معنى الصحافة وأنواعها

تعرف على اهم وظائف الصحافه عاشَ الانسان على مرّ التاريخ مراحلَ من تطوّر وسائل الاتصال والتواصل والإعلام، فقد انتقل من عصر الصّيد والرعي إلى عصر الزراعة التي جاءت مُرافِقة للاستيطان داخل مجموعات صغيرة، ثم انتقل إلى الاستيطان في القرى والمدن إلى أن نشأت الدولة، وتبعتْها نشأة الإمبراطوريّات، ثمّ وقوع الاستعمار، وما تلاه من نهضة علميّة وثورة صناعية، إلى أنْ وصلَ إلى عصر الثورة التكنولوجية وثورة المعلومات والاتصالات، التي تَحوّل فيها العالم إلى قرية صغيرة بفِعل العولمة، والتي تطوّرت فيها وسائل الاتصال والتواصل من عامّة تعتمد على الطباعة والصحافة إلى خاصّة كالإنترنت والهواتف النقالة وشبكات التواصل الاجتماعيّ، وهذه المقالة ستتطرق إلى تعريف الصحافة وبوصفها شكلًا عامًّا من أشكال التواصل كانت قديمًا ولا زالت حتّى الوقت الحالي.

تعريف الصحافة

يمكن تعريف الصحافة أنّها كلّ إنتاج صحافيّ أيّا كان موضوعه، سواء كان سياسيًا، أم اقتصاديًا، أم اجتماعيًا، أو رياضيًا، أم ثقافيًا، أم ترفيهيًا، أم ترويجيًا، ويتمّ عن طريق واحدة من وسائل الإعلام الجماهيريّ كالصحف والمجلات المكتوبة، أو الإذاعات المسموعة، أو التلفاز المرئي، وقد تكون مجتمعة كلّها عن طريق الإنترنت.

وتعريف الصحافة يشتمل على ضرورة تقديم مادة إخبارية للجماهير، تكون مستقاة من حقائق أو مستندة إليها، مقدمة للجمهور موثقة، وصحيحة، وصادقة، ويشترط في الصحافة أن تستند إلى مجموعة من القيم المتمثلة في: الدقة في رصد الخبر أو المعلومة، والدقة في توقيت نشرها، وعدم انحيازها لجانب دون آخر، واستقلاليتها عن أي سلطة أخرى، ومسؤوليتها المطلقة عن كلّ ما يصدر عنها.

كما يتم تعريف الصحافة بأنها مهنة أو وظيفة تقوم على تجميع الأخبار المتعلقة بمستجدات الأخبار والقضايا المحلية والعالمية الساخنة، والقيام بتحليلها، والتأكد من صدقها، ثم نقلها للجمهور. وقد عرفت هذه الوظيفة طريقا إلى الجماهير منذ العصر البابليّ، إلى أنها تحوّلت إلى مهنة يمتهنها الناس بشكل مستقلّ ويترزّقون منها، وولدت معها فكرة صناعة الأخبار في أوائل القرن السادس عشر وبعد الثورة الصناعية واختراع الألماني غوتنبرغ للمطبعة في مدينة ماينز الألمانية. وقد كان للثورة الفرنسية دور مهم في ظهور الصحافة الحديثة وتعريف الصحافة، وانتشارها في أوروبّا كلّها. [١]

الصحافة العالمية والعربية

والحديث عن تعريف الصحافة يَطول عالميّتها، فقد شهدت لندن عام 1702 ظهور أوّل صحيفة دوريّة يوميّة عالميّة، وكانت صحيفة الديلي كوران Daily Courant، تلتها صحيفة التايمز Times التي أسست عام 1788 وتم استخدام آلات الطباعة البخارية فيها عام 1814، ثمّ صحيفة الكوريية Courier عام عام 1805. [١]

الصحافة العربية

لم تكن الصحافة العربية في تعريف الصحافة بعيدة كثيرًا عن تأسيس التايمز اللندنيّة، فقد بدأت عام 1798، بدخول نابليون إلى مصر وإصدار أول صحيفتَيْن باللغة الفرنسية، تَلَتْهما جريدة الوقائع المصريّة التي أصدرها محمد علي باشا كملحق للجريدة الرسميّة عام 1828، وذلك بعد إنشاء مطبعة بولاق كأول مطبعة حكومية رسمية في مصر عام 1820، وكانت تطبع الوقائع المصرية بشكلٍ يوميّ، ثم جريدة مرآة الأحوال العربية، التي صدرت من اسطنبول عام 1885 على يد رزق الله حسون، ثم جريدة الأهرام الصادرة عام 1875، حتّى تزايدت هذه الصحف في القرن العشرين. وفي هذه الأثناء، كانت الصحافة العربية في الدول المجاورة لمصر، قد ظهرت وفق الترتيب الآتي: [١]

