تحتاج إليه مهما يكن ثمنه متدنِّيًا.

وبيَّن عمر رحمه الله أنَّ البيت هو المدرسة الأولى، وأنَّ الأم هي الأستاذ الأول في حياة كلِّ طفل، وأنَّ الأعمام والعمَّات والأخوال والخالات والأجداد والجدَّات والجيران والزوار والرِّفاق والأصدقاء يُؤلِّفون المدرسة الكبرى، التي يبدأ كلَّ طفلٍ بتلقِّي دروسه فيها؛ فهؤلاء أشدُّ تأثيرًا في نفس الطفل الغضَّة من الأساتذة، الذين يجلس أمامهم طوعًا أو كرهًا على مقاعد المدرسة.

تعلُّم عمر فروخ:

تلقَّى علومه الأوَّليَّة في مدارس أهليَّة ورسميَّة مختلفة ببيروت، والتحق بالدائرة الاستعدادية (الصف الثالث الثانوي) بالجامعة الأميركيَّة، وتخرَّج فيها عام 1924م، وكان الأوَّل على دروس اللغة العربية دون اللغات الرسمية الأخرى، ولهذا كان خطيب احتفال التخرُّج باللغة العربية، وكان موضوع خطبته (لا للشهادة) في حين خطب صبحي المحمصاني (باللغة الإنكليزية) وقسطنطين زريق (باللغة الفرنسية)، ودخل الدائرة العلمية في الجامعة الأميركية وتخرَّج بها (بكالوريوس علوم) مختصًّا بالأدب العربي والتاريخ عام 1928م.

ثم تابع دراسته العليا في ألمانيا، فدرس في جامعة برلين، وجامعة ليبزغ وجامعة أرلنجن، وحاز الدكتوراة في الفلسـفة عن أطروحته: “الإسلام كما يظهر في الشعر العربي مـنذ الهجرة إلى موت الخليفة عمر بن الخطاب (1- 23هـ)” عام 1937م، ولهذه الأطروحة قصَّة: ذلك أنَّ عمر فروخ رحمه الله اقترح على أستاذه المستشرق “يوسف هَلْ” عددًا من الموضوعات الصالحة لإعداد الأطروحة، فاستحسنها “يوسف هَلْ” كلَّها، ولكنَّه قال له: “إنَّ نفرًا من المستشرقين يعتقدون أنَّ الإسلام لم يكن له نفوذٌ في العرب في أوَّل الأمر، وأنَّ هذا النفوذ الديني المشهور للإسلام إنَّما هو من صنع المؤرِّخين العباسيين؛ ويحتجُّ هؤلاء المستشرقون لذلك بأنَّ الشعر العربي المعاصر للدعوة الإسلاميَّة لا ينكشف على أثرٍ للإسلام بين العرب عامَّةً وبين البدو منهم خاصَّة”. ثم قال الأستاذ “هَلْ”: “هل تستطيع يا عمر أن تنْقُض الرأي المذكور؟” يقول عمر رحمه الله: “فاستمهلته نحو أسبوعين، انقلبت فيهما إلى المصادر، ثم كتبت إليه من برلين أنَّني أستطيع أن أفعل ذلك”.

وأخذ عمر رحمه الله يجمع الشواهد حتى اجتمع لديه منها الكثير، وكتب يقول: “حينئذٍ أخذت نفسي بألَّا أعتمد على شاهدٍ إلَّا إذا كان قد ورد في الكتب الموثوقة، ممَّا لا يعترض عليه المستشرقون عادة، غير أنِّي وجدت أنني تناولت عصرًا كبيرًا، فضيَّقت نطاق بحثي، فخرج موضوع الأطروحة: “الإسلام كما يظهر في الشـعر العربي، منذ الهجـرة إلى موت الخليفة عمر بن الخطاب (1- 23هـ= 622-644م)”، وكان العمل في هذه الأطروحة مضنيًا يحتاج إلى جلدٍ وأناةٍ أكثر ممَّا يحتاج إلى خيالٍ وأسلوب”.

