وثيقة العهدة العمرية

وهو كتاب كتبه الخليفة عمر بن الخطاب لأهل إيليا القدس عندما فتحه المسلمون عام 638 م  مؤمنا إياهم على كنائسهم وممتلكاتهم

عمر بن الخطاب  رضي الله عنه أو ابا حفص أو الفاروق ثاني الخلفاء الراشدين وواحد من المؤسسين الأوائل للدولة الإسلامية، والأبرز في دولة صدر الإسلام والمعروف بالعدل والحمية الشديدة للإسلام، فهو دعوة النبي في أن يعز الله الإسلام بأحد العمرين، ولم يخيب الله دعوة نبيه ورجائه ومنذ دخول عمر بن الخطاب رضي الله عنه الإسلام وتغير الكثير وكان أهم تلك التغيرات هو علانية الدعوة الإسلامية بعد أن كانت سرًا فها هو عمر يعتنق الإسلام ويرفع رايته.

الخليفة عمر بن الخطاب

توفي الخليفة الراشد الأول أبوبكر الصديق رضي الله عنه ومن بعده كانت البيعة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد أن استخلفه الصديق وهو على فراش الموت من بعده خوفًا من أن يتشتت المسلمين فيما بينهم، وقد بلغ توسع الدولة الإسلامية في صدر الإسلام أكبر توسعاته في عهد عمر بن الخطاب، وعرف بعدله وزهده وبأنه لا يحابي في حدود الله، وبنظرة فاحصة فإن عمر كان أنسب رجل لتلك المرحلة بقوته وعدله وحزمه ولينه وأنه لا يخاف في الله لومة لائم وكيف لا وهو من يخاف منه الشيطان.

فتح بيت المقدس

فتح المسلمين مدينة القدس إيليا أو بيت المقدس ، في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه والتي كانت خاضعة لسلطة الإمبراطورية البيزنطية، وكانت من المدن العصية على المسلمين في فتحها.

كانت مدينة بيت المقدس مطمع للدولتين العظمتين في هذا الزمان الدولة الفارسية والإمبراطورية البيزنطية، إذ بعد حروب بينهما خضعت لسلطة الدولة الفارسية لفترة من الزمن حتى استردها البيزنطيين بقيادة هرقل الذي عمل على تحصينها بشكل جيد، وعندما مُني البيزنطيين بهزيمة في موقعة اليرموك دفعهم ذلك إلى تحسين دفعات المدينة بشكل أكبر.

تم فتح مدينة بيت المقدس على أكثر من مرحلة إذ بدأ الفتح بعملية حصار ولكن ليست بالشكل المتعارف عليه بأن يقوم جيش بالقدوم وفرض الحصار على المدينة، وإنما كان المسلمين يمتلكون مجموعة من الفرق المقاتلة التي انتشرت على الطرق المؤدية للمدينة، إلى جانب أن المسلمين قاموا بفتح الحصون المحيطة بها مما جعل المدينة منقطعة عن ما يوجد خارجها، وبعدها في عام 15 هجرية بدأ الحصار الفعلي حتى يتم قطع كافة الإمدادات عن المدينة في محاولة من القوات المسلمة إلى الدخول إلى المدينة دون الدخول في قتال دامي وإنما في شكل استسلام.

أعلن استسلام المدينة في عام 16 هجرية وحضر عمر بن الخطاب لإجراء معاهدة مع المسيحيين في المدينة والتي عرفت بالعهدة العمرية والتي تجلت فيها عظمت تعاليم الإسلام وكيفية تطبيقها وتجلى فيها عدل عمر ومحافظته على تعاليم الإسلام في معاملات الذميين.

ما هي العهدة العمرية

العهدة العمرية هى خطاب أعطاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأهل مدينة بيت المقدس أو القدس أو كما كانوا يسمونها قديمًا مدينة إيلياء، وقد كتب فيه عمر مجموعة من العهود والشروط لضمان حقوق أهل المدينة بعد الفتح الإسلامي للمدينة وهو ما نظم شكل العلاقة بين المسلمين الفاتحين وبين أهل المكان من حيث الحقوق والواجبات.

ما هي قصة العهدة العمرية

استمر حصار المسلمين لمدينة إيليا حوالي الأربعة أشهر فلم يستطع أهل المدينة التحمل فأعلن البطريرك رغبته في التفاهم لفك هذا الحصار ولم بتردد أبو عبيدة بن الجراح من إعطائه الرد المفروض، وهو التخيير بين ثلاث الأول دفع الجزية، والثاني الدخول في الإسلام، والثالث هو الحرب والقتال فما كان من أهل المدينة والبطريرك إلا اختيار خيار الجزية وذلك يعني الدخول تحت حماية الدولة الإسلامية، ولكنهم اشترطوا أن يتم ذلك بحضور عمر بن الخطاب شخصيًا حتى يقوم بتسلم مفاتيح المدينة.

لم يتوانى عمر بعد إرسال ابوعبيدة له بمطلب أهل مدينة إيليا وحضر والتقى بالبطريرك صفرونيوس ومجموعة من رجال الدين بالمدينة، حيث تمت المداولات والتوصل إلى نصوص الوثيقة الخاصة بالاستسلام والتي عرفت بالعهدة العمرية، وقد شهد على تلك الوثيقة مجموعة من الصحابة هم خالد بن الوليد، عمرو بن العاص، عبد الرحمن بن عوف، معاوية بن أبي سفيان.

بنود العهدة العمرية

فيما يخص نصوص العهد العمرية فقد ظهرت صيغتها بأكثر من شكل اختلف من كاتب لآخر، بسبب عدم احتفاظ المسلمين بنسخة احتياطية مما ساعد على ظهور بعض النصوص المبالغ فيها أو المدسوسة على الوثيقة في بعض الكتب ولكن بشكل عام يمكننا وضع ملخص لمضمون تلك البنود التي كان هناك نوع من الاتفاق على ورودها في العهدة العمرية والتي وردت في النسخة التي نشرتها بطريركية الروم الأرثوذكس بناء على الوثيقة التي توجد لدى كنيسة القدس الأرثوذكسية وتتمثل في:

رجالات الدين مؤمنون على حياتهم وأموالهم.

أهل الذمة مؤمنون وأبنائهم على أرواحهم وأموالهم ما لم يخالفوا الشروط.

دور العبادة أو الكنائس مؤمنة وكذلك حرية الاعتقاد وأداء العبادات والشعائر.

الالتزام بإخراج الجزية.

أن يخرج من المدينة اللصوص والروم وهم مؤمنون حنى الوصول إلى ديارهم ومن أراد من أهل إيليا مرافقتهم فله ما لهم.

من أراد من الروم البقاء في المدينة فعليه الالتزام بكل ما على أهل المدينة طبقًا للعهدة العمرية.

بالنظر للعهدة العمرية نجد الفرق الواضح بين ما حدث لأهل إيليا على يد الفرس بعد دخولها من قتل وسرقة وهتك للأعراض، وبين ما حدث مع الفتح الإسلامي من تأمين على النفس والبنون والمال ودور العبادة وحرية الاعتقاد.