حكاية الجواري في العصر العباسي

الدولة العباسية سميت بذلك نسبة إلى العباس عم الرسول وينقسم الى عصر عباسى اول وثانى

قصة الخيزران والمهدي

من أشهر قصص الجواري في العصر العباسي هي خيرزان بنت عطاء ، كانت إحدى الجواري للخليفة المهدي ، فقد اشتراها له الخليفة المنصور في بغداد ، وأصلها من بلاد العجم ، وكانت شديدة الجمال والفصاحة ، وتعلمت في بيت الخليفة علم الحديث وعلوم القرآن.

تزوجها الخليفة المهدي وأنجبت له ولدان ، موسى الهادي وهارون الرشيد ، ومن أشهر القصص التي تروى عن الخيزران ، هي قصة دخولها في الحياة السياسية والحكم ، فبذكائها المعهود استطاعت التقرب من الخليفة ، ومعرفة كيفية إدارة شؤون الحكم ، فلم تكن حياتها في القصر مقتصرة على دور رعاية ولديها ، لكنها كانت طموحة وعينها على العرش والسلطة والحكم ، حتى أنها نجحت في أن تُقنع الخليفة ، بحصر الخلافة في ولديها موسى الهادي وهارون الرشيد، واستبعاد أبناء الأخريات.

قصة الخيزران وابنها موسى الهادي

وفق رواية الطبري ، كانت الخيزران من أقوى الشخصيات النسائية في ذلك العصر ، وكما ذكرنا سابقًا عاشقة للحكم والسلطة ، حتى إنه كان يطيع أوامرها كبار قادة الدولة ، وعندما تولى ابنها موسى الهادي الخلافة ، كان يعلم جيدًا نهم أمه الشديد للحكم والسلطة ، ولطالما اشتبك معها بسبب تدخلها في مقاليد الحكم ، وقيامها بتعيين قادة الدولة والولاة ، وقد حذرها كثيرًا من تبعات تلك التصرفات ، وقد هدد بقطع رأس كل من يتعامل معها أو يذهب إليها بأمر يخص الحكم ، وكل ذلك دون جدوى.

حتى خطط الخليفة موسى الهادي بتسميمها ، لكن فشلت خطته وعلمت الخيزران بالأمر ، ولم تستطيع قبول تلك الإهانة ، فأمرت في نفس الليلة جواريها بالذهاب خفية إلى مخدع الخليفة موسى الهادي ، واستخدام الوسائد لكتم أنفاسه حتى يفارق الحياة ، وبالفعل تم قتله على يده الخيزران.

قصة الخيزران وابها هارون الرشيد

كانت الخيزران ترى في ابنها الأصغر هاون ، الذكاء والحكمة والفصاحة ، وقد أطلقت عليه الرشيد لما رأته من تلك الصفات فيه ، وقد استطاع هارون الرشيد بحكمته أن يتغاضى الطرف عن عشق أمه للسلطة ، وهو ما دفعه للسماح لأمه مشاركته في الحكم وشؤون الدولة ، فتقلدت الخيزران في عهد هارون الرشيد مرتبة وزيرة لهارون وليست أم الخليفة فقط.

فقد كان الخليفة هارون الرشيد يوقع بخاتم الخلافة على قرارات الدولة ، بعد السماح من الخيزران والموافقة على قراراته ، وظل الأمر كذلك حتى توفيت الخيزران.

قصص أشهر الجواري في عصر هارون الرشيد

في العشرين من عمره تولى هارون الرشيد الخلافة العباسية ، وأصبح أميرًا للمؤمنين ، وقد حكم لمدة تقارب 23 عامًا ، وقد ازدهرت الخلافة العباسية في عهده ، فكانت الحالة الاقتصادية للدولة في أزهى حالاتها ، وحركة التجارة والصناعة والزراعة متقدمة وفي رخاء ، وقد ازدهر العلم والثقافة والعلوم الدينية والحالة الاجتماعية للفرد ، حتى سميّ عهده بالعصر الإسلامي الذهبي ، حتى إن بغداد في عهده صارت قبلة للثقافة والمعرفة.

