سر اختفاء مكتبة خزانة بيت الحكمة الأموية

مكتبة عامة مفتوحة لجميع الجماهير  حيث توجد كتب علمية وأدبية وتاريخية  في الوقت الذي كان فيه حرق الكتب والمكتبات في الموضة  في نفس الوقت الذي كانت فيه مكتبة الإسكندرية مع كل العظمة التي حققتها هذه المكتبة خلال الفترة الأموية  اختفت فجأة من حياة الناس بمجرد وصول العباسيين إلى السلطة

مكتبة خزانة بيت الحكمة الأموية هي أولى و أكبر المكتبات في تاريخ الدولة الإسلامية ، و يرجع تاريخها للقرن الأول و الثاني الهجري ، و كانت تحتوي على مجموعة كبيرة من الكتب المتنوعة في كافة المجالات ، و لكن بمجرد أن تولى العباسيون مقالد الحكم ؛ اختفت تلك المكتبة بدون سابق إنذار.

تاريخ المكتبة:
لطالما عُرفت الشام بحضارتها و ثقافتها على مر العصور ، و تعتبر هي ثاني البلاد العربية التي توجه إليها المسلمون الفاتحون ليُدخلوها في الإسلام ، و كان المسلمون آنذاك لا يملكون من الكتب إلا القرآن الكريم ، و لم يكونوا على دراية كاملة بالعلوم المختلفة ، و لذلك عندما تولى معاوية بن أبي سفيان ولاية الشام وجه اهتمامًا كبيرًا بالعلم و العلماء.

و قد ظهر هذا الاهتمام في الندوات العلمية و الثقافة التي كان يتبناها بصورة دائمة في قصره ، كما أمر ببناء مكتبة خزانة بيت الحكمة ليجمع فيها كل ما هو غالي و نفيس من الكتب و الأبحاث العلمية ، و يُقال أنه في بداية الأمر لم يكن يسمح لأحد بدخول تلك المكتبة ، و كان يقضي معظم وقته من ليل و نهار فيها ليطلع على العلوم المختلفة و كان أيضًا يُخطط لمعاركه داخل تلك المكتبة ، و قد مرت تلك المكتبة بالعديد من المراحل التاريخية حتى اختفت تمامًا.

المراحل التاريخية للمكتبة:
أولًا مرحلة المكتبة الشخصية: في هذه المرحلة احتفظ معاوية بن أبي سفيان بالمكتبة لنفسه و منع أي حد من دخولها إلا بعض الأشخاص فقط ، و أقام فيها المناظرات الأدبية التي تم تدوينها بواسطة بعض الأشخاص المُكلفون بهذه المهمة و تم حفظ تلك التدوينات في المكتبة ، و قد اتخذ معاوية بن أبي سفيان قصر الخضراء مقرًا للمكتبة ، و من أهم المؤلفات التي تم إيداعها في المكتبة في عصر معاوية ؛ كتاب النسب و الأخبار لعبيد بن شرية الجرهمي ، و كتاب أخبار اليمن و أشعاره لعبادة بن الصامت ، و كتاب النظم يونس بن سليمان.

خلف معاوية بن أبي سفيان بعض الأمراء الذين اهتموا بالعلم و سعوا من أجل توسيع المكتبة و إضافة بعض الكتب الجديدة فيها ، و كان من بينهم خالد بن يزيد ؛ الذي تعلم العديد من اللغات القديمة و عمل على ترجمة كافة العلوم الخاصة بحضارة تلك اللغات مثل اليونانية ، و بدأ في نقل كتب الكيمياء و الرياضيات و الفلسفة من اليونانية إلى العربية ، ليكون بذلك أول من قام بالترجمة و نقل العلوم إلى العربية في تاريخ المسلمين ، و بذلك ساهم خالد بن يزيد في زيادة عدد الكتب داخل تلك المكتبة و رفع من شأنها في ذلك العصر.

ثانيًا مرحلة قصور الخلفاء: تبدأ تلك المرحلة عندما تُوفي خالد بن يزيد و انتقلت المكتبة لحماية الخليفة عبدالملك بن مروان ، الذي اهتم بها بصورة كبيرة و عمل على توسيعها و زيادة الكتب بها ، و أصبحت المكتبة في هذا الوقت خاصة بمجلس الفقهاء و الأمراء و العلماء بدلًا من أن تكون للخليفة بمفرده ، و بعد وفاة الخليفة عبدالملك بن مروان تولى خلفائه مهمة الحفاظ على المكتبة و توسيعها ، حتى اكتملت المكتبة في عهد الوليد بن عبد الملك ، و احتوت على مجموعة كبيرة من المخطوطات المترجمة للعربية.

ثالثًا مرحلة المكتبة العامة: تبدأ تلك المرحلة تزامنًا مع تولي الخليفة عمر بن عبدالعزيز مقاليد الحكم ، و قد عمل الخليفة عمر بن عبدالعزيز على تعميم المكتبة لكافة فئات الشعب من أجل نشر الثقافة و العلم بين الجميع تقربًا لله عزوجل ، وبقيت المكتبة في المسجد الكبير حتى حين انتقل قصر الخلافة من دمشق إلى الرصافة ، في عهد هشام بن عبد الملك ، و لكن عدم تطور المكتبة بالإضافة إلى تدهور الأحوال في شتى البلاد جعل الناس تنصرف عن العلم و تهتم بملاحقة أمور السياسة و التقلبات ، مما أدى لضياع تلك المكتبة و عدم معرفة ما حدث لها.

اختفاء المكتبة:
أشار العديد من المؤرخون إلى أن العباسيين قاموا بحرق كافة منازل و قصور الدولة الأموية ، و أغلب الظن أن تكون تلك المكتبة قد تم حرقها هي الأخرى ، و لكن بالنظر إلى تأسيسهم مكتبة دار الحكمة الشهيرة ؛ فيشير البعض إلى أنهم قاموا بضم مكتبة خزانة بيت الحكمة إلى مكتبة دار الحكمة في عهد هارون الرشيد في بغداد ، و التي انتهت مع غزو المغول للشام و الدول العربية و إحراقهم كافة المكتبات و الكتب التي وجدوها