  • الجزائر: صدرت فيها جريدة المبشر جريدة فرنسية رسميّة عام 1847، تَلَتها جريدة كوكب أفريقيا كأول جريدة عربية عام 1907.
  • لبنان: كانت جريدة حديقة الأخبار أول جريدة صادرة عام 1858، تلتها نفير سوريا والبشير، وغيرها الكثير.
  • تونس: التي تصدرت فيها الرائد التونسي عام 1860 تأسيس الجرائد هناك.
  • سوريا: كانت أول جرائدها جريدة سوريا، الصادرة عام 1865.
  • ليبيا: كانت جريدة طرابلس الغرب أول جريدة عام 1866.
  • العراق: صدرت أول جريدة عام 1869. تبعها عدد آخر الرقيب والموصل وبغداد.
  • المغرب: صدرت جريدة المغرب عام 1889.
  • فلسطين: في عام 1908 كانت النفير أول جرائدها.
  • الأردن: صدرت فيها الحق يعلو من عمان عام 1920.
  • السعودية: كانت أول جريدة رسمية فيها القبلة التي غيّرت اسمها عام 1924 إلى أم القرى.
  • اليمن: صدرت فيها الأيمان عام 1926.
  • الكويت: صدرت فيها الكويت عام 1928.
  • البحرين: صدرت فيها البحرين عام 1936.

وقد سلكت الصحافة العربية في تعريف الصحافة مسالكَ شائكة بين محاولاتها في تَوخّي المصلحة العامّة والربح المادي، ولكنها لم تنجح في ذلك كما الغرب، إذ إنّها لم تنتبه إلى الفروقات بين القارئ العربيّ والقارئ الغربيّ، إذ إنّ الثاني أكثر وعيًا من الأول، وبالتالي كانت الصحافة الغربية انعكاسًا نفسيًا صادقًا للجمهور الغربيّ، في حين أنّ الصحافة العربية ابتعدت عن هذا الطريق لأنها باتت توجّه الرأيَ العام إلى حيث يحبّ ويُرضي ميولَه ويفيدها ماديّا، متناسية ما يجب من توجيه للفكر العربي، وسدّ جوانب الفساد في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وتهذيب الوجدان العربيّ. [٢]

وظائف الصحافة

يشتمل تعريف الصحافة تحديدَ أهمّ وظائف الصحافة كما اتفق عليها واصطلح عليها الإعلام الجماهيريّ والصحافيّون، وكما اتفقت عليها الأدلة الإعلامية المختصّة بتعريف الصحافة، وتناول قضاياها المختلفة، ومن أهم وظائف الصحافة:

  • نقل المعلومات وإيصالها: ويمكن القول عنها الإخبار، إذ ظهرت هذه الوظيفة في القرن السادس عشر، ويمكن من خلال هذه الوظيفة أن تلعب الصحافة دورًا مهمًّا في صناعة القرار، خاصّة عندما يتحوّل نقل المعلومة إلى قضيّة رأي عامّ تُسهم في صنع قرار ديمقراطيّ جماهيريّ، ممّا يعزّز مبدأ الشفافية في المجتمع، ومن جهة أخرى فإنّ وظيفة نقل المعلومات تساعد صانعي القرار على معرفة توجّهات الجمهور وتوقعاته منهم، والنتائج المترتبة جماهيريا عن اتخاذهم لقرارات سابقة.
  • تقديم إيضاحات حول قضايا تهم الجمهور: كأن تقوم بتسليط الضوء على قضايا المجتمع وتكشفها وتوصلها للجمهور بسهولة مفسّرة إيّاها وباحثة عن مسبّباتها، كما تضعهم على حالة اطّلاع مستمرّ بكلّ القرارات أيًّا كان شكلها وكانت في طور الإعداد، ممّا يساعد الجمهور للقيام بعمليّات الضغط المناسبة على صانعي القرار، وكسب التأييد والمناصرة المدنية
  • الدور الرقابيّ: أيْ ممارسة دور رقابي على صانعي القرارات بالنيابة عن المواطن.
  • الترفيه: وبُقصد منها إمتاع المُتابِع والتخفيف عنه من خلال تقديم كل ما يهمه في جانب معين، وهي تتجه لعامة الجمهور لا خاصّته، وتدخل في كل أنواع الصحافة المسموعة والمرئية والمكتوبة، مثل أخبار المشاهير، والموضة وغيرها.
  • تحفيز الجمهور: وذلك من خلال دفعه إلى البحث وتعلم كل ما هو جديد، وإثارة مشاعره حول قضايا معينة يستحضر من خلالها تجاربَ سابقة له أو لغيره، وتكون محرّكًا له للفعل.
  • خلق مشاعر التضامن في المجتمع: وذلك من خلال تصدير القضايا الكبرى والكونيّة الساخنة، ذات الأهميّة القصوى، التي تدفع بالجماهير إلى التضامن العاطفي أو الفكري أو العقدي أو الحقوقي اتجاه قضايا معينة، مما يساعد على حفظ السلام المجتمعي، وتحقيق التوازن داخله.

