صاحب كتاب كليلة ودمنة

تعرف على الهدف من كتاب كليلة ودمنة نشأ ابن المقفّع في عهد دولة بني أُميّة، وكان فارسيَّ الأصل، وُلد في قريةٍ جور من قُرى فارس، واسمهُ بالفارسية روْزَبَة، ويعني المُبارك، ويُذكر عنه أنّهُ كُنّي قبل إسلامه بأبي عمرو؛ فلما كان إسلامه تسمَّى بعبد الله، ويرجعُ سبب وصف أبيه بالمقفّع فيُقال إنّهُ ضّرب بالبصرة على يدّ الحجاج بن يوسف ضربًا مُبرحًا حتى تقفّعت يده، ومنذ ذلك الحين أطلق عليه اسم المُقفّع، ومهما يكن من الأمر، فقد كان ابن المُقفّع أهمّ فرسان النثر العربي، من خلال إثرائه الثقافة العربية بعدد من الكتب الطريفة، حيث كان لهُ أسلوبه الذي عُرِفَ به وجعله يبلغ من الشهرة مبلغًا عظيمًا حتى وصلت شُهرته الآفاق وصار مضرب المثل على مرّ العصورِ، وفي هذا المقال سيتمّ الحديث أشهر كتبه وهو كتاب كليلة ودمنة.[١]

ترجمات كتاب كليلة ودمنة

يُعدّ كتاب كليلة ودمنة من الكتب التي كان لها إسهام فاعل في ترك بصمةٍ مُشرقةٍ في تاريخ الأدب العالمي عمومًا، وقد اشتهر هذا الكتاب شهرةً واسعةً، رغم اختلاف الكثيرين حول أصله وترجماته، حيثُ أجمع الباحثون على أنَّ الكتابَ هو عبارة عن مجموعة قصصيّة مميّزة على لسان الحيوانات، وهو هنديُّ الأصلِ، ويُقال بأنَّ الملك الهنديّ كسرى أنوشروان قد بلغهُ أمْرُ هذا الكتاب، فأراد الاطّلاعَ عليهِ للاستعانةِ به في تدبير شؤون الرعيّة، فأصدر أمرًا بترجمته إلى اللغة الفارسية القديمة، وقد عهد بهذه المُهمّة إلى طبيبه الخاص برزويه، وذلك لما عرفهُ عنه من علمٍ ودهاء كبيرين، إلّا أنَّ برزويه لم يكتفِ بنقل قصص هذا الكتاب وحسب، إنَّما قام بإضافةِ حكايات هنديّة أُخرى كثيرة، وأمّا الترجمات التي نُقلت عن النص العربيّ مباشرة فهي السريانية، والإنجليزية، والفارسية، والهندية، والتركية، واليونانية، والإيطالية، والعبرية، واللاتينية، وقد اطّلع ابن المقفع على النسخة الفارسية لكتاب كليلة ودمنة، فكان لها الأثر البالغ والكبير في نفسه وتفكيره وثقافته.[٢]

قصص كتاب كليلة ودمنة

الحيوانات لا تتكلم، وإنما ينطقها الأدباء في كتبهم، حتى يجد الناس في أحاديثهم العبرة، وبالطبع، فإنَّ كتاب كليلة ودمنة من نفائس الأدب العالمي الخالدة الذي يزخر بخرافات الحيوان، ولا يكادُ يخلو باب من أبوابه منها، حيث احتوى كلّ باب على خرافة طويلة تتداخل فيها الخرافات القصيرة، تتفاوت طولًا وقصرًا، وممّا لا شكّ فيه أنّهُ كتابٌ هادفٌ، هدفه الأسمى النصح الأخلاقيّ والإصلاح الاجتماعي، بالإضافة إلى التوجيه السياسي، وقد سُمّي بعنوانه أحد قصصه الهادفة، ومن أبرز الحكايات التي حواها كتاب كليلة ودمنة ما يأتي:[٢]

  • باب كليلة ودمنة.
  • باب الحمامة المطوقة.
  • باب الأسد والثور.
  • باب البوم والغربان.
  • باب الجرذ والسنور.
  • باب القرد والغيلم.
  • باب الناسك وابن عرس.
  • باب الأسد وابن آوى.
  • باب اللبؤة والأسوار والشغبر.
  • باب الناسك والضيف.
  • باب الحمامة والثعلب.
  • باب مالك الحزين.

