قصة الأمروكي – للكاتب محمود ملص +18 للكبار فقط

قصة الأمروكي – للكاتب محمود ملص +18 للكبار فقط
تنويه:+18
لا ينصح بقراءتها من قبل الأطفال و الصغار…تحتوي على مواقف قد تكون مزعجة للبعض…
-هاد اللي كان ناقص، عايشة لحالها؟! يا فرحتي و الله! لا زلمة ولا أخ ولا أب كيف بترضاها على حالها!
شو هالناس هاي؟ لا ومش تحكي كبيرة بالعمر ولا ختيارة…يا حظي! صبية عمرها 25 سنة مطلقة و عندها ولد عمره 3 سنوات كييييف تعيش لحالها، ليييش؟! ما أوقحها؟ استغفر الله بس!!! فعلا اللي استحوا ماتوا…وين مفكرة حالها؟ بأوروبا؟ خليها تصحى يختي إحنا سكان مخيم عصفور…مش عايشين بشارع بالشانزيليزيه!
قصة: الأمروكي
كتابة و تأليف: محمود يوسف ملص
جزء واحد فقط مكتمل.
عمان 2001 – مخيم عصفور
هي للأمانة كانت صبية بحالها و بإبنها….بس جاراتنا عملوا حزب عليها مع إنها سكنت ببيت أختها مؤقتاً…بطلوا يعتقوها من شرهم…و هاتك يا جنان….فعلياً كنت أول مرة بشوف نسوان حارتنا بهاي الحالة…متفقين على إشي واحد…
بالرايحة و الجاية بسمعوها حكي و يا ويله الزلمة ولّا أبو العيال اللي يقرب من بيتها أو يمر من جمبه!
ع السريع بيحكوا لمرته و بتعملله قصة قدام المخيم عادي و بتفضحه و بصير عبرة…حتى أبو كعبر صاحب الدكانة بعد شدة الإدن اللي صارتله المرة الماضية صار يختصر مع إنه ما عمل ولا إشي غلط اللهم إنه هالصبية كانت ماشية و انخزق كيس البندورة و ساعدها تلمهم لإنه ما شاء الله العيون بالحارة أكلتها أكل…
المشكلة إنها كانت جارتنا الباب بالباب و أكتر حدا كان غيران منها إمي!
برغم إنه كنا ببداية الألفية الثانية يعني أحدث ما وصلتله الصناعة و العلم…تلفونات النوكيا 3310 و ياهو ماسنجر و البيوت صار فيها كمبيوترات بنتيوم وان و تو…….إلا إنه عقليتنا كانت لسا متحجرة جدا…جداً…ما بنترك حدا بحاله…
كنت أكره شارعنا الوسخ كره العمى…لإنهم ما بدهم يتطوروا..هو ما كان شارع حقيقي….كان لسا طين و حجار و اسفلت مكسر و مطبات….كل واحد عامل مطب شكل و يا حبيبي لو البلدية وقتها شالت واحد…..شاطرين بس يحكوا على بعض، حتى و إن كنا بعمان الشرقية…حتى و إن كنا بأسوأ منطقة شعبية فيكي يا أردن مش معناها نكون همج!
بكل مكان في المنيح و في السيء….كتير ناس مناح و مرتبين كنت أعرفهم بس البيئة اللي كنت فيها كانت ما بتنوصف…
المهم نرجع للبنت المطلقة اللي جننتهم….الدنيا خلتني أشوف هاي الصبية على مدى أسابيع و كانت من أكتر الناس المؤدبين اللي شفتهم بحياتي، أأدب من الجارات اللي ما خلوا كلمة على تربايتها و شرفها وهي حدا دغري لأبعد الحدود…مع إنه عندهم بنات….و المفروض يخافوا عليهم لإنه كما تدين تدان…
كل يوم كانت ترجع من الشغل جايبة ابنها من عند حضانة إم وسام اللي فاتحتها بالبيت و مبين عليها التعب…
شباب الشارع كان الكل بده يصيدها بأي طريقة…كلام وسخ، مرات رمي حكي من تحت الزنار…إشي بخلي الواحد يزعل على حالنا وين وصلنا…يتجمعوا مخصوص عشانها وهم عارفين إنه ما إلها حدا…
أمي برغم غيرتها الشديدة إلا إنها بلشت تشوف الفرق بين الصبية و بين الجارات و صارت تلوم حالها كيف قاعدة بتتصرف معها بنشافة….ولاحظت هاد الحكي من طريقتها بالحكي عنها، اتطورت تدريجيا…صارت تتقبل وجودها نوعا ما…علما بإنه الصبية كانت مطولة بالها و بتحاول تكون دبلوماسية رغم الأذى اللي صار عليها من المخيم…
ليوم شباب الحارة زودوها شوي…أو زودوها كتير…
وقفولها كالعادة عاملين حالهم بيلعبوا…
صاروا يشوطوا الطابة حواليها و هي حاملة ابنها….
واحد عمل حاله رح يوقع و سحب حجابها بالغلط كان بده يخوفها…ما كان قاصد فعلا إنه يسحب الحجاب…مع مدة ايده بالغلط و رجعتها خطوة فجأة وقعت على الطين…
النسوان على البلكونة بيتفرجوا…
الزلام بالشارع…غسيل عالبلكونات بنقط…وقف الزمن….الكل قاعدين ولا كإنه صار إشي…بيسرقوا نظرات من تحت لتحت…فيها نوع من الشماتة…
انهارت الصبية….حطت حجابها على راسها بسرعة و قامت….
كان موقف سيء جدا….
كنا راجعين أنا و أبوي من عند ستي، و تصادف المشهد مع وصلتنا على المخيم….
و فجأة بشوف إمي بتصرخ و ماسكة الخشبة اللي بتفرد العجين و بتنزل عالشارع كانوا تقريبا
4 شباب…
يومها أكلوا قتلة منها بحياتهم ما داقوا زيها…بحيث أبوي نفسه ما قدر يشفعلهم…أمهاتهم حاولوا و نزلوا يدافعوا عنهم…
كمان أكلوا اللي فيه النصيب من أمي الغضبانة…تنّين بطلع نار ههههههه….كان موقف مؤثر و علمتهم إمي درس من بعدها صار للشارع كله هيبة بس تمر الصبية أو إمي….حتى أبوي و أنا كنا مستفيدين من الحادثة التاريخية….حتى أنا صار إلي كلمة و هيبة مع إني صغير!
خلال يومين كانت الصبية قاعدة عنا بالبيت و بتعجن هي و إمي و حاكيين لبعض كل أسرارهم و صاروا صاحبات…إمي حبيبتي كانت تحب تحكي كتير، لما كنا نروح عالمركز الصحي أكون أنا مستوي من المرض أول ما تقعد تطلع يمين أو شمال تختار الضحية و تسألها هاد ابنك؟ و هاي الجملة كانت الافتتاحية اللي كانت تلم كل نسوان العيادة الصحية و يعملوا ديوانية و إمي تكون مستمتعة و تعمل جو مرات يكون في حلويات بالشنطة و توزع… لحتى يخلص دور المراجعين و يجي دورها و مرات تيجي الدكتورة و تقعد معهم من الحديث الشيق و الأخبار……..الصبية جارتنا طلع اسمها أحلام و ابنها الصغير فراس….
كان عندي من الطفولة حب غريب للمكدوس، حياتي مبنية عليه مع الخبز المحمص…و رشفة شاي بتجيب الحلقة الأخيرة من المتعة…
كان هالموضع مسببلي بهدلة ع طول لإني بخلص المونة فطور غدا عشا….مكدوس…
كل ما دخلت أحلام تلاقيني باكل أكلتي المفضلة…حتى لو تغدينا بلاقي حالي تلقائيا بدل التحلية بركض عالمرطبانات….
كنوع من التقرب طلبت أحلام من إمي الطريقة و أهدتني مرطبان…
حسيت بشعور حلو تجاهها…شعور دافي و كإنها وحدة من العيلة..
كانت تعرف كيف تكسب الكل حواليها..اللي بيتعامل معها ما بيقدر يستغني عنها…
مع إنه كان الطعم بعيييييد كتير عن اللي بتعمله إمي…
صارت حياتنا مرتبطة بأحلام بطريقة مش طبيعية، علاقة ما بقدر أوصفها بس هي نوع من التعلق المَرَضي…
إمي بطلت تعرف تقعد من غيرها،
أبوي كان يجي يسلم و يدخل على غرفته لحتى تروح…أنا كنت أحيانا اختلط فيها بالغصب، إمي كانت تخليني أجيبلها أغراض أو أحمل عنها هالشغلة و كنت أشوف بعيون أحلام أخت كبيرة انحرمت منها….
مرة كان باب غرفتي مفتوح…
طلبت مني تلقي نظرة و كانت متفاجأة…
غرفتي صغيرة….بس فيها كل إشي أمريكي…كحلي – أحمر – أبيض….كان عندي هوس بأمريكا بكل إشي فيها..بوسترات افلام على تذكارات شريتها من وسط البلد على اعلام على صور…..سيديات بدائية عن تعليم اللغة الإنجليزية و اللهجة الأمريكية…
لقيتها بتبسم…
عارف بمين ذكرتني يا مهند؟
خجلت..ما عرفت أرد…أحلام كانت حنونة بكل تصرفاتها…مؤدبة بحيث ما بتخليك تفكر فيها إلا زي أخت…و برغم إنها بتكون تحكي معي إلا إنها فعليا بتحكي بحياء كبير…برغم جمالها الآخّاذ إلا إنها أكتر شخص قابلته أدباً ليومي هاد..
