قصة التمست لها عذراً

قصة اليوم تتحدث عن خلق الغرور وعاقبته تسمى التمست لها عذرا

كم هي مغرورة، من تظن نفسها!

هكذا كنت أرى جارتي في الحي الراقي الذي انتقلت إليه مؤخرا. توقعت أنها سترحب بي عندما ترى أنني أقمت حديثا في هذا الحي، لكن ذلم لم يحدث. حتى عندما تقابلنا في المصعد، نظرت إلي بابتسامة خفيفة ثم انصرفت مسرعة. أغضبني ذلك وقررت أني سوف أرد عليها بنفس التصرف أو أسوأ منه.

حتى جاءتني يوما، ففتحت الباب ووجدتها تبكي وتطلب مني استعمال هاتفي لأمر عاجل. عندما أجرت مكالمتها أمامي فهمت الحكاية.

سردت علي قصتها، فزوجها مرض فجأة وبقيت هي لوحدها تعاني البيت والأبناء ومتابعة حالته وأن هذا الخطب قلب حياتها رأسا على عقب.

احمررت خجلا من فعلي، وهي تقدم اعتذاراتها عما بدر منها من تجاهل لي. اعتذرت منها وطلبت منها أن لا تتردد في زيارتي وأني مستعدة لمساعدتها مهما كان الأمر.

ظللت أفكر عميقا في الأمر، فمذا لو لم يحدث هذا الموقف! مذا لو لم أعلم ظروفها وحالتها النفسية الهشة! لكنت لأظلمها وأعاملها بقسوة. لمت نفسي كثيرا كيف أني لم ألتمس لها عذرا، وكيف أني ظننت بها ظن السوء. أحسست بندم شديد على ما بدر مني، وما فيه من مخالفة لما يدعونا إليه ديننا الحنيف.

لقد وصانا النبي صلى الله عليه وسلم بالجار كثيرا، حتى أنه قال:
“مازال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه”

إن نمط الحياة الحديث جعلنا نبتعد كثيرا عن بعضنا البعض. وجعلنا نعيش وكأن كل واحد فينا يعيش في جزيرة معزولة وسط بحر الحياة الواسع. لا أحد يكترث لما يحدث لأقرب الناس إليه، واهتماماتنا أصبحت ضيقة جدا. مذا لو أعرنا من حولها البعض من الإهتمام، لصارت الحياة حتما أجمل وكانت العلاقات أعمق ونعمنا بالسعادة أكثر وأكثر، ولهانت علينا ساعات الحزن. ففي الفرحة المشاركة تتضاعف والحزن يخف وقعه عندما نقتسمه.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”

علينا إذن أن نتكاتف ونتعاون على البر والتقوى، ونكون جنبا لجنب في الفرح والترح، لعل الله يبارك لنا أعمالنا ويسعدنا في الدنيا والآخرة.
قال صلى الله عليه وسلم:
“الْمُؤْمنُ للْمُؤْمِن كَالْبُنْيَانِ يَشدُّ بعْضُهُ بَعْضاً”