السمات الفنية لكتاب كليلة ودمنة

نال هذا الكتاب شهرةً وذيوعًا تامًّا بخصائصه التي ميّزتهُ عن الكتب الأخرى، فقد احتلَّ هذا الكتاب مكانةً ساميةً في اللغة العربيّة قلّما تجد الكتب الأخرى مثل هذه المكانة الكبيرة من الرفعة والصيت، وفيما يلي سيتمُّ استعراض أبرز السمات الفنيّة لكتاب كليلة ودمنة:[٣]

  • يعتمد هذا الكتاب على الأسلوب القصصيّ، تسلم فيه القصة إلى قصة أخرى، وهكذا تأتي شخصيات مختلفة في معرض كل قصة.
  • معظم الشخصيات في هذه القصص من الطيور والحيوانات، وبذلك تنتمي إلى عالم مجهول ولكنه مشوّق، فهو يستثير خيال القارئ، ويستثير عقله، فمثلًا الأسد رمز للملك، والنمر رمز للوزير، كما أنّ الثعلب للشخص الماكر، والحمامة للإنسان الطيب وهكذا.
  • يستخدم الكتاب لغةً سهلةً ورشيقة، حتى يكاد يخلو تمامًا من الإملال؛ نتيجة استخدامه أسلوب الحوار، بالإضافةِ إلى اعتماده أحيانًا على الفكاهة.
  • يشتمل الكتاب على الحِكَم والأمثال والنصائح والعِبَر التي تعدّ خلاصةَ آراء الحكماء والفلاسفة، بالإضافة إلى تجارب الشعوب القديمة.
  • يُمجِّد الفضائل الأساسية التي لا بُدّ منها في أساس العلاقات؛ كالوفاء، والكرم، والشجاعة، والعفَّة، وغير ذلك، وينبذ الرذائل والشرور في شتى مظاهرها، ومن هنا جاء هذا الكتاب وسيلة لتهذيب أخلاق النشء في مختلف العصور.
  • يظهر الطابع الديني في الكتاب ويشيع فيه ألفاظ الرضا بالمقدور، وأحوال الدين والدنيا، والآخرة والأولى، ولعلّ هذا ما جعل الكتاب يدخل مضمون مصادر الثقافة الإسلامية، ويصبح كذلك مَعْلمًا للثقافة الدينية.
  • يصور الكتاب البيئة الخاصة بالملوك والحُكّام وحاشيتهم المُحيطة بهم، وبالطبع فإن هذه البيئة تستهوي مزاج عامّة الناس، وتستميل قلوبهم.
  • مخاطبة الكتاب العقل كما يظهر في قصة البوم والغربان.

مقاصد تأليف كتاب كليلة ودمنة

يتناول كتاب كليلة ودمنة قصصًا تجري على لسان الحيوان في ظاهرها، كما أنّها تستنطق الحيوان لتصل إلى أهدافٍ أخرى قد تكون أخلاقية أو إصلاحية لشؤون المجتمع والسياسة، فالحيوان في كتاب كليلة ودمنة تمّ استخدامه كأداة توظيف لغاية مُعيّنة قَصَدَها الكاتب، فالقصد والهدف من تأليف هذا الكتاب النصح الأخلاقي للأفراد والإصلاح الاجتماعي، بالإضافة إلى التوجيه السياسي، فباب الفحص عن أمر دمنة الواردة حكايتها في الكتاب يتناول موضوع عبثيّة محاولات المُجرم للتهرب من العدالة، وأنّه لا بُدَّ للمُجرم أن ينال عقابه، كما يتناول أحد واجبات السلطة القضائية التي تمثّلت بحكاية الحمامة المُطوّقة التي تدعو إلى التعاون، بالإضافة إلى حكاية الأسد والثور والتي تمثّلت في مضمونها الكشف عن خفايا السياسة الداخليّة وتنافس السياسيّين في الدولة، وحكاية الثعلب ومالك الحزين قدّمت عظات أخلاقيّة فرديّة مُتنوّعة المواضيع، وتجدر الإشارة إلى أنّ الأهمية الكبيرة للكتاب وما يحويه من الخصائص والسمات والغايات والأهداف جعلتهُ يلقى رواجًا كبيرًا جدًا، سواء في الأوساط العلمية أم الأدبية، إلى درجة إدخال حكاياته في المقرّرات الدراسيّة والجامعات العربية في الهند وفي غيرها من البلاد.[٣]