سرحت شوي، بفكر، أول مرة أحلام فعليا بتشاركني معلومة خاصة…دائما مواضعيها عامة و ما بتحكي إشي مباشر إلي…
عارف بمين ذكرتني يا مهند؟، ابن أختي جوناس…
صفنت لمدة ثواني…مين جوناس؟ شو هالاسم؟!
اه ههههه هو يونس بس لإنه عايش بأمريكا بنحكيله جوناس و هيك اسمه فعليا….تعال معي أفرجيك هالشغلة…
نادت على إمي….
وصال…بدي مهند دقيقة….
طيب…ما تخليه يطول عشان يكب الزبالة…
فتحت باب بيتها و مشيت خطوتين….شغلت الضو….
ما تخيلت أشوف بيت بهاي الروعة من جوا، برغم وضعنا و مخيمنا طلع في عنا بيت خمس نجوم من جوا…بيت أحلام كتير نضيف و مرتب…محتويات غرفة جوناس ابن اختها كانت حلمي من لما كان عمري تلت سنين…فتحت عيوني و أنا مندهش…أمريكا كلها هون…..واووو….كانت اللحظة الأحلى بحياتي لما حكتلي أحلام…
عجبتك؟….مهند…هاي الغرفة كلها إلك…خدها بما فيها….
لقيت امي واقفة ورانا….
ياخد شو يا أحلام! مستحيل! شو بتحكي إنتي! و انت امشي انقلع كب الزبالة وللا أنزل أكبها أنا! ابعد خليني أنزل…….بسرعععة الكيس بنقط…
دمعت…صرت ابكي من القهر…ما بقدر اناقشها….بعد ما وصلت اللقمة للتّم…
الله ياخدني يا رب..و الله بس أكبر لأروح عأمريكا والله و الله…
سمعت امي بتحكي مع أحلام و انا نازل عالدرج…
ما بيصير هيك يا أحلام! احنا ما بدنا ياه يضل متعلق كتير بأمريكا! مجننا….مش عارف حتى يعمل صحبة مع الناس من ورا هالشغلة…عقله كله برا…
من الغل رميت الكيس جمب الحاوية…نفلته و رميته بكل مكان…
-ولاااا انت مش ابن وصااال! ليش قاعد بتعمل هيك فعلا انك مش مربى…تعي تعي شوفي قاعد بنفل الزبالة! هالحيوان!
– ما الك دخل! روحي ربي ولادك أول…إم كُشة…
ضليت يومين مكتئب و ما أحكي مع حدا، و أمي كل ما تشوفني تدفنشي، أو تضربني على رقبتي طيارة سريعة…
لحتى أحلام زعلت علي و ضلت ببيتها…أخدت موقف من إمي..إمي ما كانت تضربني بقوة بس كل ضربة إلها معنى و كنت أنا للأمانة استمتع بطريقتها بالتواصل معي…
ليش يا كرنيبة ما عم تيجي؟ ناديت عليكي 100 مرة…
لإنك مش عاملتيلي خاطر و بتعامليني كإني غريبة….و ما رح أجي إلا لما تخلي مهند ياخد كل هاي الغرفة باللي فيها…
إمي قاومت يومين و حاولت تفتح مواضيع مع الجارات بس عرفت تماما الفرق بينهم و بين أحلام…
و اشتاقت لفراس ابن احلام…تعلقت فيه…إمي كانت تعشق إشي اسمه فراس ابن احلام…صارت هي تحممه و تغيرله…أواعيه صار نصها عنا…
قررت يومها إمي تيجي تضربني كف مزدوج و تخليني أنا أروح أدق الباب و أحكي لأحلام إنها قبلت…
في بالحياة مفترق طرق لكل مرحلة بنمر فيها…
كانت هاي اللحظة من أجمل لحظات عمري…طفل وقع على كنز ألعاب…مهند وقع على كنز أمريكا…
جوناس عاش طفولته بمخيم عصفور…هو و أخوه و أمهم….أبوهم سافر على أمريكا و بعدها قدر ياخدهم لعنده….كان يهيأهم لهاي الحياة من أول ما طلع، كل شي ببيتهم كانت نكهته أمريكية…
أخدت كل شي…خليت الغرفة على الأرض…فاضية….غرفتي الصغيرة بطلت توسع من كتر الأغراض…
خطر على بالي سؤال و قبل ما أحكيه أحلام جاوبتني عليه..
جوناس ما رح يرجع في حدا عاقل بروح أمريكا و بيرجع هههههه…جوناس كبر…هو بعمرك أصلا….حرام هدول الأغراض يضلوا هيك إنت أكتر حدا رح يتسفيد منهم…
معك حق، اللي بروح أمريكا و برجع منها بكون أهبل…
بالأيام اللي بعدها كنت ما أطلع من الغرفة و أنا بقرأ المجلات الانجليزية اللي ما كنت فاهم منها اشي…اتهجى الكلمة بربع ساعة و ما أعرف معناها و أصير أألف على كيفي..عنا كمبيوتر عليه مُترجم بس كان سيء جدا……كنت أحكي نص الكلمات غلط بالشارع! و الكل حوالي ينهبر مني…
بالإضافة لسمعة إني ابن وصال اللي ربّت شباب الحارة بالقتلة، طلعلي سيط إني سفاح إنجليزي…
كنت عم بتطور بس ببطئ…
أحلام ما كانت مطلقة…
و هاد الأشي اللي صدم أمي أكتر وحدة، كانوا لما يفتحوا مواضيع الزواج و سر وجود أحلام بعيدة عن زوجها احلام كانت تراوغ على مبدأ استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان، صرخات إمي اليائسة على أحلام كانت من واقع حبها الشديد إلها،
-ليش ما قلتيلي إنك رح تبعدي بيوم؟ ليش علقتيني فيكي و بفراس؟ مو حرام تتركينا يا أحلام؟ فكري بترجاكي، الغربة صعبة، خليكي و بحطك بعيوني…
أحلام كانت تتمنى لو الموضوع بإيدها…اكتفت بس بتلقي المسبات و العتاب من إمي بدموع هادية، بالنهاية الظروف بتحكم الإنسان…
….إمي ضلت مريضة أسبوع و هي تبكي…على فراقها….
أحلام كانت تستنى فيزا من زوجها…تماما زي أختها أم جوناس….و كانت ساكتة طول الوقت….
عندها مبدأ، مش كل إشي بتشاركه مع الناس….صار معها مشاكل ببيت أهل جوزها ما قدرت تتحمل تصرفاتهم و نكدهم و كان الحل تسكن ببيت أختها مؤقتا بس من شدة احترامها ما حكت عليهم ولا إشي سيء…
كانت لحظة مؤلمة علينا كلنا بس إمي للأسف هي اللي تعبت و انخنقت….صارت تدعي عليها لما عرفت بالخبر من شدة زعلها….كان فراس بالنسبة لإمي بهديك الفترة زي طفلها هي،
و كانت تضل 24 ساعة تعطي أحلام مواعظ و حكم عن التربية…..
تقريبا كانت صدمة إلنا كلنا بعد ما تعودنا عليها…
بيتها تسكر مرة تانية….عم الصمت ببيتنا….إمي تكون تطبخ فجأة تقعد بالمطبخ تبكي بدون سبب…
أبوي تركها بحالها بعد ما شافها كيف تغيرت….كان عندها صورة لأحلام و ابنها تضل تطلع فيها و تسب عليها من الزعل…برغم إنها كانت تحكي معها مكالمة كل شهر مرة بس بطل هالاشي يفرق معها…
البعد جفا، إمي صار عندها تعب دائم و حزن مش مفهوم، كل ما بتيجي سيرة أحلام نحس فيها بتتوجع…
مرات كتير كانت تفقد السيطرة و تطلع برا البيت….برغم طبعها القاسي، إمي حبيبتي كانت من جواها حدا نضيف، بريء بحب بدفاشة…
تلت سنوات مرّت من لحظة سفر أحلام….صار عمري 16 سنة…
إمي تقريبا نسيت الموضوع بس ضل جرح بقلبها….ياما تيجي تدخل على البيت اسمعها بتحكي بسرها كلمات مع دموع متخبية….
لحتى باب أحلام انفتح مرة تانية…بس هالمرة….مش أحلام….
الغبرة بطلت موجودة…رح ترجع لهالبيت الحياة مرة تانية..
جوناس…أمه و أخوه الأصغر و معهم أختهم اللي انولدت هناك….
