مفهوم عقدة ميديا

العقدة النفسية هى الشئ المسيطر والمتحكم فى التصرفات اللاواعية التى تصدر من الشخص

ما هي عقدة ميديا

عقدة ميديا (بالانكليزية Medea Complex) هي أحد العقد النفسية النادرة والتي تظهر على أحد الأبوين، وبشكلٍ خاص على الأم. تُسيطر على الأم المصابة بهذه العقدة مشاعر سلبية شديدة تجاه أبنائها بسبب علاقتها السيّئة مع الزوج أو بسبب عدم اهتمام الزوج بها أو حتى أذيّتها.

هذه المشاعر السلبية في عقدة ميديا تتجسّد لدى الأم بميلها لأذيّة أبنائها، تحديدًا الذكور، بالصراخ أو الشتم أو النهر، وقد تتطوّر في الحالات الشديدة إلى أذيّةٍ جسديّةٍ للأطفال، وكلُّ ذلك في مُحاولةٍ منها للانتقام من زوجها عن طريق أذيّة أطفالهما.1

أسطورة عقدة ميديا

تعود تسمية عقدة ميديا بهذا الاسم إلى الأسطورة التي كتبها الفيلسوف اليوناني أيروبيديس عام 400 قبل الميلاد والتي تدور أحداثها حول الأميرة اليونانية ميديا والتي كانت تُكنُّ مودةً كبيرةً للأمير جيسون، ولكن سُرعان ما تحوّلت هذه المودّة إلى كراهيّةٍ عمياءَ بسبب خيانة زوجها لها وتزوّجه من أميرةٍ أخرى. وفي محاولةٍ من ميديا للانتقام من زوجها قامت بقتل أولادهما ومنعت زوجها من رؤيتهم ودفنهم.

أسباب ظهور عقدة ميديا

قد تتساءل ما الذي قد يدفع الأم لتعنيف أولادها أو إيذائهم في عقدة ميديا؟ في الواقع إن مشاعر الأم المُصابة بهذه العقدة تتألف من مزيجٍ من المشاعر السلبيّة الناتجة عن الإيذاء العاطفي أو حتى الجسدي من قبل الزوج. هذه المشاعر تتأجج فيها رغبة قويّة في الانتقام بشكلٍ غير مباشرٍ عن طريق إيذاء أطفالها، وقد تقول الأم في نفسها “لقد عوملت بشكلٍ سيّءٍ ولم أفعل شيئًا لذا من حقي أن أفعل ما يحلو لي”. لذا فإن السبب الرئيسي في ظهور عقدة ميديا هو معاملة الزوج السيئة لزوجته وتهميشها أو أذيّتها معنويًّا أو جسديًّا، هذه الأذيّة ستنعكس في نهاية المطاف على الأولاد.2

علاقة الأم مع أطفالها

على الرغم من أن الأم التي تعاني من عقدة ميديا تكون عدوانيّةً تجاه أطفالها، إلّا أن الأذية أكثر ما تطال الأطفال الذكور لأنهم يرمزون بطريقةٍ أو أخرى إلى الزوج السيّء. وعلى النقيض من ذلك فإن الأم كنوعٍ من الانتقام، تلجأ إلى تعليم ابنتها كراهيّة والدها وتغرس فيها بذور البغضاء تجاهه. وهذا يدفع الطفلة إلى تهميش والدها في حياتها وانتزاعه من مخيّلتها على أنّه رمزٌ للمودّة والحنان والأمان.

الآثار السلبية لعقدة ميديا على الأطفال

اضطراب النضوج العاطفي والاجتماعي

كما ذكرنا سابقًا فإن عمليّة غسيل الدماغ التي تلجأ لها الأم المُصابة بالعقدة لأطفالها، لاسيّما أطفالها البنات، وتحريضهم ضدّ أبيهم تؤدي إلى حدوث شرخٍ عاطفيٍّ في قرارة الطفلة، فهي الآن أمام تحديد أحد رموز المحبّة الأساسيّة في حياتها، إما الأم العدائيّة أو الأب المُذنب (من وجهة نظر الأم).

هذا الشرخ العاطفي للطفلة يشوّه نظرتها إلى سائر الرجال وترى فيهم صورة أباها السيّء التي رسمتها لها أمّها في طفولتها، وبالرغم من أن معظم الأطفال يتكيّفون في حال حدوث الطلاق بين الأبوين، إلّا أن وجود أمٍّ عدائيّةٍ تستخدمهم للانتقام من والدهم يترك وقعًا سيّئًا على بُنية الطفل العقليّة والعاطفيّة قد يدوم مدى الحياة، وقد يورّث لأجيال عديدة تالية.

التردّد بين التودّد أو الانفصال الأبوي

إن وجود الأم كرمز الحنان الأوّل، وتطوير ميلٍ فطريٍّ للأب (عقدة اوديب) هما اللذان يوجهان مشاعر الطفلة وآليّة تطوّر ونضوج فكرها. وفي حال كان لديها أب منبوذ (سيّء الأخلاق) وأمّها كانت بسويّةٍ عقليّةٍ جيّدةٍ، ستظهر لها مشاكل في التعامل مع الرجال، إلّا أنّ هذه المشاكل غالبًا ما تنحل مع مرور الوقت، فطالما أن الأم بصحّةٍ عاطفيّةٍ وعقليّةٍ مستقرّةٍ فإن للطفلة قاعدةً قويّةً لنضوجها بشكلٍ صحيحٍ.

ولكن في حال كانت الأم تعاني من عقدة ميديا فإن الطفلة ستواجه انفصامًا عاطفيًّا بين تصرّفات أمّها العدوانيّة ووالدها السيّء؛ فرمز حنان الأم وميول الاحترام والمودّة الأبوية تجعلان تكيّفها مع أيٍّ منهما في حالتهما المضطربة أمرًا عسيرًا جدًا.

على الرغم من أن عقدة ميديا قد تكون نادرةً وقليلة الانتشار، إلّا أن نتائج وتداعيات هذه العقدة قد تكون كارثيّةً على هيكلة العائلة ككل ولا بُدّ من ملاحظتها واستدراكها بالمعالجة النفسيّة المناسبة لتصحيح الوضع بشكلٍ مبكّرٍ، والحفاظ على تطوّر ونضوج عاطفي صحي وسليم للأطفال بعيدًا عن تأثيرات عقدة ميديا السلبيّة.