سيرة ميلان كونديرا

اهم اعمال واقوال ميلان كونديرا لا شكَّ في أنّ الأدب الفرنسي من أكثر الآداب العالمية ثراءً، فهو يحتوي على كثير من الأعمال الأدبية العظيمة في مختلف المجالات الأدبية من روايات ومسرحيات وشعر وشعر غنائي وغيره، وقد كان للأدب الفرنسي وحركاته الفكرية كالرمزية والكلاسيكية والواقعية تأثير كبير جدًّا على الأدب البريطاني وبقية آداب قارة أوروبا بالإضافة إلى الولايات المتحدة الامريكية، وقد أعطى أدباء فرنسا أهمية كبيرة للغة وشكلها وأسلوبها، وكانوا غالبًا ما يتقيدون بالقواعد والنماذج في الأدب أكثر من غيرهم من الأأدباء، ويعدُّ العقل لديهم عنصرًا أساسيًا وقوةً تتحكم بسلوكيات البشر جميعًا، وهذا المقال سيتحدث عن الأديب الفرنسي الشهير ميلان كونديرا.[١]

حياة ميلان كونديرا

ميلان كونديرا هو روائي فرنسي شهير من الروائيين اليساريين، ترجع أصوله إلى التشيك، ولدَ في عام 1929م لأبوين تشيكيين، كان والده رئيس جامعة جانكيك وعالمًا في الموسيقى، تعلم كونديرا عزف البيانو من أبيه، وقد درس فيما بعد الموسيقى والأدب والسينما، في عام 1952م تخرج وعمل كأستاذ مساعد ومحاضر في كلية السينما في براغ، وفي فترة دراسته كان قد نشر دراسته مقالات ومسرحيات وشعرًا، وعمل في قسم التحرير في عدة مجلات أدبية.[٢]

في عام 1948م انضم إلى صفوف الحزب الشيوعي وفصل منه بسبب ميوله الفردية عام 1950م ثم عاد إليه عام 1956م ثم فصل عام 1970م، في عام 1953م، نشرأول ديوان شعر له ولم يحظ باهتمام ملحوظ، ولكنه بعد أن نشرمجموعته القصصية الأولى بعنوان غراميات مضحكة عرف ككاتب بارع له أهميته الخاصة، في عام 1981م حصل على الجنسية الفرنسية بعد أن سحبت منه الجنسية التشيكوسلوفاكية بسبب كتاب الضحك والنسيان، وبعد أن نشر كتاب كائن لا تحتمل خفته ذاع صيته وأصبح كاتبًا عالميًّا، حصل على جائزة الإندبندنت في أدب الخيال الأجنبي عام 1991م، وعلى جائزة القدس وجائزة الدولة النمساوية للأدب الأوروبي وجائزة هيردر الدولية وجائزة التشيك للأدب، وما زال يقيم في فرنسا حتى الآن.[٢]

الأسلوب الأدبي لميلان كونديرا

اشتُهر ميلان كونديرا على اعتباره كاتبًا يساريًّا، لذلك اتَّسمت أعماله بانحيازها الواضح وميلها لأفكار الشيوعية، فكانت بداية أعماله تناول الأبعاد السياسية كثيرًا، إلا أنَّه في أعماله المتأخرة كان يتجنَّب الخوض في السياسة، فكان محور أعماله الفلسفة بأبعادها المختلفة، وقد خرجت أعماله بشكل عام عن النمط الأدبي المألوف، وتأثر أسلوبه القصصي كثيرًا بأسلوب روبرت موسل، وأمَّا في الأسلوب الفلسفي فتأثر بكتابات فريدريك نيتشه حيثُ اتَّبع نسقًا ثابتًا في الفلسفة، وتأثر أيضًا بكثير غيرهما مثل: كافكا ومارتن هايديغر وغيرهم.[٣]

وقد جمع كونديرا في أسلوبه بين المرح والسخرية والضحك، فحوَّل الأوجاع إلى كتابات ساخرة انتقدَ الواقع السياسي الأليم، فقد اختار أن يعبر عن الموضوعات الجادة بشكلٍ هزليّ ساخر، وبقيَت مفرداته العبثية كدعامات قامت عليها أهم مؤلفاته مثل: كائن لا تحتمل خفته والمزحة والضحك والنسيان وغيرها، ورغم تعمقه الشديد بالفلسفة والفكر والسياسة، ورغم خوضه حياة الأحزاب مع الحركة الشيوعية إلا أنه آثر السخرية والخفّة في كتاباته، فلم تقلقه فكرة استخدام ذلك في التعبير عن الألم والوجع، مقتديًا بالعديد من الأدباء مثل سرفانتس في دون كيشوت وغيره، وطغى هذا الأسلوب التهكمي على معظم مؤلفاته تقريبًا.[٣]