إمي ما بتعرف حدا فيهم…لما سكننا هم كانوا مسافرين زمان…
لأول مرة بقابل جوناس…هاد الولد المراهق اللي شعره بني طويل ناعم…ملامحه كلها اوروبية….حسيته النسخة المحسنة مني…النسخة اللي كنت أشوف حالي فيها بالمراية…
كلهم كانت اشكالهم غير…ارتبكت و صرت بدي أفرجيهم أحسن ما عندي و كل تفكيري إنهم زي أحلام…
يومها سمعنا صوت خرخشة ببابهم و طلعت أشوف…
ما كنت محتاج حدا يحكيلي مين هم…واضح….تقريبا مخيم عصفور كله انتبه عليهم…
خالتوا أساعدكم؟ ضايل شناتي تحت….
تفاجأت بنظرة غريبة منها….و كإنها شافت إشي مش بني آدم…
لفت وجهها باتجاه ابنها….
-جوناس…دير بالك الولد ليسرق الشناتي…
حكتها بالانجليزي…
انصدمت من حكيها و تأثرت…حسيت حالي فعلا حرامي…
رديت عليها بدون وعي…
أنا مش حرامي خالتو…
جاوبتها كمان بالانجليزي….
بلعت ريقها….كان هاد الرد شرارة كُره شخصي إلي ما بعرف ليش…
مع تدخل إمي اللي كانت متلي…كانت مفكرة أم جوناس زي أحلام…التنتين أختين فالمفروض في تشابه..
بس شتّان…البطن بستان و في أخين بس ما في طبعين…أم جوناس، كانت النسخة العكس تماما من أحلام…
أمي حاولت تبدا علاقة فورية مع إخلاص…ام جوناس….بس كانت هاي الجارة الجديدة مليانه حقد، مليانة بؤس و شوفة حال غريبة….حملوا الشناتي و دخلوا بسرعة…اختصرونا…يمكن من حقهم هالشي…كانوا تعبانيين…
كلنا كنا مستغربين كيف رجعوا…احلام كانت دايما تحكي إنهم مستحيل يرجعوا….كان في تهكنات كتيرة و ع الأرجح إنهم كانوا جايين زيارة…بس ناس متل هدول المفروض ينزلوا بفندق محترم..مش ييجوا عن عالمخيم…
كل الظنون طلعت غلط…
لما بلشت أصواتهم من أول يوم تعلى و توصل للشارع…
صراخ جوناس كان بيطلع من حدا يائس…حدا مقهور….كل حركاتهم صاخبة…و كلامهم كان عالي و كأنهم كانوا معنا بنفس الغرفة..مهما حاولنا نغض سمع صرنا نعرف كل شي…
اللحظة اللي ما بنساها لما دقت أم جوناس باب بيتنا زي المجنونة….
فتحتلها و قبل ما أحكي معها ولا كلمة..صارت تخلط عربي انجليزي و عربي مكسر…
بدي ترجعلي كول ايشي أخادته من بيتنا….أوول اوف إت! اوكي! ناو…فورا…جوناسسس….كام أون….
أول مرة بتيجي عيني بعين جوناس…
كانت الأغراض عندي من فترة طويلة و تقريبا جبت أشياء كتير اجدد….بريقها طفى من زمان…
اتطلعت بأم جوناس…
خالتو أعطيني شوي و رح أجيبلك كل إشي بس لإنه بدهم فرز…..
استغليت الفرصة…
تعال يونس…تفضل خد كل اشي إلك…و في عندي كمان أشياء زيادة لو بتحب أنا ما بستخدمها….
اتطلعت فيي أمه بجفاصة….
ما تتأخر ماما….خد أغراضك و تعال…بسسسس أغراضك ما تاخد اشي زيادة…
وقتها جوناس دخل عندي و كانت إيديه بترجف…بلشت أجمعله أغراضه….
آي هيت ما لايف….بكره كل شي…
حكاها و هو على وشك إنه ينفجر من البكا….
لميتله أغراضه و أعطيته ياهم….احتجنا لكزا مرة و نحنا بننقلهم..كنت عم بفوت عنده على البيت و إمه بتراقبني…
حسيتها بلشت تعرف إني مش شخص سيء بس هي من النوع المغرور..اللي شايف ولاده أحسن ولاد بالعالم….على عيوبهم….
بتمر الأيام، يمكن سنة و شوي….و علاقتنا متوترة معهم جدا….برغم شوقي الكبير لإني أصير أنا و جوناس صحاب….رح أتعلم منه أشياء كتير بعرف…. إم جوناس بتصد إمي بكل الطرق…حتى صحن الطبيخ ما بتقبله….
سألتها مرة لإمي ليش مصرة على هاي العلاقة…اللي من طرف واحد….
إمي برغم إنها كانت بتحكي كتير و بتعمل علاقات نسائية كتيرة إلا إنها كانت واعية و فاهمة….
حكتلي يومها كل شخص فينا بمر بلحظات بفكر حاله ماشي صح و لما يصحى على تصرفاته كل شي فيه رح يتغير…
تقريبا ما فهمت بس اقتنعت….و تركت الموضوع…
كل يوم في مشكلة بالليل عندهم….جوناس كان مش راضي يتقبل الوضع أبدا….
كل يوم بكا، صراخ، تكسير….
أخوه الصغير جهاد اللي صار إسمه بأمريكا جاد كان شخص لطيف جدا…جدا بحيث بتتمنى يكون أخوك من لطافته….بس كان دايما ساكت..حاطط سماعاته و ساكت…معه (ووكمان) بيشتغل على سي دي و كان هالشي صرعة….أختهم ميلا عبارة عن قطعة سكر صغيرة بتخاف عليها من نسمة الهوا، حدا ما بيتكرر من النعومة و اللطافة…
و بتفتح المدرسة للتوجيهي…و عيلة جوناس كل يوم نفس الحكاية…
وصلت لمرحلة أسمع تنهدات و آهات جوناس بالليل من الوجع النفسي…
جوناس كان بنفس عمري، لو بقي هناك…بأمريكا….كان يروح جامعة…..بس الظروف اللي عرفتها بعدين…خلتني أحزن عليه……
كنت مبسوط و طاير من الفرحة جوا قلبي لإنه عم بتقرّب منه، يمكن محتاج أخ…
و كل خوفي أتعلّق فيه زي ما تعلّقت إمي بأحلام….شكلي أخدت الموضوع وراثة…أنا متل أمي بحب يكون عندي صاحب يشاركني حتى اللقمة…ما بقدر أكون وحيد….ومع هيك كنت متأني باختيار هاد الصاحب…
مدرستي كانت أقدم مدرسة بعمان الشرقية…..أقدم حتى من مخيم عصفور نفسه….بأول يوم دخلنا الكل عرف إنه هاد الولد مختلف….وهو زادها شوي…كان يعمل زي إمه….ما بيزبط تشوف حالك….وين مكان..الغرور مش إشي منيح….جوناس طلع متسجّل بالشعبة الي جمبي….ما كنا بصف واحد….و لسا بنقول بسم الله….جوناس انضرب بنص الفرصة….وصلت لعنده كان على الأرض و تحت وجنته في دم نازل..
إنه المعلمين بهديك الفترة يتدخلوا مستحيل..كان الحل إني أتدخل…أكيد مش رح أقدر للطلاب اللي ضربوه…طول عمري كنت شخص بحاله….بس بعرف تماما كيف آخد حقي….بنفس اللحظة ركضت لعند حدا كل المدرسة بتحسبله حساب…جواد…. الشب اللي راسب سنتين و بلعب حديد و إله لقب ما بحب أحكيه بس بما معناه زي الكلب اللي إله عضلات…….كان مشغول…استنيته دقيقة….أعطيته دينار قبل ما أحكي معه عشان أتقي شره…….كنت ألهث من الركض…
بوجية و عدنان و يحيى ضربوا ابن جيراننا….بدي تاخدله حقه يا جواد….
كنا سايقين فيها زيادة أيامها إنه هو الزعيم و ما كان اشي مضايقني…واحد بقدملك خدمة على مدار الساعة بمقابل مادي…
كان جوناس عم بلم سندويشته من الأرض و بسبسب بالانجليزي….وصلنا أنا و جواد لعنده….
حكاله بلهجة ما فيها نقاش…
تعال معي ولا….
جوناس شافني معه و حس شوي بأمان….
مشينا لعند صفهم…..فتح جواد الباب…
استاذ بدي بوجية و يحيى و سامر…تعالوا….المدير بده ياكم….
اخدهم جواد ورا المدرسة….
ليش ضربتوه! مش عارفين إنه تحت حمايتي؟!
ما هو يا جواد….ما بنعرف فكرناه جديد و…
قبل ما يكمل الكلمة ضربه جواد كف خلاه يلف حوالين حاله..كمل عالتاني ببوكس على بطنه و ضرب الأخير برجله زي كأنه بشوط طابة….صاروا يجروا حالهم و هم بهربوا…
والله اللي بصيبه مرة ثانية لأ#$%#$$##$
خلص خلص و الله ما حدا رح يقربه…..اسفين…
اتطلع فيي جوناس يومها….نظرة شكرا عميقة…..كان إعلان صحبتنا الرسمي….قطع هاي النظرة صوت جواد و هو بصرخ على جوناس…
و انت ولا زي النسوان مش عارف تضربهم؟ مش شايف إنهم أقصر منك؟! هات دينار إنت كمان….