زواج عمر فروخ:

كان عمر رحمه الله متديِّنًا، فلم يقرب الفواحش فضلًا عن الشبهات، حتى في أثناء دراسته بألمانيا، ولم يكن يأذن للفتيات بدخول غرفته، وذكر أنَّه في يومٍ من الأيام جاءت صاحبة البيت تقول له: إنَّ فلانة بالباب، فهل آذن لها بالدخول؟ لعلمها أنَّه لا يزوره فتيات في غرفته: فقال لها: لا، لا تسمحي لها. وقد فعل ذلك -كما يقول- تصديقًا للحديث الشريف: “من حام حول الحمى يُوشك أن يقع فيه”. وعُرض عليه مغريات كثيرة للزواج في ألمانيا بفتيات ذوات مالٍ ووجاهةٍ وجمال (مع استعدادهنَّ لاعتناق الإسلام)، فلم يقبل، لاختلاف العادات والتقاليد، ولأنَّه أراد أن يكون زواجه في سبيل إنشاء أسرةٍ سليمةٍ صحيحة.

أردت أن أُقدِّم هذا الكلام عن زواج عمر فرُّوخ رحمه الله وكيف كان؛ لأنَّ في أمر زواجه إتحافًا وإطرافًا، اتَّفق أن كان عمر رحمه الله في “بيت الأطفال” وكان الأطفال يتناولون غداءهم، فلفت نظره طفلان يأكلان وهما ساكتان، ويأكلان بطريقةٍ تدلُّ على عناية أهلهما بتهذيبهما، فسأل مدير بيت الأطفال: لمن هذين الطفلين؟ فقال له: هما ولدا راشد الحوري. فسأله ثانية: هل تعلم لأمِّ هذين الطفلين أختًا عزبة؟ فقال: لا أعلم. ثم أعلمته إحدى المعلمات أنَّ لذينك الطفلين أختًا عزبة هي آمنة حلمي، وهي معلِّمة في إحدى مدارس المقاصد، فذهبت أمَّه وكبرى نساء الأسرة وخطباها، وقيل له: أتريد أن تراها؟ فقال: لا، ولا أرغب في أن أراها.. ولم يرها إلَّا بعد كتابة العقد، ولمـَّا كتب العقد طلب منها أن تترك التعليم.

وذكر عمر رحمه الله أنَّ زوجته كانت هادئة التفكير، واسعة الثقافة العامَّة، شديدة التنظيم، دقيقةً في كلِّ أعمالها، وكانت عنايتها بالأولاد تفوق كلَّ ما تخيَّله، وظهر صواب ما كان يُريده من تركها التعليم؛ فقد ساعدته في الإشراف على تحضير أولاده ودروسهم في البيت، ومكَّنته من أن يعكف كثيرًا على التأليف.

وقال عن بيته: “وبيتنا بيت تقوى، تُقام فيه الصلوات، ويُصام فيه رمضان، وتُؤدَّى فيه الزكاة، وليس فيه شيءٌ خارج عن قواعد الإسلام، وليس في بيتنا تدخينٌ على الرغم من أنَّ الأولاد عاشوا مدَّةً طويلة في مصر وإنجلترا والولايات المتَّحدة وغيرها”.

ملامح عصر عمر فروخ:

عاش عمر فرُّوخ رحمه الله في القرن الرابع عشر، وأوَّل القرن الخامس عشر الهجري (1324-1407هـ) الموافِقين -للقرن الواحد والعشرين الميلادي- عواصف كبيرة أدَّت إلى إضعافه من جميع النواحي السياسية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية، وأهمُّ الأحداث التي ظهرت في القرن الرابع عشر الهجري وأول القرن الخامس عشر الهجري (القرن العشرين)، التي عاصرها عمر فرُّوخ رحمه الله:

1- الحرب العالمية الأولى (1914-1918م) بين ألمانيا والنمسا والمجر والدولة العثمانية، وبين فرنسا وإنجلترا وروسيا وإيطاليا وصربيا وبلجيكا، وانتهت بانتصار الفريق الثاني.

2- نشوب الثورة الشيوعية في روسيا سنة 1917م، وقضاؤها على الدولة القيصرية، وإحلالها مكانها دولة شيوعية في السنة نفسها، وعملها على إثارة شعوب العالم على الحكومات الرأسمالية والإطاحة بها، وقد ترتَّب على ذلك انقسام العالم إلى معسكرين: المعسكر الرأسمالي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية وغربي أوربا وأستراليا؛ والمعسكر الشيوعي وعلى رأسه الاتحاد السوفيتي وشرقي أوربا والصين. وقد طال الانقسام العالم الإسلامي فانقسم إلى قسمين: قسمٌ يتبع المعسكر الرأسمالي، وقسمٌ يتبع المعسكر الشيوعي. ثم ضمَّت الثورة الشيوعيَّة دولًا أخرى، منها دول إسلامية كأذربيجان وكازاخستان وطاجكستان وتركمانستان وغيرها، وأصبحت روسيا وهذه الدول تُعرف بالاتحاد السوفياتي حتى عام 1991م؛ إذ انهارت الشيوعية ومعها الاتحاد السوفياتي وأوربا الشرقية، وعادت روسيا إلى ما كانت عليه سنة 1917م.