أنواع الصحافة

يشتمل تعريف الصحافة التنوع والتعدّد في أنواع الصحف انطلاقًا من معايير متعددة، وفي تعريف الصحافة يختلف تسمية الصحافة المكتوبة من جريدة إلى مجلة باختلاف المعيار، أما المعايير التي تصنف تبعا لها الصحافة فهي كالآتي.

معيار دورية الصدور:

وفي هذا العيار حسب تعريف الصحافة، ينظر إلى الوقت الذي صدرت فيه الصحيفة ودوريتها في الصدور، فهي إما صحف يومية تصدر يوميًا، أو صحف أسبوعية، أو صحف شهرية أو نصف شهرية، وقد تكون فصلية أو سنوية، وهذه الصحف في الغالب تصدر عن مؤسسات أكاديمية، أو جهات علمية أو حكومية مهتمة بالدراسات البحثية والتطوير. ومن هذا المنطلق يمكن النظر إلى الجرائد بأنها يومية الصدور أو أسبوعية، في حين أن المجلات تبدأ من أسبوعية الصدور ويزيد الوقت فيها عن ذلك.

معيار الاتساع الجغرافي:

ويقصد بها في تعريف الصحافة التغطية الجغرافية للصحيفة، ووصولها إلى القرّاء في رقع جغرافيّة متسعة، وعليه تقسّم الصحف إلى صحف محلية، فهي تصدر وتوزع في حدود منطقة جغرافية معنة، كمحافظة أو إقليم، وتسمي بـ local. وهناك الصحف القومية، التي تصدر وتوزع على نطاق الدولة، وتغطي الأخبار داخل الدولة وخارجها من عالمية ودولية، وتسمى National. وهناك الدولية، وهي التي تصدر في الدولة نفسها، وتوزع في الدولة نفسها وخارجًا وتسمى International، ومن الأمثلة على هذه المجلات والتي صدرت في طبعات دولية لتقرأ خارج البلاد مجلة نيويورك، وجريدة الأهرام المصرية، وبعضها صحف دولية وعالمية منها: جريدة الفاينانشيال تايمز الاقتصادية اللندنية، ونيويورك تايمز الأمريكية، ولوموند الفرنسية، في حين أن هناك صحفًا إقليمية عربية دولية، صدرت في طبعات دولية مثل: الأهرام والحياة والشرق الأوسط.

معيار طبيعة الجمهور والمضمون الموجه إليه:

ويقوم هذا المعيار في تعريف الصحافة على طبيعة المضمون الذي تقدمه الصحيفة إن كان خاصًا، وتعرف في هذه الحالة بالمتخصّصة سياسيًا أو اقتصاديًا أو ثقافيًا … إلخ، أو صحفًا عامة مضمونها عامّ ومتنوّع يجمع بين جميع الموضوعات، كما أنه يهتم بفئة الجمهور الذي تخاطبه الصحيفة ومخاطبتها لاهتماماته، فهل الجمهور متجانس أم متنوّع أم أنّه يخاطب فئة معينة كالشباب أو النساء أو الأطفال.

معيار الاتجاه السياسي للصحيفة:

فهي حسب تعريف الصحافة إّما صحفًا مستقلّة، محايدة لا تعبّر عن أفكار أو آراء أيّ اتجاه سياسيّ، أو جماعة حزبيّة، ولا تتبنى أيديولوجيّة فكريّة بعينها، إنّما صحيفة مفتوحة لتنوّع الأطياف السياسية، وكل الأيديولوجيات. ومنها الصحف الحزبية التي تصدر باسم حزب حاكم أو آخر معارض، ويكون هدفها التعبير عن أفكاره، وقضاياه، وتوجهاته، ومطالبه، وبرامجه السياسيّة، ورؤيته العامة والخاصة للقضايا المحيطة.

معيار السياسة التحريرية وحجم التوزيع:

وهي حسب تعريف الصحافة إمّا صحف جماهيريّة Popular وتكون كمّيات توزيعها كبيرة وضخمة، وفي هذا الحال تكون أسعارها رخيصة وفي مُتناول الجميع، وتُخاطب الشعب، فتكون موضوعاتها بسيطة، تخاطبُ العواطف، وتركز على موضوعات مثل: الجرائم والرياضة وأخبار المجتمع والجنس وحياة النجوم، ومنها صحافة النخبة أو الصّفوة Quality، وتكون كمّيات توزيعها قليلة بالنسبة للجماهيرية ولكنها أكثر تأثيرا من الأخيرة، وهي صحف متّزنة وموضوعية وأكثر عمقا في تناولها للأحداث، وتركز على المقالات التفسيرية والتحليلية، والموضوعات الاستقصائيّة، وتبتعد عن الفضائح، وتكون أسعارها في الغالب مرتفعة الثمن. وهناك الصحف المعتدلة، وهي صحف تمزج بين الجماهيرية والصفوة؛ فيكون مضمونها متوازنا يغطي كل اهتمامات المجتمع.

معيار الشكل الفني للصحيفة:

وهو ما يفرق بين الجريدة والمجلة شكليًا في تعريف الصحافة، فالجريدة من حيث الحجم عبارة عدد من الصفحات الكبيرة أو المتوسطة المطوية دون غلاف، أمّا المجلة فعدد صفحاتها أكبر من صفحات الجريدة وتأتي بغلاف، ويكون حجم صفحاتها متنوّعًا من الكبير إلى الصغير، وقد يكون بحجم الجيب. ومن حيث الأشكال الصحفية، فالجرائد تتناول غالبًا ماذا حدث، في حين أنّ المجلة تكون أعمق في التناول فتتناول لماذا حدث وكيف حدث. كما أن المجلة تهتم أكثر بإرفاق الصور والألوان بجودة عالية تفوق الجرائد.

معيار الوسيط الاتصالى الذي يحمل الصحيفة:

وهذا المعيار حسب تعريف الصحافة، ظهر مع التطور التكنولوجي الذي نعيشه في القرن القرن العشرين، الذي تعدّدت فيها وسائط نقل المعلومة من الورق المطبوع إلى وسائط أخرى مختلفة، وهي:

  • الصحافة الإلكترونيّة، المأخوذة من شبكة المعلومات العالمية أو أجهزة الهواتف النقالة، أو الأقراص الضوئية.
  • الصحافة المرئية، المأخوذة عن شاشات التلفاز، واليوتيوبات المنشورة على وسائط متعدّدة.
  • الصحافة المسموعة، المأخوذة عن الإذاعات المحليّة والعالميّة.

الصحافة سلطة رابعة

وقد كان أدمونديورك 1797 أوّل من أطلق مصطلح السلطة الرابعة على الصّحافة في تعريف الصحافة، الذي قال للصحافييّن في مجلس العموم البريطاني البرلمان، “توجد سلطات، ولكن عندما ينظر الإنسان إلى مقاعد الصحفيّين، يجد السلطة الرابعة”، وقاصدًا بها الرابعة بعد التشريعيّة والتنفيذيّة والقضائيّة، لما لها من دور مهمّ في صنع الحياة الديمقراطيّة سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًا.

وقد أصبح مصطلح السلطة الرابعة مفهومًا سياسيًّا أكثر من كونه دستوريًّا أو قانونيًّا، كونه نابعًا من رغبة الجماهير بأن تكون الصحافة مستقلّة استقلالاً تاماً عن السلطة التنفيذية، بما لا يسمح لها كبت الحريات، والوقوف أمام حرية التعبير في الإعلام الجماهيري، الذي اتجه إليه الفرد كاتجاه فكري عام من شأنه التأثير في مراقبة السلطات وفاعلية دورها في قيامها بواجباتها، والتأثير في صنع القرار السياسي وتوجيهه نحو خدمة الجماهير، ومراقبة احترام السلطات الثلاث لحقوق الإنسان، ومدى التزامها بتطبيق القوانين، ومن هذا الجانب أصبحت الصحافة سلطة معارضة غالبًا، تهتمّ بقضايا الرأي العامّ، وتوجه انتقاداتها للسلطات.

وقد لعبت مؤخرًا وسائل التواصل الاجتماعيّ، الدور ذاته الذي تلعبُه الصحافة، حتّى أصبحت تسمّى بالسلطة الخامسة، وممّا يجدر لفت الانتباه إليه، أنّ الصحافة أو وسائل التواصل الاجتماعي لا يمكن لها أن تقوم بدورها الفاعل، إلا في ظلّ نظام سياسيّ ديموقراطي، يؤمن بسيادة القانون، وضرورة الفصل بين السلطات.