مد ايده جوناس و هي بترجف…اعطاه كل اللي بجيبته….
صحيت على صراخ أمه العصر و هي بتصرخ على إمي…
ابنك عم بعلم ابني البلطجة! مستأجرين واحد و ضاربين تلاتة! اسمعييي و الله ببلغ الشرطة عنه هلأ….
جوناس لما حكى لإمه فكرها رح تنبسط…بس هي لقت عيب و فرصة حتى تعطينا شوية سم…
إمي كانت واقفة بتقصقص بزر و بتطلع فيها….
اه كملي!
شو أكمل! شايفة عمايل إبنك!
إجيت وقفت جمب إمي..اتطلعت فيي بشرارة غضب و سخرية…
اسمع ولا مهند…بكرا بتروح بترجع الدينار من جواد و بتحكيله كل ما تشوف جوناس بتضربه…ماشي!
أنا سكتت..كيف أرد عليها….رجعتلها إمي بنظراتها….
شوفي يااااا إخلاص…ما بعرف ليش إنتي مش زي أختك! بس بكل الأحوال شوفة الحال هاي بلاش منها….كنتي بأمريكا ولا بالهند كلنا ولاد تسعة….سيبك…ما انتي طول عمرك سكان مخيم عصفور و هيك راجعة و ساكنة من فترة….بس ترجعي لعند جوزك يختي إرجعي شوفي حالك….
كلام إمي كان قاسي….خلانا نعرف بعدين إنه إخلاص اتطلقت و زوجها كان شخص حقير…وصل لمرحلة إنه يضربهم كلهم….و إنه قطع عنهم المصروف و الفلوس كلها…..الشي اللي اضطر أم جوناس تشتغل سكرتيرة عند محامي حتى تقدر تصرف على ولادها….
من بعدها صارت المدرسة تحسبلنا حساب مرتب…جواد كل أسبوع بيقبض من جوناس دينار حماية…
و الحياة ماشية….
بلشت صحبتنا تقوى…بلشت أحس إنه جوناس عم بصير يونس الطبيعي ابن البلد…….
يجي يدرس عندي،نقضي ساعات و ساعات بالحكي و النقاش و أنا طاير عقلي بأميركا و قصصها…. مرات كتير يحب ياكل عنا….طبيخ..
أمه كانت تقضيها جاهز لإنها ما بتفضى…كل وقتها شغل…حتى إنها صارت تدرّس انجليزي لولاد الجيران….بعد الدوام….برغم كل شي كنت احترمها…..
جاد و ميلا كتير بحبوا اقعد احكيلهم قصص بغياب أمهم…كنت أحبهم كتير…
كانت صدمة غريبة لجوناس لما أخدته معي مرة على البالة، كنت بشتغل هناك كل جمعة مع المعلم براءة اللي كان يستعر من إسمه لإنه ع كلامه بنّاتي..
-نادوني أي إشي بس قدام الناس اللي بحكي براءة بحكم ع حاله إعدام…
جوناس وقف يتطلع علي و أنا بنادي على البلوزة بنص دينار و الناس حوالي زي النحل، مرات كنت كنت أغني يللا بنص يللا بنص والمعلم براءة يصير يصفق و الناس تتجمع علينا و تضحك و نبيعهم و هم مبسوطين…كان يتطلع علي بنظرات كإنه أول مرة بشوفني على طبيعتي….احرجته و خليته يوقف معي…سحبته من إيده…
تعاااال هههههههه اسمع انت بتعمل بيت بوكس بتمك و أنا ببيع على النغمة..
ما حدا كان يعرف شو يعني بيتبوكس بهداك الوقت…
كان يوم حلو و كله أحداث حلوة….بعنا كل البضاعة و براءة أعطانا كل واحد زيادة…
وقت البريك طلعت ساندويشات المكدوس و عزمت يونس…
انصدم…كان اشي غريب..
جارليك؟ الصوص اللي جوا هاد الشي الغريب توم يا مهند؟
عادي بتاكل منه كمان ساندويش؟ لا أنا بطلب هلأ شاورما أو برغر…
طب دوق جرب!
مستحيل! شو بتحكي انت….
يومها ما قبل يدوق و ضل طول الطريق يسألني عنجد تومة؟ ساندويش في تومة نية؟ عادي!
أنا أضحك و أشرحله كيف هالأكلة ما بقدر أعيش من غيرها….
كان لما يجي ياكل عنا ما يحضر حفلة التحلاية….
يونس كان عايش لسا بصدمة كيف أبوهم تغير عليهم و قضاها هناك شرب و علاقات حرام و ختمها بالمخدرات….كنت عم بفهم ليش هيك شخصية إمه عدائية جدا….ما كانت تضحك أبدا….و علاقتها بابنها كانت عم بتسوء كل شوي….يونس بده يسافر لعند أبوه..مش متحمل فكرة المخيم…
كان كتير يتعرض للتنمر بالشارع….ما كان حدا يرحمه…الكل بقلده كيف بزبط غرته الطويلة…لقبوه بالأمريكي….الشب الأمريكي….و صار لقبه وين ما يروح….من كتر ما أذوه نفسيا قرر بيوم إنه يصير زيهم….
مرة بسمع إنه عم بياخد حبوب….يوم شرب كاسة اشي غريب معهم….الناس نفسهم اللي كانوا مش تاركين خالته أحلام بحالها…..قعداتنا قلّت مع بعض….إمي صارت تحذرني منه…أبوي ما كان يحكيلي إشي بس كانت نظراته تعاتبني لو شافني واقف معه….
كله عندي كان عادي و راضي بصحبتنا طالما أنا بنصحه دايما و هو مرات كان يسمعلي….لحد اللحظة لما شفته يوم مع شب أكبر منا بخمس سنين….كمال……
كمال كان ساكن بمخيم السعادة مش كتير بعيد عنا….هالشب كانت ميوله كلها غلط…و بنسمع عنه أشياء مخيفة عن علاقته مع المثليين…و أي واحد بيمشي معه كنا نعرف إنه مش تمام زيه…..وين ما يروح هالشب بيعمل مشاكل و مصايب…
كان جوناس عم بنزل من سيارة كمال و أنا وقف قلبي…
ركضت عليه بدون وعي…مسكته من كتفه…
مجنون إنت! عارف مين كمال! بتعرف إنه ($$#$#$#$%) ولا ما بتعرف! عمللك إشي، احكي! شوفي بينكم؟ مش لاقي غيره تركب معه؟
اتضايق مني يونس كتير…
بعرف مين هو بس علاقتنا صداقة…أخوة…..بعدين حتى لو كان ($%^) اتس اوكيه! هو حر بميوله! و عفكرة كان عم بوصلني….
عصبت عليه..بعتبره زي أخوي….
شوف لو بدك تمشي معه بتنساني…أنا بحكي معك لإني بخاف عليك…هاد شخص حية و إله ضحايا كتير…و دايما بحذرونا منه…لا تضيع حالك….لا تضيع سمعتك يا يونس….لا تخليني أحكي لإمك….ما بعرف كيف طلعت مني الكلمة، يمكن من كتر خوفي عليه…
بهديك اللحظة لقيت يونس بيهجم علي و بيوقعني على الأرض….كانت لحظة غريبة فيها غدر….ضربني على عيني تلت بوكسات لحتى الجيران خلصوني من بين ايديه….كنت لو بعد 100 سنة مستحيل أضرب حدا كيف لو كان يونس! الشخص اللي بعتبره نسختي المحسنة…
صار وقتها يصرخ علي و يحكيلي كلمات مخلوطة كالعادة…
ما إلك دخل..فاك أوف! ما تحكي ولا إشي ما بخصك..و إياك تحكي لأمي! أوكيييي @#$@#$
كل هالحكي صار قدام عيون إمه وهي راجعة من الشغل….
شافت عيني و الدم خافت من إمي….كانت واقفة مصدومة…الكياس وقعوا من ايدها….أخدتني على بيتهم….ضليت عندهم تلت ساعات و إمه تبكي بصمت…..سألتني ليش صار هيك بس ما حكيتلها….يونس كان خايف يحكيلها عن علاقته بكمال..هو فعلا ما صار في إشي بينهم بس يونس كان بده يتمرد على الواقع…يعمل حاله شخص متحرر..علامات المراهقة عنده كانت واضحة….اكتشفنا إنه كمال عاطيه حبة بتخليه صاحي زيادة و الأدرينالين عنده ألف…و هو مش بوعيه
قدرنا نحكي لإمي إنه في حدا تهجم علي من برا المخيم…و مشيت القصة…
ربع ساعة بس…. إمي كانت رح تكسر الباب على يونس و أمه….
ضليت أترجاها تبعد، خفت على أخوه الصغير و أخته…رح يخافوا..
والله لأعدمك حالك إنت و إمك….يا كلب..بتضرب إبني اللي بدرسك! بتضربه اللي معتبرك زي أخوه!….رح أجيبلكم الشرطة هلأ و رح تفتحوا غصب عنكم…
تجمع كل الشارع عند عمارتنا و إمي ضايجة لأبعد حد…..
أبوي لما شاف عيني كان رح يقتله و أنا أحاول اهدي الموضوع….لحتى فتحت أم يونس…
حقك علي…
كانت هاي اول مرة أم يونس بتتنازل عن برستيجها…..