3- سقوط الخلافة العثمانية (1924م): أدَّى سقوط الخلافة الإسلامية إلى إحكام الغرب سيطرته على البلاد الإسلامية التي كانت تخضع لدولة الخلافة، وإحلال القوانين الوضعية محلَّ القوانين الإسلامية، والحرف اللاتيني محلَّ الحرف العربي في الكتابة التركية.

4- تقسيم بلاد الشام (سورية ولبنان والأردن وفلسطين) واستعمارها من قِبَل فرنسا وبريطانيا، ثم استقلالها واستقلال الدول العربية الأخرى باستثناء فلسطين التي أُعطيت لليهود وطنًا قوميًّا بموجب وعد بلفور سنة 1917م.

5- قيام الحرب العالمية الثانية (1939- 1945م): اندلعت هذه الحرب عام 1939م بين معسكرين، الأول: معسكر الحلفاء، وضمَّ إنجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي؛ والآخر: معسكر المحور، وضم ألمانيا وإيطاليا واليابان، وانتهت بانتصار دول الحلفاء.

6- الحرب العربية الإسرائيلية (1948م): قامت الحرب بين الجيوش العربية واليهود، وانتهت بهزيمة الجيوش العربية وقيام (دولة إسرائيل) على معظم أراضي فلسطين، وأبعدت الألاف من الفلسطينيين عن أراضيهم وعرف هذا العام بعام النكبة.

7- هزيمة حزيران (1967م): قامت إسرائيل بالهجوم على مصر وسورية والأردن، فاحتلت ما تبقى من فلسطين (الضفة الغربية) والجولان وسيناء، وطردت الكثير من الفلسطينيين عن أراضيهم، وعرف هذا العام بعام النكسة.

8- الحرب الأهلية اللبنانية: اندلعت هذه الحرب عام 1975م، ولم تتوقَّف إلَّا في عام 1990م؛ أي بعد وفاة عمر فروخ رحمه الله بثلاث سنوات، فقُتل وشُرِّد الألوف، وأودت بحياة ابنه مازن عام 1987م.

9- الحرب العراقية الإيرانية (1980- 1988م): أضرت هذه الحرب بالعرب والمسلمين كثيرًا، واستنـزفت قواهم، وذهب ضحيَّتها مئات الآلاف من القتلى في صفوف الإيرانيين والعراقيين.

مكانة عمر فروخ العلمية

جهوده العلمية:

1- التدريس: اشـتغل عمر رحمه الله بالتدريس منذ تخرُّجه في الجامعة الأميركيَّة حتى وفاته -عدا دراسته في ألمانيا (1935- 1937م). إنَّه لم يجد مهنةً تفوق التدريس شرفًا وقدسيَّة، لذلك اختارها مهنةً في حياته، ولم يفضل عليها شيئًا آخر؛ بل رفض أن يتولَّى إدارة بعض مدارس جمعيَّة المقاصـد الإسلامية، فتولَّى التدريـس بمدرسـة النجاح الوطـنية بنابلس (1928- 1929م)، وفي مـدارس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية ببيروت (1929- 1935م) و(1937- 1961م)، وذهب إلى العراق مدرسًا للتاريخ الأموي والعباسي بدار المعلميـن العليا في بغداد (1940- 1941م)، واختير أسـتاذًا زائرًا للتاريخ الأمـوي وتاريخ الأندلـس بجامعة دمشق (1951- 1960م)، إلى جانب وجوده مدرسًا بمدارس جمعية المقاصد، فمدرسًا للتاريخ العربي في جانبه الحضاري، ولتاريخ العلوم عند العرب بجامعة بيروت العربية (1961- 1987م)، ومدرسًا لتاريخ العلوم عند العرب في كلية التربية بالجامعة اللبنانية (1970- 1971م)، وعهد إليه بالإشراف على رسـائل الدراسـات العـليا في كلية الآداب بالجامعة اللبنانية (1970- 1982م).

