من هو خير الشهداء

الهدف من الإسلام هو تكوين مجتمع آمن مستقر تعمه المحبة ويجتمع أفراده في التعاون على البر والتقوى

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( أَلَا أُخْبِركُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاء الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْل أَنْ يُسْأَلهَا ) ‏‏وَفِي الْمُرَاد بِهَذَا الْحَدِيث تَأْوِيلَانِ : أَصَحّهمَا وَأَشْهَرهُمَا : تَأْوِيل مَالِك وَأَصْحَاب الشَّافِعِيّ أَنَّهُ مَحْمُول عَلَى مَنْ عِنْده شَهَادَة لِإِنْسَانٍ بِحَقٍّ , وَلَا يَعْلَم ذَلِكَ الْإِنْسَان أَنَّهُ شَاهِد , فَيَأْتِي إِلَيْهِ فَيُخْبِرهُ بِأَنَّهُ شَاهِد لَهُ ,وَالثَّانِي : أَنَّهُ مَحْمُول عَلَى شَهَادَة الْحِسْبَة , وَذَلِكَ فِي غَيْر حُقُوق الْآدَمِيِّينَ الْمُخْتَصَّة بِهِمْ , فِيمَا تُقْبَل فِيهِ شَهَادَة الْحِسْبَة الطَّلَاق وَالْعِتْق وَالْوَقْف , وَالْوَصَايَا الْعَامَّة , وَالْحُدُود وَنَحْو ذَلِكَ , فَمَنْ عَلِمَ شَيْئًا مِنْ هَذَا النَّوْع وَجَبَ عَلَيْهِ رَفْعه إِلَى الْقَاضِي , وَإِعْلَامه بِهِ وَالشَّهَادَة وَاجِبَة , قَالَ اللَّه تَعَالَى : { وَأَقِيمُوا الشَّهَادَة لِلَّهِ } وَكَذَا فِي النَّوْع الْأَوَّل يَلْزَم مَنْ عِنْده شَهَادَة لِإِنْسَانٍ لَا يَعْلَمهَا أَنْ يُعْلِمهُ إِيَّاهَا ; لِأَنَّهَا أَمَانَة لَهُ عِنْده . وَحُكِيَ تَأْوِيل ثَالِث أَنَّهُ مَحْمُول عَلَى الْمَجَاز وَالْمُبَالَغَة فِي أَدَاء الشَّهَادَة بَعْد طَلَبهَا لَا قَبْله , كَمَا يُقَال : الْجَوَاد يُعْطِي قَبْل السُّؤَال أَيْ : يُعْطِي سَرِيعًا عَقِب السُّؤَال مِنْ غَيْر تَوَقُّف , قَالَ الْعُلَمَاء : وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيث مُنَاقَضَة لِلْحَدِيثِ الْآخَر فِي ذَمّ مَنْ يَأْتِي بِالشَّهَادَةِ قَبْل أَنْ يُسْتَشْهَد فِي قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ ” وَقَدْ تَأَوَّلَ الْعُلَمَاء هَذَا تَأْوِيلَات : أَصَحّهَا تَأْوِيل أَصْحَابنَا : أَنَّهُ مَحْمُول عَلَى مَنْ مَعَهُ شَهَادَة لِآدَمِيِّ عَالِم بِهَا فَيَأْتِي فَيَشْهَد بِهَا قَبْل أَنْ تُطْلَب مِنْهُ . ‏
‏وَالثَّانِي : أَنَّهُ مَحْمُول عَلَى شَاهِد الزُّور فَيَشْهَد بِمَا لَا أَصْل لَهُ وَلَمْ يُسْتَشْهَد . ‏
‏وَالثَّالِث : أَنَّهُ مَحْمُول عَلَى مَنْ يَنْتَصِب شَاهِدًا وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْل الشَّهَادَة .

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب