ما هو سجود الشكر

سجود الشكر هو من أعظم ما يشكر به العبد ربه جل وعلاوهى مشروع عند تجدد نعمة أو اندفاع نقمة

معنى سجود الشكر
معنى السجود لغة السجود لغة من الإنحناء والخضوع ووضع الجبهة على الأرض، قال ابن فارس في مادة (سجد): السين والجيم والدال أصل واحد مطرد يدل على تطامن وذل، يقال سجد، إذا تطامن، وكل ما ذل فقد سجد، قال أبو عمرو: أسجد الرجل، إذا طأطأ رأسه وإنحنى.
أما اصطلاحاً فهو: “وضع الأعضاء السبعة فوق ما يصلى عليه من أرض أو غيرها”.

والشكر لغة يأتي بمعان أربعة متباينة ما يهمنا منها ما وافق المعنى الاصطلاحي وهو الثناء، قال ابن فارس: (شكر) الشين والكاف والراء أصول أربعة متباينة بعيدة القياس. فالأول: الشكر: الثناء على الإنسان بمعروف يوليكه.

الشكر إصطلاحاً
هو: “صرف العبد جميع ما أنعم الله تعالى به عليه من السمع وغيره إلى ما خلق لأجله”.
معنى سجود الشكر:تدور تعريفات الفقهاء لسجود الشكر حول معنى واحد تقريباً، وهو شكر الله تعالى سواء كان على هجوم نعمة، أم كان على دحور نقمة، ومن هذه التعريفات: “السجود الذي يؤدى عند حصول خير شكراً لله تعالى، وهو سجدة واحدة كسجود الصلاة”،ويلاحظ في هذا التعريف أنه اقتصر على الخير فقط؛ وذلك لأن أمر المؤمن كله خير كما جاء في الحديث الشريف.

حكم سجود الشّكر

  • أختلف الفقهاء في حكم سجود الشّكر، فأجازه بعضهم وكرهه آخرون، وفيما يأتي بيان أقوال وأدلّة كل فريق: ذهب أبو حنيفة إلى أن سجود الشّكر ليس بشيءٍ مَسنون، بل أكثر من ذلك أنّه ذُكر أيضاً أنّ أبا حنيفة يرى كراهته كما جاء في كتابه السّير الكبير، وقال محمد بن الحسن الشيبانيّ صاحب أبي حنيفة أنّه لا بأس به.
  • قد إستدلّ القائلون بالكراهة بعددٍ من الأدلة، منها أنَّ نِعَمَ الله تعالى كانت على النبيّ أكثر من أن تُعدّ أو أن تُحصى، فلو كان السّجود سُنَّةً لكرّر سجود الشّكر عند كل نعمه، ولو فعل ذلك لنُقل فعله للسّجود إلى حدِّ الاستفاضة، فلَمّا لم يُنقل أنّه فَعَله إلا نادراً دلَّ على أنّه ليس سُنَّةً.
  • كما إستدلّوا بما يَروي أنس بن مالك رضي الله عنه: (أنَّ رجلاً جاء إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ الجمُعةِ وهو يخطُبُ بالمدينةِ، فقال: قَحَط المطرُ، فاستَسْقِ ربَّك، فنظَر إلى السماءِ وما نَرى من سَحابٍ، فاستَسقَى، فنشأ السَّحابُ بعضُه إلى بعضٍ، ثم مُطِروا حتى سالتْ مَثاعِبُ المدينةِ، فما زالتْ إلى الجمُعةِ المُقْبِلَةِ ما تُقْلِعُ، ثم قام ذلك الرجلُ أو غيرُه، والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ، فقال: غرِقْنا، فادعُ ربَّك يحبِسْها عنا، فضحِك ثم قال: (اللهم حوالَينا ولا علينا)، مرتينِ أو ثلاثًا، فجعَل السَّحابُ يتصَدَّعُ عن المدينةِ يمينًا وشِمالًا، يُمطَرُ ما حوالَينا ولا يُمطِرُ منها شيءٌ، يُريهِمُ اللهُ كَرامَةَ نبيِّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وإجابةَ دعوتِهِ)، وهذه نعمة ظاهرةٌ أن أجاب الله دعاءه، وصدق دعواه بالمعجزة.
  • أنعم على النّاس بزوال الجدب، ولم يسجد رسول الله لأجل كلِّ ذلك، ولا أمرهم بالسّجود، فلو كان ذلك مسنوناً لم يتركه أو على أقل تقديرٍ لأمرهم بالسّجود، وأيضاً لأنّ من أعظم نعم الله تعالى على الإنسان أن هداه للإسلام، وقد كانوا يُسلّمون على يدي النّبي عليه الصّلاة والسّلام وبعد وفاته عند صحابته، ولم يُنقل عن أحدٍ منهم أنّه أمر من أسلم بالسّجود، أو أنه سجد هو لإسلام شخصٍ على يديه مع علمه بعِظم أجر ذلك.
  • ذهب الإمام مالك إلى كراهة سجود الشّكر كما نُقل عن الحنفيّة، حيث سأله تلميذه ابن القاسم عن أنّ الرّجل يُبَشَّرُ ببشارة فيخرُّ ساجداً، فكَرِهَ مالك ذلك؛ وذلك لأنّه لم يرَ سجود الشّكر ممّا شُرِع في الدّين فرضاً ولا نفلاً، إذ لم يَأمر بذلك النّبي -عَلَيْهِ الصّلاة والسَّلَامُ- ولا فَعَله، ولا أجمع المُسلمون على فعله، ولا تُثبت الشّرائع أحد هذه الوجوه.
  • قال الإمام الشافعيّ في المذهب القديم أنّ سجود الشّكر مُستحبّ، وفي الجديد يرى أنّ سجود الشّكر سُنَّة، ويرى أصحاب الشافعيّ أنّه إذا أنعم الله تعالى على العبد نعمةً أو دفع عنه بليّةً فالمُستحبّ أن يسجد، واستدلّوا على قولهم بما رُوِي عن أبي بكر -رضي الله عنه- إذ قال: (إنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَاءَهُ أَمْرُ سُرُورٍ أَوْ بُشِّرَ بِهِ خَرَّ سَاجِدًا شَاكِرًا لِلَّهِ)، وكذلك بما رُوي عن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- حيث قال: (خرج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاتَّبعتُه حتَّى دخل نخلًا فسجد فأطال السُّجودَ حتَّى خِفتُ أو خَشيتُ أن يكونَ اللهُ قد توفَّاه أو قبضه قال فجِئتُ أنظرُ فرفعَ رأسَه فقال ما لك يا عبدَ الرَّحمنِ قال فذكرتُ ذلك له قال فقال إنَّ جبريلَ عليه السَّلامُ قال لي ألا أبشِّرُك إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ من صلَّى عليك صلَّيْتُ عليه ومن سلَّم عليك سلَّمْتُ عليه زاد في روايةٍ فسجدتُ للهِ شكرًا)، وإلى ذلك ذهب علماء الحنابلة في الرّاجح عندهم.