ابني غلط و مش مربى و رح أربيه إن شاء الله بس صدقيني ما كنت اتمنى هيك يصير….هاد واحد كلب طالع لأبوه….سامحيني يا وصال…هاتي أبوس إيدك بس ما تشكي عليه..مش ناقصنا مشاكل…
انهارت إمه….صارت تبكي بحرقة…مخها بطل يتسوعب إنها تكون أب و أم بنفس الوقت…بطلت تلحق الشغل هون و هون و التعب…و الترباية….يونس كان عقله صعب كتير…
إمي سحبت نفس…
شوف يا كلب….أنا رح أتركك كرمال إمك اللي قاعدة بتترجى بس أقسم بالله لو بشوفك نطقت حرف مع إبني رح أقتلك بنفس مكانك….فاهم! بتنسى صحبته للأبد….
ملامح يونس اللي واقف بعيد بلشت تتغير…تقريبا حس بغلطه…و أنا حسيت حالي يتيم من غير صاحبي اللي بحبه كتير….
حسيت الأيام اللي بعدها كانت أصعب أيام حياتي..حتى نتيجة التوجيهي لما طلعت ما حسيتلها طعم، فرحتله كتير و كان نفسي ترجع ايام الصحبة القليلة اللي قضيناها مع بعض….بس الدنيا بتتغير…
مرت فترة….كانت حياتي بائسة جدا و أنا بشوف يونس صار عنده صحاب جداد…حياة جديد….أخلاقه صارت بالحضيض…سهر و خراب و إمه فقدت السيطرة عليه….تعرّف على ناس من برا المخيم…ناس أكابر أغنياء و كانوا يتسلوا فيه و يشوفوا حالهم عليه….كنت أعرف هالشي من أخوه جاد..مرات كان يفضفضلي…..ميلا أختهم صارت تحب إمي بطريقة مجنونة و تعلقت فيها رغم كره إمهم لهالشي…الشي اللي خلاها بالآخر تضطر تخليها عنا وقت الشغل…ولسا مع هيك عندها لؤم فظيع…
ميلا كانت عم بتشوف حنان كبير من إمي و أنا بطبيعة الحال تعلقت فيها…
اختي الصغيرة و أعز…رجعنا لأيام فراس ابن خالتها…
صرنا نشتريلها ألعاب و أواعي و نهتم فيها أكتر من حالنا…….
كل هاد و أنا لسا بفجوة كبيرة مع جوناس بعلاقة أخوّتنا و صداقتنا…
كنت افتقده و كإنه قطعة مني، صداقتي معه كانت بحثا عن الأخ اللي ما كان عندي…
كنت بحتاج يكون إلي أخ بحياتي…ما بعرف لو كان قراري صح بإنه يكون هو نفسه جوناس…
مرة عم بحلم حلم غريب إني عم بوقع و بوقع و أبوي بصحيني بطريقة غريبة…
قوم شوف صاحبك شو ماله…
بدون وعي مشيت للباب…
يومها كان مش يونس…كان شخص مكسور و محطم….ريحته كحول قاتلة….
أبوي كان يلومني بعيونه بس بيعرف إنه علاقتنا انقطعت من آخر مشكلة….
أول ما شافني أنا لسا كنت بصحصح…ضمني و شد علي زي الصغار…
انقهرت عليه خصوصا مع الرجفة الغريبة اللي كان فيها،…
عرفت إنه سكران…
شايف شو صار معي يا مهند…لينا تركتني…لينا هجرتني….مشان الله تعال وديني عندها….قال بتحكيلي إنت سكان المخيم و أنا كنت معتبرتك فرند…..ضحكت علي…
وقفت إمه وراه و هي محبطة، بتبكي بيأس…نظراتها كانت بتترجى وهي شايفة قراراتها هي و زوجها وين وصلتهم…شايفة قسوة قلبها على ولادها شو عملت…هي بتحبهم بس جواها اشي غريب مخليها تتعامل معهم زي مديرة المدرسة….
مشان الله يا مهند اوعك يعمل بحاله إشي….
قبل ما تكمل كلمتها صار جوناس يضرب بحاله…
لينا خطبت….لينا تركتني…بدي أموت….أنا فقير أنا كلب…
وقفنا أنا و أبوي صرنا نهدي فيه و نحاول نمنعه بس هو كان دمه فاير لدرجة خلته يبعدنا عنه و يتحرك بعشوائية و يوقع على الدرج و يجي راسه و بحلف إني سمعت صوت عضمة انكسرت…….وقفنا لثواني مصدومين…
كان المشهد بالنسبة لإمه مخيف جدا، خصوصا و إحنا راكضين فيه بالمخيم للمستوصف و الدم بينزل شلال من راسه و رقبته كان الوضع مش مبشر أبدا….
كانت المسافة لحتى وصلنا تلت دقايق و كل المخيم حامله…
ميلا و جاد من البكا صار لونهم أزرق…
اكلنا بهدلة من الدكتور، علمنا تجمع كبير و في مرضى غيره مع إنه الدنيا مغرب…
و كان لازم نسعفه للمستشفى…
بيطلع الدكتور بعد شوي، العصبية اختفت وجهه تغيرت ملامحه…في صدمة و برود غريبين…
وين أهله؟
إمي و أبوي جاوبوا قبل إمه..
نحنا….خير دكتور….
وطى الدكتور راسه…
الشب نزف كتير، ، كانت كمية الكحول كبيرة بجسمه شكلها الخبطة كتير قوية على العمود الفقري و الراس…طلبناله سيارة اسعاف بس حسب نظرتي الأولية الموضوع احتمال 98 بالمية يكون صار عنده شلل…
الوضع الطبيعي إنه الأم بهاي اللحظة ترفض الواقع…
بس طبعها عمره ما رح يتغير…
قربت علي و مسكتني من كمّي..
انت و ابوك حملتوه غلط! انتوا السبب…
يومها إمي ما تحملت، كان الغرور واصل لأعلى مرحلة عند أم يونس و بنفس الوقت كل الفترة اللي بعدت عنهم فيها ما فادتني..بالعكس….
امي شدتها من كتفها و صرخت فيها بنص العيادة…
-اللي وصل ابنك لهون هو انتي! انتي و ابوه اللي كل واحد فيكم ركض ورى انانيته…تربايتك الوسخة….شخصيتك اللئيمة…..بكفي يا إخلاص! بكفي..انتي بتكرهي ابني لإنه احسن من ابنك بكل اشي، بالتربية و بالشخصية و….
أبوي سكر تم إمي!
لف لعند الدكتور وسط كل شي…
في أمل للعلاج!
ابتسم الدكتور ابتسامة ارتباك…اتطلع بعيونه لبعيد…
في أمل…بس حتى لو موجود…مش بهاي البلد….بدك تشوفله أي دولة بأوروبا أو أمريكا…و فترة علاج ما بقدر احكيلك مدتها…
في زلمة غريبة لاحظت وجوده دخل من بين الناس و راح مباشرة لعند يونس…
الكل بيشكي و بيبكي و الدكتور بيعطي أمل ووعود بعيدة…
لحتى قطع حديثنا نفس الشخص الغريب…
يزلمة الله لا يوفقك على هيك تشخيص! أنا كم مرة حاكيلك ما تتفلسف! ااااخ رح يجنني هالممرض! يعني في حدا بيعطي تشخيص إنه الشب انشل بعد خمس دقايق؟! طب شو خليت للدكاترة التانيين!
الكل ارتبك، أم يونس بطلت تعرف شو بدها تحكي و شو اللي عم بيصير…
نطت إمي بقوتها المعروفة!
هو مين الدكتور فيكم!
الزلمة الطويل…
أنا الدكتور يختي و ابنكم ما فيه اشي بس سكران! هلأ بس يصحى بقوم يمشي زي ال….زي الغزال…
اختطلت علينا المشاعر…
أم يونس اللي اتهمتنا إنه إحنا سبب ضرر ابنها بطلت تعرف وين تتطلع….رجع الأمل من جديد…
أنا كل هاد كان مش هاممني…بدي بس أشوف يونس بخير و أروح عالبيت…
الإسعاف طبعا ما وصل إلا بعد ساعة و شوي…و سامحناه….رجع من محل ما إجى….
كان يونس وقتها عم بصحصح….
لفيت وجهي بدي أطلع من المستوصف…
ناداني…بصوت فيه تعب العالم..
مهند…
سامحته…ما قدرت…مشيت بسرعة لعنده ووقفت جمبه…
أمه كانت محتارة تقرب عليه ولا لأ…و جوابه كان بالنفي….ابعدي عني…أشرلها بإيده….
كانت نظراته زي الغرقان اللي بدور على ايد قوية تسحبه من الغرق…كان بده أمان بهديك اللحظة….
الأيام الجاي بعد هالحادث…
يونس صحي على حاله، تغير كتير…القصة مش قصة وجع براسه أو رقبته من الوقعة…
سألته كتير ليش قرر يتغير و كان يحكيلي خليها بوقتها…رح تعرف بوقتها….
كنت اسمع صحاب السوء و هم على بابه و ما يفتح….
