نبذه عن فريدريك نيتشة

معومات عن فلسفة ومؤلفات فريدريك نيتشة تعدُّ الفلسفة الألمانية جوهر الفلسفة الحديثة وركيزة الفكر الحديث الذي تفجَّر في أوربا منذ عصر النهضة وإلى الآن، حيثُّ قدَّمت الفلسفة الألمانية وسائلَ ومعطيات جديدة من أجل فهم الواقع في العصر الحديث، وشكلت أيضًا منهلَا عظيمًا حاولت من خلاله فهم الحداثة والتوافق معها، من خلال الأفكار الهامة التي أتت بها، ولا يدلُّ على ذلك أكثر من أسماء الفلاسفة الألمان الكبار الذين بلغت شهرتهم مشارق الأرض ومغاربها، ووضعوا مناهجَ ما تزال الأجيال تتبعها في شتى بقاع الأرض، ومن أهم الفلاسفة الألمان: مانويل كانت، كارل ماركس، هيجل، نيتشه، هايدجر وغيرهم، وفيما يأتي سيدور الحديث حول الفيلسوف الألماني الشهير فريدريك نيتشه.[١]

فريدريك نيتشه

فريدريك نيتشه فيلسوف ألماني شهير، ولدَ في غوكن باي لوتزن في ألمانيا عام 1844م، وبالإضافة إلى أنَّه فيلسوف فهو عالم نفس وعالم لغويات مميز، ينتمي إلى أسرة قساوسة، مات والده وهو صغير، فتولَّت نساء عائلته تربيته، فعاش طفولةً سعيدةً مدللًا فيها، وكان في صباه تلميذًا صادقًا مهذبًا حتى أطلق عليه لقب القسيس الصغير، أرادت والدته منه أن يكون قسيسًا فألحقته وهو في الثانية عشرة من عمره بمدرسة بفتوريا، إلا أنَّه غير توجُّهه بعد أن دخل بمرحلة الشكِّ والتشتت في عمر الثامنة عشر وذلك قبل أن يصبح ملحدًا شديد الإلحاد وقد جعل ذلك المحور الرئيس لكتاباته، ودخل جامعة بون لمدة فصلين، ثم جامعة ليبزينغ ودرس فيها فقه اللغة والآداب والتاريخ واللسانيات.[٢]

تمَّ تعيينه أستاذًا في فقه اللغة اللاتينية في جامعة بازل في سويسرا، ومنح درجة الدكتوراه، وعندما اندلعت الحرب بين ألمانيا وفرنسا عام 1870م تطوع في الجيش وعمل ممرضًا؛ لأنه أصبح مواطنًا سويسريًّا، وبعد أن تدهورت حالته الصحية أعفي من الخدمة وعاد إلى مدينة بازل، ثمَّ استقال من الجامعة عام 1879م بسبب تدهور حالته الصحية، فقضى عشرة أعوام بعد ذلك متنقلًا بين سويسرا وإيطاليا يعمل في التأليف، لكن المرض أقعده في عاك 1889م وأصيب بالشلل والجنون فأعيد إلى أمه حتى ترعاه وبعد وفاتها تولَّت أخته رعايته حتى توفي في عام 1900م، وهي التي باشرت في نشرمؤلفاته.[٢]

فلسفة فريدريك نيتشه

تميَّزت فلسفة فريدريك نيتشه في بداياته بأثرها بثلاث نزعات فلسفية: النزعة التشاؤمية، النزعة الجمالية، النزعة السياسية، وقد تأثر في كل منها بواحد على الأقل ممن عرفهم أو قرأ لهم، فأخذ التشاؤمية عن الفيلسوف الألماني الشهير آرثر شوبنهاور وتجلى ذلك في كتابه العالم إرادة وتمثل، وأما النزعة الجمالية فقد أخذها من صديقه الموسيقي فاغنرالذي رافقه أثناء إقامته في ليبزينغ، وأما الفلسفة السياسية فقد أثرت فيه من خلال ألبرت لانكه، وظهر ذلك في كتابه تاريخ المادية، لكنه فيما بعد انقلب على مبادئ شوبنهار وانفصل عن النزعة الجمالية الفنية عند فاغنر.[٣]

تميزت فلسفته بشمولها الأفكار الفلسفية الرومانسية ومعاداة السلمية والعدمية، فطالما كان نيشته ذا شخصية عدوانية لدرجة كبيرة، ونقدَت فلسفته المبادئ الأخلاقية والدين بشكل كبير على اعتباره ملحدًا كبيرًا، إضافةً إلى المادية والنفعية والمثالية الألمانية، لذلك تعدُّ فلسفة نيتشه ملهمةً للوجودية ومدرسة ما بعد الحداثة، وقد حوَت كتبه جميع أفكاره الفلسفية التي انتشرت حول العالم وألهمت الكثير من الفلاسفة والمفكرين.[٣]