كيفيّة أداء سجود الشكر

كيفية سجدة الشكر

  • لم يرد عن السنة النبوية شرح مفصل عن طريقة أداء سجود الشكر، إلا أن الثابت في ذلك هو أن سجدة الشكر مرة واحدة تؤدى بنفس طريقة سجود الصلاة أي بوضع الجبهة والأعضاء الأخرى على الأرض، وقول:” سبحان ربي الأعلى ثلاثُا”، ثم الثناء على الله تعالى وشكره على النعمة التي من بها عليه بالتضرع إلى الله وتعظيمه وذكر النعمة التي أعطاها الله له، وهنا لا بد من التنبه إلى بعض الأمور المتعلقة بسجود الشكر وهي:سجود الشكر يؤدى بسجدة واحدة فقط وليس سجدتين كما في الصلاة المفروضة.
  • يجوز أداء سجدة الشكر دون اشتراط الطهارة كتعرف ما هو مفروض في الصلاة العادية،لا يشترط لأداء سجود الشكر وقت أو مكان محدد؛ إذ يجوز للمسلم أدائها في الوقت والمكان الذي يريده، والذي غالبا ما يكون فور سماعه الخبر المفرح كالنصر على عدو، أو الموافقة على عقد عمل، أو الرزق بزوجة، أو مولود، كما يمكن أداؤها بعد أن أبعد الله نقمة ما كالنجاة من حريق، أو غرق، أو حادث سير ،يحرم على المسلم أداء سجود الشكر أثناء الصلاة المفروضة؛ لأنها تبطل الصلاة حسبما ورد في مذهب الحنابلة والشافعية، بل يجب أن يفردها وحدها في وقت آخر خارج الصلوات المعتادة؛ لأنه إن فعلها داخل الصلاة زاد عليها ما ليس فيها وهذا محرم شرعًا باستثناء من لم يكن على علم بذلك.

أسباب سجود الشكر

هي سجدة يؤديها المسلم شكرًا لله على نعمه التي تفضل بها عليه أو على قضاء حاجة طال انتظارها كزواج البائر أو ولادة طفل جديد، أو الحصول على عمل، أو النجاة من مأزق، أو الشفاء من مرض عضال أو رجوع غائب من بلاد بعيدة، أو تحقيق حلم، فيسارع المسلم إلى تأدية هذه السجدة البسيطة تعبيرًا عن فرحته بها وشكرًا وتعظيمًا لله على استجابة دعائه وإتمام الأمر الذي يريده. وقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أول من سجد سجدة الشكر لله تعالى عقب نزول الوحي جبريل عليه.