رجع يونس اللطيف اللي عرفته أول مرة….
كل ما يشوفني يحط ايده على عيني مكان ما ضربني و يدمع…يتأسف مني و أنا أضحك أحكيله عادي يبن الحلال و هو مصر إنه نفسه يعوضني…سألني مليون مرة عن أي خدمة يعملها عشان ضميره يرتاح…
بالأخر و عن مزح طلبت منه لقب زي ما الناس بيحكوله الأمريكي…..اتطلع فيي بصفنة طويلة…
-كونه لقب الأمريكي أنا أخدته من لما رجعت للأردن و صعب أعطيك ياه…رح أسميك…الأمروكي ههههههه و هيك بنصير الأمريكي و الأمروكي هههههه..
ضحكت من قلبي و انا بشوف عيونه كيف بدت ترتاح….روحه بلشت تستقر….
صرنا نقضي العطلة كلها نحكي عالمستقبل، و نشتغل بالبالة مع براءة، رغم ممانعة إمه…حلق يونس شعره قصير و تعامله تغير مع الكل، صرت أحسه ابن بلد حقيقي، تعلقت فيه كأخ بطريقة مجنونة كل شي بشاركه فيه، في النا صورة طبعنا منها نسختين….
أمه مع إنها تغيرت بس كان لازم من فترة لفترة ترمي كم كلمة إنه ابنها أحسن مني و كنت ما أركز ولا بهمني بالنهاية هي هيك شايفة الدنيا و ابنها بالنسبة إلها بتشوف بس حسناته و معلش يونس بالنسبة إلي مش منافس…
و زي ما طول عمري كنت أسمع بس المشاكل من بيت يونس…
في يوم كان يوم غريب بالنسبة إلي…حتى لإمي و أبوي…
يوم ما بينمحى من ذاكرتي مهما عشت…
فجأة بنسمع صوت ضحك و حكي و ناس فرحانة….
فضولي ما خلاني استنى كتير لقيت حالي على بابهم…
بابهم أصلا كان مفتوح…
رنيت الجرس و ما حدا سمعني لحتى التفت علي زلمة غريب من جوا…
حكالي بعربي مكسر…
اااه؟ انتاااا موهاناد؟ ابني حكالي عنك كتير…
مده إيده حتى يسلم…
-أنا أبو يونس…
تخربطت مشاعري و أنا بسلم عليه..عرفت إنه الجاي ما رح يكون مريح ولا رح يخليني مبسوط…
أبو يونس إجا من أمريكا، بعد ما حس حاله خسر كتير..خسر عيلته اللي بناها طول السنين الماضية و شوي شوي لما حس بالغربة الحقيقية عرف شو يعني عيلة و أسرة و زوجة…العشرة اللي بينه و بين أم يونس خلته يجي على رجليه من آخر الدنيا و يصلح كل الأمور….يونس تماما زي أحلام..كل شي كان عم بيصير معهم بالسر و لا حكالي أي شي عنه مع إنه كنا بهديك الفترة مقربين كتير…
و أنا عم بكتب هون عن الشي اللي صار وقفت تلت شهور عن الكتابة…حتى أقدر أوصف وجع خسارة يونس…
كل ما بلمس الكيبورد بحس بوجع بروحي…
وجع لما ودعته بالمطار و حسيت بشعور قريب من الموت…
ما قدرت أتخيل إنه طلع بطيارة و خلص ما رح يرجع…
ما كنت بعرف مشاعري كيف بتتصرف، ما كنت فاهم إني كنت بس بحاجة لأي صديق و السلام و لا يونس أثر فيي و لا أنا بشبه إمي تماما أو إني تعلقت تعلق مزيف بأي حدا كان قدامي…
حسيت كل الناس زعلانة علي، منظري كان مش زي الناس الطبيعيين…انكسرت من جوا…
يونس أعطاني قبل ما يغيب ورا الشناتي والناس رسالة…طلب مني ما أفتحها إلا لما أطلع بالباص بالرجعة…
بالرجعة كل شي كان كئيب،
رميت راسي على شباك الباص و مش حاسس إنه في ناس بالدنيا…
رجفت إيدي و أنا بفتح المغلف…
“مهند…الشب الأمروكي…سألتني مرة ليش قررت أتغير بعد ما وقعت…ما قدرت أجاوبك وقتها لإني نفسي ما كنت عارف…بس الحقيقة إني لما بديت أكتب هاي الرسالة عرفت الجواب….اكتشفت إنه إنت النسخة المحسنة مني، النسخة اللي إمي كانت نفسها تشوفني عليها….بعرف إنه أمي عاملتك بكتير مواقف بقسوة و غرور بس صدقني المشكلة من عندي أنا اللي ما قدرت أكونلها الابن اللي حلمت فيه يوما ما، ما بدي أحكيلك كلام حلو، فراقي عنك بده قصيدة رثاء بس لما بفكر كيف غيرتني بضحك من قلبي، بتزكر المعلم براءة، البالة…..المدرسة، جواد و الدينار…. المخيم، الحلو إنهم كلهم مرتبطين فيك….مهما غبت عنك رح تضل أفضل صديق حتى آخر يوم بعمري…و الدنيا لو فرقتنا اليوم، مين بيعرف بكرا!”
سكرت الورقة و فتحت عيوني عالدنيا لقيت الناس اللي واقف جمبي و اللي ماسك إيدي…
الباص واقف على جمب الطريق فكروني رح أدخل بغيبوبة…
الدموع بعيني كانت تنزل بدون قصد و أنا بفكر بحدا طلع من حياتي بسبب الظروف…
وصلتي على البيت كانت أصعب بكتير من وداع المطار…
إمي عاشت الوجع معي للمرة التانية…هالمرة مع ميلا اللي كبرت على إيديها…
بابهم صار متسكر بوجهنا مرات و مرات…كل مرة الظروف بتعمل فينا قصة…
حسيت إني أكتر واحد دفعت ثمن أخطاء أهل يونس….
كنت حاسس إنه الدنيا انتهت..، كل اشي فيي كان مستسلم…
قعدت على طرف الكنباي و أنا بتطلع حوالي بالعتمة، الكآبة اللي دخلت فيها فجأة…
ليش الدنيا بتفرق الصحاب و الأهل؟ سألت حالي مليون مرة نفس السؤال معقول حلم؟
حاولت ألاقي عيوب ليونس حتى أكرهه بس الحقيقة إنه صديقي و أخوي…مهما صار بيننا…
فترة تعارفنا كانت قصيرة، بس كانت مليانة صداقة و أخوّة…
أبوي كان حاسس بالشفقة تجاهي، كان شايف ابنه انطفى و إنه ابنه تعلق كتير بوهم….
يمكن من حبي لأمريكا وقتها شفت يونس إشي كتير و كبير…
يمكن لإني ما عندي أخ…
اللي صار قسّى قلبي من بعدها…
تغيرت غصب عني…
حياتي صارت من البيت للجامعة و بالعكس..
الوقت كان بطيء و مؤلم..
تعرفت على كتير ناس معي بالتخصص بعدها…
عادي بكون بينهم و بنضحك و بنحكي بس في شي ناقص دايما…
في نكهة للصداقة مش ملموسة معهم…في أمان غريب مش موجود…
أخبار يونس شبه انقطعت…كل سنة يمكن توصلني منه مكالمة و يمكن لأ…
أحلام..نفس الشي…بطلنا نسمع عنها إلا كل سنة مرة…
بتزكر يومها وجههي صار أحمر و أنا بسمع الخبر…
ما كانوا عارفين كيف يفتحوا معي الموضوع…
مهند إمسك أعصابك و افهم الموقف…
إمي كانت حامل من شهرين…
و كانت مستحية و أبوي كل ما يشوفني يضحك و يخبي راسه…
كان أحلى خبر بسمعه من سنين بالرغم من إنه كان غريب…
بيني و بين أخوي رح يكون 22 سنة أقل شي…
كان الضو اللي طلع بطريقي بعد وقت طويل من العتمة…
صرت أساعدها بشغل البيت و ما أخليها تتعب أبدا..
كانت طول الوقت هي نفسها مو مصدقة إنها بعد هالعمر رح تجيب كمان بيبي…
كل يوم كان الانتظار عم بزيد و الحماس عم بيصير حماس كبير كتير…
تخرجت، كل الطلاب كان عندهم عيلة كبيرة يزفوهم، أنا كنت بين إمي و أبوي و كم حدا من مخيمنا…كان في حدا ناقص بالنسبة إلي لازم يحضر هالفرحة و يشاركني فيها….
كانت إمي وقتها بالشهر التاني و بنفس الأسبوع إجتني منحة على كندا…
كنت الحمدلله من التلاتة الأوائل على الجامعة…المنحة ما بتتأجل و إمي زعلت كتير و قررت ألغيها…
بس هي رفضت و أصرت إني ما أضيع هاي الفرصة اللي كتير ناس بيحلموا فيها…
عشت صراع كبير بين إني أحضر ولادتها و أشوف أخوي الحقيقي هالمرة…و بين إني أسعى ورا مستقبلي و أحسنه قد ما بقدر حتى أأمن لأبوي و إمي حياة كريمة بدل التعب و الجهد اللي بذلوه معي…
برغم فرحتي بالمنحة بس شعور إني أترك إمي بهيك ظروف كان شعور محبط….