2- الصحافة: ظلَّ عمر رحمه الله يكتب في الصحف والمجلات خمسة وستين عامًا، وأصدر مع إخوانه: عبد الله المشنوق، وزكي النقاش، ومحمد علي الحوماني، والدكتور محمد خيري النويري، وعارف أبي شقرا، مجلة (الأمالي) في عام 1938م، وهي أسبوعيَّة ثقافيَّة، وكان عمر رحمه الله عمادها ولولبها، وتوقَّفت عن الصدور في عام 1941م، وعلَّل توقُّفها بأنَّه والقائمين عليها تعرَّضوا لضغوط؛ فالمفوَّضيَّة العليا الفرنسية عرضت أن تقدِّم الورق مجانًا (وكان ثمن الورق مرتفعًا) وعرض آخرون غير ذلك، فقرَّر عمر رحمه الله وقف المجلة عن الصدور؛ ذلك لأنَّ الذين يعرضون مساعداتهم اليوم سيطلبون “بدلًا” منها غدًا، ثم وجد أنَّ الصحافة “رهان مع الزمن” يجب أن تُسابق الشمس في مسيرها حتى تظلَّ أنت واقفًا في وجه العواصف.

3- ندوات القاسمي: عُرف الحقوقي الأديب ظافر أو محمد ظافر القاسمي (1913- 1984م) بقدرته المتميِّزة على إدارة الندوات وحسن اختيار الموضوعات، فسارعت قنوات التلفاز العربية إلى طلب سلاسل من الندوات يختار هو موضوعاتها، ويلتقي من يُشاركه فيها، وسجَّل مئات الندوات في لبنان والأردن والإمارات، وعُرفت: “ندوات القاسمي” وخاض في ندواته في كلِّ ميدانٍ من ميادين العلم، فتحدث في الأدب والأدباء، والكتب والمؤلِّفين، وحقائق الدنيا والدين، وعقلاء هذه الأمَّة من القدماء والمحدثين، وكان يختار لكلِّ موضوعٍ أكابر المختصِّين فيه، من أمثال الدكتور عمر فرُّوخ، والدكتور شكري فيصل، والدكتور مازن المبارك، والدكتور عبد الكريم الأشتر، والأستاذ عاصم بهجة البيطار، والدكتورة أمينة البيطار، والدكتورة عزيزة مريدن وغيرهم، وكان عمر فروخ رحمه الله عَلَمَها وباقِرها، ولا تكاد ندوة تُعقد دونه، وكانت تلك الندوات من أمتع ما سمعه الناس.

4- المجامع اللغوية والعلمية: عُرف عمر رحمه الله بالعلم الرائق والفضل الفائق، فضمَّته المجامع اللغوية والعلمية.. فقد انتُخب عضوًا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة، ومجمع اللغة العربية بدمشق، والمجمع العلمي العراقي، وجمعية البحوث الإسلامية في بومباي بالهند، والجمعية التاريخية بحلب، فضلًا عن كونه عضوًا فرئيسًا لجمعية البر والإحسان ببيروت (مجلس أمناء وقف البر والإحسان فيما بعد) وأحد ممثِّليه في مجلس جامعة بيروت العربية.

