كان قوم عاد من القبائل العربيّة البائدة التي سكنت منطقة سمّيت بالأحقاف في جنوب شبه الجزيرة العربيّة ، و قد استوطنوا تلك المنطقة و بنوا فيها المباني الشّاهقة مستغلّين ما منحهم الله إيّاه من القوّة الجسديّة ، و بدل أن يستخدموها في طاعة الله سبحانه و إعمار الأرض راحوا يعبثون في غيّهم و ضلالهم و يتنافسون في البنيان و صنعته و في ظنّهم أنّهم خالدون على وجه الأرض و مادروا أنّه لو دامت الدّنيا لغيرهم ما وصلت إليهم ، و قد وصف الله مدينتهم إرم ذات العماد الشّاهقة التي لم يخلق لها مثيل و لا شبيه في بلاد الله آنذاك ، و لمّا جاءهم هودٌ يدعوهم إلى عبادة الله وحده من بعد أن اتخذوا الأصنام ما كان جواب قومه إلا قولهم أنّا وجدنا آباءنا على ما نحن عليه و إنّا على آثارهم مقتدون ، فأصرّ القوم على الكفر و استكبروا و رفضوا دعوة نبيّهم للتّوحيد ، فخوّفهم هودٌ بالله تعالى و بطشه و ذكّرهم بنعمه عليهم و ما منحهم إيّاه من الخير و القوّة في الجسد و الاستخلاف في الأرض من بعد قوم نوح ، فما زادهم هذا التّذكير إلا تكذيباً و عتوّاً ، فتولّى عنهم هوداً متأسّفاً لما سيحلّ بهم من عذاب الله و بطشه بالظّالمين ، و بينما كان القوم يتقلّبون في ضلالاتهم و متعهم الزّائفة إذا هم يرون سحاباً يأتي من بعيدٍ مقبلٍ عليهم فيتوهّمون أنّه خيرٌ قد ساقه الله لهم ، و ما علم القوم بأنّ هذه الرّيح العقيم تعرف على ما هى إلا عذابٌ شديدٌ قد أعدّه الله لهم عقاباً على كفرهم ، و نجى الله هوداً و الذين آمنوا معه من خزي ذلك اليوم و شملهم برحمته .