برغم طمأنة أبوي إلي بس ما كنت مرتاح…
رجعت للمطار بس هالمرة أنا اللي مسافر…
شفت بعيون إمي و أبوي نفس نظرتي لما ودعت يونس…
كنت عم بتطلع فيهم قد ما بقدر حتى ما أنسى ملامحهم…
زعلت حتى على فراق المخيم و الناس اللي فيه…
ختمت الجواز و إمي بتتفرج فيي بعيونها اللي بتدمع….
ودعتها لآخر مرة و أنا نفسي أرجع أخدها بحضني….
نادت علي من بعيد…
أوعك مرطبان المكدوس ينكسر….
ابتسمت…كيف الأم قلبها على ابنها شو ياكل حتى و هو بعيد…
الطيارة عم تقلع و المرشد اللي جاي معنا عم بعرفنا على بعض…
مهند، نهى، عيسى، سما بعرفكم على بعض…رح تقضوا سنة بمونتريال – كندا…
مع إنه كل واحد فيكم بجامعة حاولوا تصيروا أصدقاء هههههه لإنه هناك الوضع رح يكون صعب جدا…
أول نظرة لسما عرفت إنها قوية و قد حالها بعكس نهى اللي برغم ذكاءها ما بتسكت حكي عن الموضة و ماما اللي فاتحة صالون بعمان الغربية……
عيسى كان شب طيب و خجول…بحياته كلها كان شاركني الحوار مرة أو مرتين مع إنه كنا بنفس السكن…
سما كانت عميقة بالحوار لدرجة إنه صرت أحسب الكلام منيح قبل ما أحكيه لإنها ما بتسكت إلا لما تفحمني بالرد…
الرحلة كانت كفيلة بإنها تعمل مزيج من شلة طلاب نيردات أذكياء بس كمان شعلت المنافسة بيننا، بيني و بين سما خصوصا بعد ما عرفت قدراتها الخارقة بتخصصنا….توترت و صرت بدي أثبتلها إني أشطر منها و هي تولّد عندها نفس الشعور…لدرجة إنها غيرت مقعدها و إجت جمبي حتى تناقشني…إصرارها كان رهيب و للحظة حسيت حالي راجعت 4 سنين تخصص معها…المرشد صار يترجانا نسكت و نحنا بعالم تاني….
شعور المنافسة نفسه اللي خلاني بعد فترة أحس إنه قلبي عم بدق إلها….و هي طبعا ذكاءها العاطفي خلاها تفهم هالشي و تزيد علي الحمل…بالست شهور اللي بعدهم كنت تعبان جدا من الحب…كانت المنافسة على أشدها بيننا بس بيني و بين حالي بحبها و نفسي أفتح معها الموضوع بس قلبها كان قاسي و ما تبادلني حتى الابتسامة…كان لسا ما في فوز نهائي بيننا….الفايز هو اللي رح يجيب الأول على طلاب المنحة اللي فيها طلاب من كل دول العالم….حبي إلها تحول لخوف من إني أغلبها و تفوز إو تغلبني و و تخرب علاقتنا من هالشي….تفوقي الوحيد عليها و اللي ساعدني هو لغتي الانجليزية القوية اللي خلت كل الطلاب يطلبوا مساعدتي و هي كانت تنجن لما حدا يسألني و يطنشها….
ولدت إمي…جابت عبدالرحمن…
شفت الصور بالإيميل و بكيت من الفرح….لمست الصورة بإيدي كإنه ابني…
كنت ناسي كل الأردن و الناس اللي فيها…المنافسة عمت على عيوني…
اليوم الأول اللي صحيت فيه و ما رحت للجامعة، كنت زعلان و حاسس بغربة…
رجعت سما من الجامعة، اجت على غرفتي بالسكن…أعطتني كل شي أخدوه بهداك اليوم و اتطلعت فيي بنظرة غريبة…
اسمع! انا اعطيتك اللي أخدناه اليوم عشان لما أغلبك و أجيب الأولى ما تحكيلي لإني غبت….
ابتسمت من غير قصد…
جبتلها اللابتوب…
هاد أخوي، انولد اليوم ههههههههه
بتمزح! كيف؟ اديه عمرها إمك؟!
هدول الجملتين خلونا نسهر للصبح نحكي عن حياتنا…اكتشفت الإنسان اللي جوا سما، أول مرة بتحكي عن شي غير الدراسة….كنت مبسوط فيها و بسرق منها نظرات كتير و هي ولا موجودة ولا كإنها بتحس أو في عندها قلب…لمّحتلها كتير و هي ما اعطتني الجرأة إني أحكيلها عن حبي إلها كيف متعبني…
تاني يوم اتبهدلنا أنا وياها عالتأخير…كل واحد فينا راحت عليه نومة….
لقيت شغل مؤقت بمكتبة قريبة و إدارة الجامعة رحبت بالموضوع على كلامهم هيك بندمج أكتر مع المجتمع…كان اليوم عن راتب أسبوع بعمان…الساعة الوحدة بتشتريلي شو ما بدي…..
قدرت أنسق بعدها بين الشغل و الدراسة…
خلص عندي المكدوس، مع إني كنت اقتصادي جدا فيه…غلطت و ضيفت مرة سما و هي ما قصرت… عشت حالة كآبة أصلية من غيره…كان الشي الوحيد اللي مهون علي الغربة….
أسبوع ورا أسبوع كانت المواد بتصير أصعب و للحظة كنت عم بتخلى عن حلم الأول على الدفعة…
حسيت هالشي لحتى شفت حماس سما اللي ما هدي و مهما كانت المواد أصعب كانت تيجي تشجعني…
خلتني أنسى إني اعترفلها بالحب من ورا تركيزها…كانت الدفشة اللي لما أوقف تيجيني على غفلة و تخليني أشد حالي أكتر…
بيوم كنت مشتاق لكل شي ببلدنا…
كنت بحكي مع إمي و فجأة فتحتلها قلبي…
حكيتلها عن مشاعري تجاه سما…
و كيف صرت أتمنى إني ارتبط فيها….
حسيت إمي مهتمة أكتر مني بالموضوع….
بهدلتني شوي بس لما خبرتها عن صفاتها و الدعم اللي بتدعمني ياه تقبلت الفكرة….
خطر على بالي فكرة مجنونة…
سمعت من سما إنه أمها رح تيجي من عمان تحضر الحفل الختامي و اعلان النتائج لطلاب المنحة…
عرضت على إمي تيجي هي و أبوي..
عبود كان عمره أشهر و أولها ما استساغت الفكرة…طمنتها إنه مصاريف السفر كلها معي و زيادة…شغلي كان ممتاز…
ضليت أزن عليها طول الفترة الباقية لحتى قلبت…
أبوي ما قدر ياخد إجازة، ما حدا سمحله بشغله…
خلصنا دراسة…كان باقي أسبوع للنتائج و ضغط الدراسة كله انتهى…
تزكرنا إنه لسا عايشين….صار عنا وقت فراغ…
كان في شي غريب بسما…
بدها تفتح معي موضوع بس مترددة…
حاولت أسحب منها الحكي بس ما قدرت…
وصلنا أنا و الطلاب على المطار حتى نستقبل أهالينا…
إمي معها شنطة صغيرة و في على ايدها بيبي….
شعوري كان إني بطلت قادر أوقف من الفرحة…
ركضت عليهم و صرت أرمي البوسات وين ما كان على إمي…
كانت فترة طويلة كتير اللي بعدناها عن بعض…
وجود عبود صبرها شوي…
حملت عبود اللي بعرفه من الصور…
وجهه مدور زي الرغيف…ضليت أبوسه نص ساعة و أنا بضحك من الفرحة..
شعور يكون عندك أخ على كبر شعور غريب و حلو…
بس كمان شعور لما إمي حكتلي إنها جابتلي مرطبان مكدوس تصبيرة لبين ما نرجع كان شعور بمليون دينار…
ما قدرت أصبر أطلع من المطار…فتحته و مديت ايدي أكلت وحدة بدون خبز ولا شي….
غمضت عيوني من اللذة…ضحكت…تزكرت طعم البلد…
فتحت عيوني لقيت سما واقفة مصدومة بتضحك…
أمها كانت معها…
شو هاد؟ هات أدوق….مش بكفي ما ضيفتني إلا ست حبات من المرطبان الماضي!
أكلت أول وحدة و تاني وحدة…
تلقائيا سحبت منها المرطبان
شووووو الواحد بدوء مش بظوق منها ههههههههههه إنتي تغديتي مبدأيا..
ضحكنا كلنا….
ضحكتنا الأكبر لما أهالينا كانوا جمبنا…
و نحنا بنسمع بإعلان النتائج…إنه ما في أول على المنحة….
سادت لحظة صمت…
في تنين أوائل على المنحة….سما و مهند…
كان تجميعنا نفس الدرجة….