5- الابتعاد عن السياسة: آثر عمر رحمه الله ألَّا ينغمس في نفاق السياسة على الرغم من آرائه الصائبة، وآثر العمل بالتدريس وتربية الأجيال التي نهلت من معين علمه عامًا بعد عام، ويقول: “أنا لا أحب أن أتكلَّم في السياسة؛ لأنَّ الكلام في السياسة لا يفيد، والدليل على ذلك ما يقوله رجال السياسة عندنا في الصحف والراديو والتلفزيون من الحوار والوفاق والسلام، ووو .. والنتيجة ما نراه، إنَّ رجال السياسة عادةً -في كلِّ مكان- يقولون ما لا يعنون؛ من أجل ذلك يُقال في “علم السياسة”: إنَّ اللغة لتستر أفكار السياسي لا لإيضاحها”. ويضرب لنا مثلًا اتِّحاد الشبيبة الإسلامية ببيروت، بإخفاقه بعد أن اشتغل بالسياسة، فيذكر أنَّه كان عضوًا فيها، وهي جمعيَّة اجتماعية “تعمل في الحقل السياسي” (ولكنَّها ليست جمعيَّة سياسيَّة)؛ إنَّها تبحث في شئون المسلمين من جميع النواحي، ولكن لا يجوز لأحدٍ من أعضائها أن يقبل منصبًا سياسيًّا، ثم إنَّ جمعية اتحاد الشبيبة تطوَّرت إلى “المجلس الإسلامي” مع تبديلٍ يسير، وكان في قانون المجلس الإسلامي أنَّه لا يجوز لعضوٍ من أعضائه أن يقبل منصبًا سياسيًّا؛ وإذا ظهر أنَّ هذا المنصب ضروري للأمَّة، فيجب حينئذٍ أن تكون الموافقة بالإجماع، فلمَّا كان العام 1964م عُرض على حسين العويني رئاسة الوزارة (وكان رئيسًا للمجلس الإسلامي) فلم يكن بدٌّ من أخذ الموافقة على ذلك بالإجماع، فصوَّت عمر رحمه الله ضدَّ الاقتراح، ولمـَّا أصرَّ نفرٌ من إخوانه على رأيهم، حلَّ لهم المشكلة بأن غادر هو الجلسة، ثم أُعيد التصويت فنجح الاقتراع بإجماع الأعضاء الحاضرين. فقال عمر رحمه الله: “من ذلك الحين دخل المجلس الإسلامي في السياسة المحلِّيَّة، وخسر قدرته على (مراقبة المجرى السياسي في البلد) ثم رأيت أن استعفي من المجلس لأنَّني لا أرى أن أعمل في حقول السياسة المفلوحة بكل آلة، والمزروعة بكلِّ أنواع النبات”.

مؤلفات عمر فروخ:

للدكتور عمر فروخ رحمه الله نحو مائة كتابٍ مطبوع، تنوَّعت بين الطابع الثقافي والفكري والفلسفي والتاريخي والأدبي والمدرسي.

– كتب ثقافية عامة:

1- تاريخ الأدب العربي (6 مجلدات).  2- معالم الأدب العربي في العصر الحديث (مجلدان). 3- تاريخ العلوم عند العرب. 4- تاريخ الفكر العربي. 5- التبشير والاستعمار. 6- عبقرية العرب في العلم والفلسفة. 7- الأسرة في الشرع الإسلامي. 8- تجديد في المسلمين لا في الإسلام.

– كتب ذات طابع فكري نظري (فلسفي) وفكري عملي (علمي):

1- العرب في حضارتهم وثقافتهم. 2- الثقافة الإسلامية.. وظهر في طبعة قديمة بعنوان: أثر الفلسفة الإسلامية في الفلسفة الأوربية. 3- الحضارة الإنسانية وقسط العرب فيها. 4- التصوف في الإسلام. 5- عبقرية اللغة العربية. 6- صفحات من حياة الكندي. 7- ابن تيمية المجتهد بين أحكام الفقهاء وحاجات المجتمع. 8- ابن طفيل وقصة حي بن يقظان. 9- ابن حزم الكبير. 10- موضوعات محللة في تاريخ الفلسفة الإسلامية. 11- إخوان الصفا. 12- بحوث ومقارنات في تاريخ العلم وتاريخ الفلسفة في الإسلام. 13- حكيم المعرة. 14- ابن باجة والفلسفة المغربية. 15- كلمة في ابن خلدون ومقدمته. 16- الفارابيان: الفارابي وابن سينا. 17- العرب والفلسفة اليونانية.

– كتب ذات طابع فكري اجتماعي:

1- القومية الفصحى. 2- الإسلام والتاريخ. 3- دفاعًا عن العلم. 4- دفاعًا عن الوطن. 5- الأرانب والثعالب (مسرحة اجتماعية). 6- الخوارزمي (مسرحية علمية). 7- سفينة الحيوانات (مغناة للأطفال). 8- الأسئلة الثلاثة (تمثيلية فكاهية).

– كتب في التاريخ:

1- كلمة في تعليل التاريخ. 2- تجديد التاريخ في تعليله وتدوينه. 3- نحو التعاون العربي. 4- تاريخ الجاهلية. 5- العرب والإسلام في الحوض الشرقي من البحر المتوسط. 6- العرب والإسلام في الحوض الغربي من البحر المتوسط. 7- تاريخ صدر الإسلام والدولة الأموية. 8- وثبة المغرب. 9- تاريخ سوريا ولبنان المصور، بالاشتراك مع الدكتور زكي النقاش. 10- باكستان دولة ستعيش. 11- عمر فروخ وجهوده الثقافية في أربعين عامًا (1931 – 1971م). 12- غبار السنين (لمحات من حياتي، 1916-1982م).