مؤلفات فريدريك نيتشه

على الرغم من أنَّ نيتشه فشل في حياته العملية نوعًا ما، ولم تنشر أعماله إلا بعد أن أقعده الشلل والهذيان، حيثُ عملت أخته على نشرها، ولم تلقَ أعماله رواجًا وقبولًا إلا بعد وفاته، إلا انَّها أصبحت من أعظم الكتب في علوم الفلسفة، وفيما يأتي سيتم إدراج أهم كتب الفيلسوف فريدريك نيتشه:

  • هكذا تكلم زرادشت: جمعَ نيتشه أفكاره الفلسفية في هذا الكتاب الذي وصفه بأنه دهليز فلسفته، ويعدُّ علامةً فارقةً في الفلسفة الألمانية، فلا تزال أفكاره يدوي صداها رغم مرور أكثر من مئة عام على نشره، وقد عدَّ البعض هذا الكتاب من أعظم مئة كتاب في تاريخ البشرية، فكان له تأثيرات في العديد من المجالات الإنسانية كالحروب والفن والسياسة وغيرها.[٤]
  • ما وراء الخير والشر: يعدُّ كتاب ما وراء الخير والشر من أهم كتب نيتشه، ويأتي بعد كتاب هكذا تكلم زرادشت، إذ يمثل المرحلة الختامية من أفكار نيتشه وسيرته الفلسفية، ويشكل مجال اختبارات لأفكاره التي تميز بها عن غيره من الفلاسفة والمفكرين من حيث إرادة القدرة إلى العود الأبدي والفوق إنساني، بالإضافة إلى تجاوز الثنائية الميتافيزيقية حول وهم الذات وتناقض القيم وحرية الإرادة.[٥]
  • العلم المرح: أو العلم الجذل، هو كتاب يجمع العديد من نصوص نيتشه المفعمة بالحياة والتي تنبضُ بالروح، مضافًا إليها أبيات شعرية في مقدمة ونهاية الكتاب، فيرى فيه أنَّ العيد سيعقب طول الحرمان والعجز، ولا بدَّ من ارتعاشات قوى متجددة تعود بالإيمان في الأيام القادمة، متفائلًا ومبشرًا بأعياد روما القديمة.[٦]
  • أصل الأخلاق وفصلها: يجمع نيتشه في هذا الكتاب خلاصة أفكاره وما آمن به في موضوع الأخلاق وأصلها وقيمها، ويجيب عن الكثير من الأسئلة التي كانت تدور في باله حول ذات الموضوع، وهو من الكتب الهامة له في علوم الاخلاق.[٧]
  • محاسن التاريخ ومساوئه: يمثل هذا الكتاب رؤية نيتشه للتاريخ وما له من تأثيرات على عقول الأجيال التالية، وهو مغامرات نيتشه الفكرية الأولى، وقد ظهر فيه مدى تأثره بكبارالفلاسفة الألمان مثل: جوته وهيجل وبوركهارت، ويسهم فيه أيضًا بكشف آثار التاريخ السيئة والحسنة على الحاضر.[٨]

أقوال فريدريك نيتشه

بعد أن دارت رحى الحديث حول الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه، لا بدَّ من المرور على بعض أقواله التي غدت حكمًا يتناقلها الناس فيما بينهم وما زالوا يرددونها بعد مرور أكثر من مئة عام على وفاته، وفيما يأتي سيتم إدراج أهم أقوال نيتشه:[٢]

  • ستكون الحياة خطيئة دون موسيقى.
  • الحب أعمى، إلا أن الصداقة تغلق عينيها.
  • إنَّ كل الحقائق المكتومة تتحول إلى سموم.
  • الأفكار هي ظل العواطف، فهي أكثر ظلمة وفراغًا وبساطة.
  • داخل كل رجل حقيقي يختبئ طفل يريد اللعب.
  • نحن نرقص في حريتنا وهم يرقصون في قيودهم.
  • لا توجد حقائق بل تفسيرات.
  • ما لا يدمرني يجعلني أقوى.
  • ما يجعل الزواج غير سعيد هو الافتقار إلى الصداقة وليس إلى الحب.
  • أن تحيا يعني أن تعاني، وبقاؤك حيَّا يعني أن تعثر على بعض المعاني في المعاناة.