من الفرحة سما ركضت علي و عبطتني…
اختلط علي الشعور، فرحة ما حسيت فيها بحياتي…
بادلتني نظرة غريبة حسيتها لنفس الموضوع اللي بدها تحكيلي ياه من فترة و كانت مترددة…
احتفلنا بالنجاح…
احتفلت بأمي و عبود…
تكرمنا م السفارة الأردنية بنفس اللحظة…
التقينا على العشا…
سما كانت مع أمها…الطلاب كل حدا مع أهله…
أخدت معي عبود و قعدنا أنا و سما بعيد عنهم، حسيت إني لازم أكسب معها اللحظات الأخيرة….ما بتعرف وين رح تودينا الدنيا…يوم يومين و بنرجع و كل واحد بروح بلده و بينشغل بأموره و بحياته الجديدة…
أمي طبعا ما صدقت تفتح مواضيع مع أم سما كعادتها و نسيونا….
تأملت بملامحها و كيف رح يمر وقت طويل قبل ما أقابل حدا متلها…
قاطعت صمتي لجملة غريبة…
أوعك تفكر إني مو حاسة فيك مهند!
رمشت و صحيت…
ممما ما فهمت…
اتطلعت على الأرض…حسيت في كلام مهم…
-الشي اللي متعبك شوي أنا كان متعبني أكتر! أنا كنت حاسة فيك من أول مرة التقينا فيها….كل محاولات التقرب مني أنا كنت صاحية إلها….
وطيت راسي…حسيت بألم…
بس كان في خيار من تنين…يا بنمشي ورا إحساسنا أنا و ياك و بنضيع المنحة….يا بدعس على قلبي و بكتم شعوري تجاهك و بشجعك لحتى ما أكون سبب ضياعنا….
استني استني؟!!! قلتي إحساسنا أنا وياك؟!
ابتسمت و هزت براسها….
تشردقت بالضحكة من الفرح…
مش فاهم يعني إنتي طول الوقت كنتي!
اه…طول الوقت بحبك مهند…
ههههههههههههه يااااااا رب! أنا بحلم! ههههههههه لالا هاي وحدة من نقاشاتك اللي رح تغلبيني فيها…أكيد بتمزحي!
دمعت عينها….
تعبتني معك يا زلمة..هلكتني مليون مرة كنت رح أفرطها و و أحكيلك بحبك….كنت بتمزّع من جوا و انت نازل تسبّلّي عيونك بالمحاضرة و بالمطعم و كل ما بشوفك…كنت رح تضيعني ههههه
مسحت دمعتها و أنا بضحك و بدمع…
ههههه أقسم بالله إنتي خطيرة يا سما هههههههههه و الله ما كان مبين عليكي أبدا…..أنا اللي تعبت..أنا اللي كان نفسي أحكيلك بحبك كل يوم بشوفك فيه، لو التقيت فيكي تلت مرات باليوم كنت أحكيلك بعيوني و قلبي بحبك تلت مرات….بحبك سما….
قطع حديثنا إمي و هي ماسكة قميصي و بتطلع فيي من فوق لتحت..
ما شاء الله ما شاء الله روميو وجولييت قالبينها!
تأتأت من الإحراج….
طلعت بتحبني يا إمي هههههههههه…
أتااريكي يا سما…ههههههههه طب الحمدلله لإنه ابني فتح براسي طاقة لسا هلأ كنت بطلبك من إمك و جاي أسألك شو رأيك يللا سهلتي علي هههههه….
ضحكنا كلنا….السعادة ملت قلبي…إمي طلعت خاتم فجأة بدون سابق إنذار…
يعني أنا ما بعرف مقاس إيدك بس من هلأ اشهدي يا أم سما بنتك محجوزة لإبني….
أنا و سما ما كنا مخططين لها الشي…للأمانة إحنا التنين انصدمنا….
أعطتني إمي الخاتم قدام الناس بالمطعم…..
-يللا لبّسها خلصني قبل ما تغير رأيها….كانت ضحكتي واصلة لشعري…
فجأة شفت يونس بيضحكلي من بعيد….شفت هداك الشخص اللي نفسي أشوفه و بفتقده….
اختفت الابتسامة…ما بعرف شو اللي خلاه يخطر ببالي و أتخيله…
ما بعرف شو اللي خلى إمي بهديك اللحظة تصفن متلي…
حكت بصوت بيرجف….
أحلام!
ما قدرت استوعب الخيال اللي صار واقع….
يونس…أهل يونس…أحلام و زوجها و ابنها….
كانوا داخلين من باب المطعم…
أنا لسا بدي ألبّس سما الخاتم…
إمي صارت تبكي فورا…نسيت اللحظة اللي عايشينها…
ولك والله هديك أحلام! والله هديك….و هاد فراس! ما شاء الله شو كبران حبيبي
اتطلعت ميلا بإمي…ركضت عليها….ضمتها….
لسا أحلام بتيجي علينا ببطئ و بتتطلع بإمي….
أنا بشوف يونس و أعصابي بتتلف…عم بتنفس بسرعة…
مش مصدق…مستحيل كل هالأحداث بلحظة….
ركضنا على على بعض..
صرنا نضم بعض و ننط بهالوا مش مصدقين…صدمة العمر..
صرت أبكي من الفرحة و الاشتياق لتوأمي…
مسكت وجهه، طالعله لحية…
ضحكت من قلبي….
يونس كان جاي هو و أهله و أحلام سياحة على كندا….
اتطلعت بأمي لقيتها مش راضية تترك أحلام و هي ضاممتها و التنتين بيبكوا بحرقة….
كان لقاء في دموع أكتر من الوداع…أكتر من اللحظات اللي بكيت فيها إمي من اشتياقها لأحلام…
يونس طلب مني أكمل الشي اللي كنت عم بعمله…
مسكت الخاتم و اتطلعت بسما….كنت بأسعد لحظات عمري…
لبستها الخاتم و ضميتها….
الناس بالمطعم كلها كانت تصور و تصفق و هم حاسيين بشعورنا الحلو….
تمنيت الزمن يوقف، لإنه هالفرحة ما رح تتكرر حتى لو بعد 100 سنة…
اليوم اللي بعده اتصلت فينا إدراة الجامعة….أنا و سما…
ارتبكنا..حسينا في إشي غريب…
بس لما وصلنا…إدارة الجامعة عرضت علينا عقد عمل بنفس الجامعة لمدة خمس سنوات مع راتب و سكن….بهديك اللحظة شفت حالي هداك الطفل اللي واقف بنادي على البلوزة اللي بنص…الطفل اللي بنطلونه آخره طين من شارع المخيم….الطفل اللي بتسعده لقمة مكدوس….بتسعده مجلة مكتوبة بالانجليزي…
تزوجنا بحفلة صغيرة خلال عشر أيام……لبين ما إجوا آبائنا من الأردن…
حضروا معنا الحفلة يونس و أهله…
أحلام وعدت إمي تزورها خلال السنة الجاي و تقضي معها شهر كامل…
كنت عم بعيش مع سما قصة حب كلها مشاعر و نجاح…
و قضيت مع يونس وقت طويل….ضحكنا، سهرنا…
أبو يونس قرر يهدينا شي حلو….
وصلتنا التذاكر…
لأول مرة…زرت امريكا….حققت حلم الطفولة….
أبو يونس أخدنا أسبوع عسل معهم….
زرت الأماكن اللي ما توقعت أشوفها بحياتي…
عشت حلمي بكل تفاصيله…بالمدن و القرى و المتاحف و الأكل…
رجعت بعدها للواقع…
قضيت خمس سنين بكندا بنيت حالي أنا و سما فيهم…
سافرنا على كزا دولة بالعالم…
و من شهرين…
انتقلنا على نفس الجامعة الكندية بس على فرع بولاية أوريغون….و بمناصب أعلى…
بيني و بين يونس سواقة تمن ساعات لسان فرانسيسكو….بشوفه كل ما قدرت…هو انشغل بالفترة الأخيرة بإدارة شركة أبوه و صرنا نقدر ظروف بعض…كل حدا فينا عنده مشاغل و قصص…
و هلأ عم بجهز الطابق التاني عندي بالبيت لإمي…
بعد وفاة أبوي الله يرحمه أصريت أنا و سما على إمي تيجي هي و عبدالرحمن يستقروا معنا…و يصير عنا حدا من أهلنا بالغربة أمريكا على حضارتها و إنبهاري فيها الحياة فيها مش سهلة أبدا…..،
ملاحظة أخيرة: الجيران كلهم بالحي عنا عندهم كراج فيه عدة و مخزن و بصفوا فيه سياراتهم…
بس أنا و سما عاملين كراجنا مشغل للمكدوس من كتر طلب العرب عنا عليه…إزا بضل الوضع هيك رح أترك الجامعة و أتاجر فيه 🙂
شكر خاص لأبطال القصة، بتمنالكم حياة سعيدة.
محمود ملص.
اقرأ المزيد من ابداعات الكاتب محمود ملص
Suhaib Albakkar
مرحباً انا صهيب ، مختص في السوشيال ميديا والتسويق الإلكتروني وتصميم المواقع الإلكترونية وإدارتها وتطويرها وتصميم الفيديو والإعلانات اتمنى لكم مشاهدة ممتعه لحسابي ومقالاتي .