وذكر المؤرخون أيضًا عن عهده ، أنه عهد المتعة والملذات والجواري ، وان تم ذكر ذلك فهو يعبر عن حقبة بمحاسنها وسيئاتها ، كعادة كل عصر ومن أشهر قصص الجواري التي تحكي في خلافة هارون الرشيد.

قصة الخنث في عهد هارون الرشيد

الخنث هي أشهر الجواري في عهد الخليفة هارون الرشيد ، وكان لقبها ذات الخال ، فقد تميزت بتلك الشامة على وجهها الحسن ، كانت شديدة الحسن والجمال ، وقد وهبها الله صوتًا عذبًا برعت به في الغناء ، وقبل دخولها قصر الخليفة هارون الرشيد كانت تغني في دار ، تعد مجلس للغناء في ذلك العصر ، ولطالما وقع في غرامها العديد من الشعراء والأدباء ، ومن أشهرهم الشاعر العباس بن الأحنف ، وكتب في حبها أبيات عديدة من الشعر ، والمغني والشاعر إبراهيم الموصلي ، والذي تغنى في حسنها وجمالها وغرامها العديد من الألحان.

وقد افتتن بها الخليفة هارون الرشيد ، وضمها إلى قصره ، حتى إن المؤرخون يذكرون أن كافة أوامرها كانت مجابة ، حتى أنها تدخلت في شؤون الحكم ، حين طلبت من هارون الرشيد أن يتولى أحد أقاربها زمام لحرب والخراج بفاس لمدة سبع سنوات متتالية ، فأطاع أمرها وكتب عهدًا على نفسه كإقرار بذلك الأمر ، ووصى في ذلك العهد الخليفة من بعده أن يتمها من بعده إن انقضى أجله قبل لوفاء بتلك المدة.

ماردة وهارون الرشيد

الجارية ماردة ، هي جارية تركية الأصل ، ترعرعت في الكوفة ، دخلت قصر الخليفة هارون الرشيد ، بعد أن اشتراها أحد التجار ، وقد كانت شديدة الجمال ، ورائعة وساحرة الأنوثة ، حتى إنه من شدة جمالها وقع الخليفة هارون الرشيد في غرامها بمجرد أن وقعت عيناه عليها.

صارت ماردة أم لمحمد المعتصم بالله ، وتحكى العديد من القصص والروايات عن غرام هارون الرشيد لمارده ، فيذكر أنه عندما تركها في بيت الجواري وخرج في إحدى رحلاته لبغداد ، لم يستطع أن يتغلب على شوقه لها ، فكتب إليها أبيات شعر جميلة تعبر عن مدى شوقه لها.

هيلانه وهارون الرشيد

الجارية هيلانه تروى أيضًا أعجب وأغرب روايات الخليفة هارون الرشيد مع جاريته هيلانه ، كانت تتمتع بصوت عذب في الغناء ، وكانت على قدر رائع من الجمال ، وكانت في الأصل جارية للخليفة موسى الهادي ، أخو هارون الرشيد الأكبر ، وبعد موت أخيه بشهرين ، تزوجها هارون الرشيد بعد افتتانه بها ، ويقال أن مش شدة حبه لها ، كانت تنام في حجره ، ولا يتحرك من مكانه حتى لا يزعج نومها.

وقد مرضت هيلانه وغلبها المرض فماتت ، ومن شدة حزن هارون الرشيد عليها ، وفجيعته فيها ، شاع في القصر ذلك فأقبل عليه المعزون ، وجلس يتقبل العزاء منهم في القصر، وكتب الشعراء على لسانه العديد من القصائد الحزينة الباكية.

وأمر العباس بن الأحنف أن يرثيها، فقال فيها:

يا من تباشرت القلوب بموتها ** قصد الزمان مضرتي فرماك

أبغي الأنيس فلا أرى لي مؤنسًا ** إلا التردد حيث كنت أراك

ملكٌ بكاك وطال بعدك حزنه ** لو يستطيع بملكه لفداك

يحمي الفؤاد عن النساء حفيظة ** كي لا يحلُّ حمى الفؤاد سواك