– كتب ذات طابع أدبي:

1- خمسة شعراء جاهليون. 2-كلمة في نهج البلاغة. 3- الحجاج بن يوسف الثقفي. 4- شعراء البلاط الأموي. 5- عمر بن أبي ربيعة. 6- عبد الله بن المقفع. 7- بشار بن برد. 8- أبو نواس.

9- أبو تمام. 10- ابن الرومي. 11- أبو فراس الحمداني. 12- الرسائل والمقامات. 13- أربعة أدباء معاصرون. 14- الشابي شاعر الحب والحياة. 15- كلمة في أحمد شوقي. 16- شاعران معاصران. 17- هذا الشعر الحديث. 18- فجر وشفق (ديوان).

– كتب مدرسية للمرحلة الثانوية:

1- تاريخ العلوم عند العرب. 2- الفكر العربي. 3- المنهاج الجديد في الفلسفة. 4- المنهاج في الأدب العربي (3 أجزاء). 5- المنهاج الجديد في الأدب العربي (جزأن). 6- النحو الثانوي (جزءان) بالاشتراك مع منير البعلبكي، ونبيه حجاب.

– كتب مدرسية للمرحلة الابتدائية:

1- الإسلام ديني (5 أجزاء) بالاشتراك مع أحمد العجوز، ومدحت البنا. 2- أنا مسلم (تمهيد للكتاب السابق). 3- الطفل المسلم (5 أجزاء). 4- القراءة المصورة (5 أجزاء) بالاشـتراك مع واصف البارودي، وعبد الله المشنوق، وطاهر اللاذقي، وفؤاد قاسم. 5- التمهيد للقراءة المصورة. 6- النحو الابتدائي (3 أجزاء) بالاشتراك مع نبيل البعلبكي، ونبيه حجاب. 7- الخطوات الأولى في الإنشاء العربي. 8- تاريخ الإسلام المصور (5 أجزاء). 9- تاريخ سورية ولبنان المصور (3 أجزاء) بالاشتراك مع الدكتور زكي النقاش ثم بهيج عثمان. 11- تاريخنا المصور (5 أجزاء). 12- الجغرافية الابتدائية (3 أجزاء). 13- الأناشيد المصوَّرة بالاشتراك مع مدحت البنا.

عمر فروخ شاعرًا:

لعلَّ الكثيرين لا يعرفون أنَّ عمر فروخ رحمه الله كان شاعرًا موهوبًا، ينظم الشعر الجيد الرفيع؛ لقد كان يملك مقوِّمات الشعر الحقيقي من حس مرهف، وشعور رقيق، وخيال مبدع، ولغة ميتنة، ونظرات إنسانية عميقة، وثقافة بعيدة الآفاق، وقد يعثر المرء في شعره على الحكمة تُضيء في البيت أو البيتين وكأنهما من الأمثال السائرة، وحسبنا قوله:

يعثر الطفل بالمنون رضيعًا *** مثلما يُمْزَق الرِّداء القشيب

رُبَّ نفس تبكي لفقد عزيزٍ *** ضامها والحِمام منها قريب

وقوله:

ويُزَجُّ في السجن البريء ويختبي ***خلف الخيانة آبِقٌ ومُهَدِّدُ

ويح البلاد أليس تملك في الأذى ***والظلم إلا أنها تتجلد؟

وما من حاجةٍ إلى القول: إنَّ عمر رحمه الله لو تفرَّغ للشعر من شبابه لغدا في كهولته من أكابر شعراء العالم العربي في العصر الحديث. وكان يحتفظ بالرغبة في قول الشعر ليكون الشعر له بين الحين والحين متنفَّسًا قريبًا، يلجأ إليه إذا هو ملَّ من التأليف في التاريخ والفلسفة واللغة.

ولعلَّ الكثيرين -أيضًا- لا يعلمون أنَّ عمر فروخ رحمه الله صاحب باعٍ في أدب الأطفال، ولـه فيه شعرٌ كثير، غير أنَّه لم يُجمع في ديوان، وقد نظم عددًا من الأناشيد المدرسية وغير المدرسية، منها نشيد مدارس جمعية المقاصد، ولا شكَّ في أنَّ الأناشيد حاجةٌ ضروريَّةٌ في المدارس الابتدائية وفي عددٍ من ميادين الحياة: الحياة المهنيَّة والعسكريَّة وغيرها.