روايات ميلان كونديرا

رغمَ أنَّ كونديرا لم ينل شهرةً واسعة إلا بعد أن نشرَ روايته “غراميات مضحكة”، إلا أنَّه كتب العديد من المؤلفات العظيمة والتي لاقت شهرةً كبيرة فيما بعد، وربما من أشهر مؤلفاته التي حقَّقت له شهرةً عالمية هي رواية كائن لا تحتمل خفته، وفيما يأتي سيتمُّ إدراج أهم مؤلفات ميلان كونديرا مع لمحة موجزة عن كل منها:

  • كائن لا تحتمل خفته: رغم أنَّه كتبها في عام 1982م إلا أنها لم تنشر إلا بعد عامين أي في عام 1984م، تتناول الرواية فكرة العود الأبدي التي أطلقها نيتشه وشغل بها الفلاسفة من بعده، حيثُ تتحدث الرواية عن أربعة شخصيات رئيسية تتنوع بين الثقل والخفة، خلال أحداث سياسية مؤلمة عندما اجتاحت روسيا دولة التشيك في الحرب العالمية الثانية.[٤]
  • الضحك والنسيان: هي رابع رواية كتبها كونديرا في مسيرته الأدبية، وهي رواية مؤلفة من عدة حكايات تتداخل مع بعضها لتدخل القارئ في عالم فريد يمزج بين الفلسفة والذكاء وبين الهزل والمرح والخفة، يتحدث فيها عن تامينا التي تمثل الشخصية الرئيسية والمستمع الرئيسي فيها، فعندما تختفي تامينا تصبح الرواية من أجلها.[٥]
  • غراميات مضحكة: يعدُّ هذا الكتاب نقطة تحول في تاريخ كونديراالأدبي، وهو عبارة عن مجموعة حكايات تتحدث عن علاقات خرقاء بشخصيات شاذة ومشاهد ساخرة، ويعالج مواضيع رئيسية في الحياة مثل: الحب، الإخلاص، الهوية، مشاكل التواصل وسوء التفاهم وغيرها، وكل ذلك بأسلوبه المرح السلس.[٦]
  • الخلود: يحكي فيها عن وفاة أنييس المفاجئة، عند ذلك تأخذ أختها مكانها حتى في حياة زوجها بول، ورغم أن الحكايات في هذه الرواية تبدو غير مترابطة، إلا أنها تتداخل بطريقة مدهشة ومؤثرة، وكلها تدور حول مواضيع عدة مثل: الخلود والجمال والحب والمتعة والهوية.[٧]
  • الوصايا المغدورة: دراسة على شكل رواية في تسعة أجزاء، تختلف شخصياتها وتتلاقى، يشيرُ فيها الكاتب إلى إشكاليات الأنا، الذكرى باعتبارها من أشكال النسيان، الحياء، عدم التحفظ، القوة الغامضة في الموت وغيرها.[٨]

أقوال ميلان كونديرا

بعد المرور على حياة ميلان كونديرا وبعض مؤلفاته، سيتمُّ إدراج بعض أهم أقواله التي تتنوع بين الحكم والعمق الفلسفي الذي كان محور مؤلفاته في كتاباته على مدار عقود قضاها كونديرا في الكتابة، وفيما يأتي أهم أقواله:[٩]

  • تتناسب درجة البطء طردًا مع قوَّة الذاكرة، وتتناسب درجة السرعة طردًا مع قوَّة النسيان.
  • فهي لم تكن تملك في مقابلة عالم التفاهة الذي يحيط بها إلَّا سلاحًا واحدًا: الكُتب.
  • النوم بالنسبة لي ليس نقيض الحياة بل هو الحياة، و الحياة حلم.
  • ‏الكائن الإنساني ليس إلا شعورًا بالوحدة.
  • سيختفي الأدب، ويستمر تسكع الجمل الشعرية عبر العالم.
  • حتى البهجة التي يخلُقها وجود الحبيب، تحتاج الى الوحدة لـيكتمل الشُعور بِها.
  • حريتنا الوحيدة تكمن في الاختيار بين المرارة واللذة، إن تفاهة الوجود هي قدرنا، لذلك لا ينبغي أن نعيشها كإعاقة، بل ينبغي ان نعرف كيف نلتذ بها.
  • السر هو الشيء الأكثر شيوعًا والأكثر عادية وتكرارًا وانتشارًا بين الناس.
  • لقد بلغ العالم منطقة فاصلة إن هو تجاوزها، سيتحول كل شيء فيه إلى جنون.
  • الحلم هو البرهان على أن التخيل وتصوُّر ماليس له وجود، هو إحدى الحاجات الأساسية للإنسان.