الحضارة الهلينستية و مظاهرها

وهي مشتقة من كلمة هيلين  وهي الاسم العرقي الممنوح لليونانيين  الهيلينية  باستثناء منطقة التمثيل نجد ظاهرة معينة  نجد أن الحضارة اليونانية تنتشر ولا توجد

أطلق اليونانيون على أنفسهم اسم “الهيلينيين”، وبالتالي فإن الحضارة اليونانية الكلاسيكية تسمى أحيانا “الهيلينية”، ويميز العلماء المعاصرون مرحلة الحضارة اليونانية التي أعقبت فتوحات ألكساندر عن العصر الكلاسيكي القديم من خلال إعطائها التسمية “الهلنستية”، وتلك الفترة التي انتشرت فيها الحضارة اليونانية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه، وفي العملية تم تغييرها بمهارة مع ثقافات السكان الغزاة، واستمر التقدم في الفن والفلسفة والعلوم اليونانية على قدم وساق، وبعض من أعظم أسماء الحضارة اليونانية مثل إقليدس وأرخميدس، ومع ذلك فإن الحضارة الهلنستية تمثل شيئا من الانصهار بين العديد من الثقافات، وفي الحكومة والدين والفكر والفن يتم خلط عناصر من تقاليد مختلفة معا في مزيج رائع .

الحضارة الهلنستية

كانت دولة المدينة (بوليس) هي السمة المميزة للحضارة اليونانية، وأحد أبرز المعالم في تلك الفترة هو أن ألكساندر وخلفائه أسسوا العديد من المدن على الطراز اليوناني في جميع أنحاء الشرق الأوسط ، حتى أفغانستان والهند ، وكانت كل مدينة مجتمعا يتمتع بالحكم الذاتي فيما يتعلق بالشؤون المحلية، وكان لكل منها صالة للألعاب الرياضية ومعابد ومسارح وستوا (ميدان عام) ومجلس مدينة ومؤسسات أخرى تابعة لدولة مدينة يونانية، ولقد كانوا مأهولة بالسكان من قبل الإغريق والمقدونيين، إما من قدامى المحاربين في جيوش الفتح، أو المهاجرين الذين جلبوا آلافهم لدعم الأنظمة الجديدة، وسرعان ما انتقل الكثير من السكان المحليين إلى هناك، حيث تبنى الكثيرون أنماط حياة المستعمرين .

وأصبحت بعض هذه المدن كبيرة جدا وفقا لمعايير هذه الفترة، وخاصة الإسكندرية في مصر، وأنطاكية في سوريا، وأفسس وبيرجاموم في آسيا الصغرى، وأصبحت هذه والعديد من المدن الصغيرة مراكز لنشر اللغة والثقافة اليونانية في جميع أنحاء المنطقة الشاسعة، وحتى المدن القديمة في آسيا الصغرى وسوريا مثل ساردس وصور ومدن فلسطين الفلسطينية، أصبحت تدريجيا اليونانية في اللغة والثقافة والمؤسسات والهندسة المعمارية .

الامبراطوريات الهلنستية

الامبراطوريات الهلنستية تفوقت على الاسكندر الأكبر ونشرت الثقافة اليونانية من خلال أوروبا وغرب آسيا وشمال إفريقيا، واستمر التأثير الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي للهلينية في الانتشار والتأثير على الدول والإمبراطوريات اللاحقة، ووفقا لديودوروس، المؤرخ اليوناني القديم سأله صحابة الإسكندر على فراش الموت الذي ورث مملكته، وكان جوابه الخاطئ “للأقوى”، وتدعي قصة أخرى أكثر منطقية أن ألكساندر مرر خاتم الخاتم الخاص به إلى بيرديكاس وهو حارس شخصي وزعيم سلاح الفرسان المرافق، وبالتالي رشحه كخليفة رسمي له .

ربما كانت إمبراطورية الاسكندر قصيرة الأجل لكن الإمبراطوريات التي خلفت إمبراطوريته، التي عرفت باسم الإمبراطوريات الهلنستية، واستمرت لمئات السنين ونشرت الثقافة اليونانية على مناطق شاسعة، وأربعون سنة من الحرب بين الديادوتشي أو الخلفاء، تلا ذلك قبل أن يستقر العالم الهلنستي في كتل سياسية مستقرة، وفي النهاية تم نحت إمبراطورية الإسكندر الأكبر في الغالب بين أنتيجونيوس وسيليوكوس وبطليموس، وأسس سلوقس الإمبراطورية السلوقية التي تضم بلاد ما بين النهرين والأناضول وأجزاء من الهند، وأسس بطليموس سلالة البطالمة في مصر والتي استمرت حتى 30 ق.م، وحكم أنتيجونيوس الجزء الأكبر من آسيا الصغرى وشمال سوريا .

وخلال الفترة الهلنستية التي استمرت منذ وفاة الإسكندر حتى القرن الأول الميلادي أصبح الفكر والثقافة اليونانية متشابكين مع تلك الخاصة بالسكان الأصليين وهي عملية تسمى الهيلينيزية، بالإضافة إلى الإمبراطوريات الهلنستية غمرت موجة جديدة من الاستعمار اليوناني هذه المناطق بنفوذ يوناني .

تأثير الهلينستية ومظاهرها

تأتي الكلمة الهلنستية من الكلمة اليونانية التي تعني “تقليد الإغريق”، وأدخلت الهيلينية اللغة اليونانية والفن والثقافة والأفكار السياسية والفلسفة في منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​والشرق الأوسط ونشرها، ومن الناحية السياسية اتبع الحكام الذين قسموا إمبراطورية الإسكندر مبدأ الحكم عن طريق الملكية مثل الكسندر، واستخدموا القوة العسكرية للحفاظ على قواعدهم في شكل سلطة استبدادية، ويشير هذا التطور إلى استمرارية مع الأشكال المبكرة للحكم الاستبدادي في اليونان الكلاسيكية وغيرها من الدول المبكرة، ولكن التغيير من التقاليد الديمقراطية التي تأسست في بوليس اليونانية، وعندما بدأ الرومان في تشكيل إمبراطورية تبنوا بالمثل هذه الخصائص للحكم الاجتماعي والسياسي التي سيطرت على الفترة الهلنستية .

الثقافة والحياة الاجتماعية في العصر الهلينستي

وعلى المستوى الاجتماعي والثقافي نشرت الحضارة الهلنستية اللغة اليونانية والفلسفة والفن وهو مظهر ما زال محسوسا في الأسس اللغوية والفكرية والفنية للحضارة الغربية حتى اليوم، والأهم من ذلك تم نشر هذه الأفكار جزئيا من خلال الروابط التجارية بين أوروبا والشرق الأوسط وآسيا التي تشكلت في عهد ألكساندر، ولاحظ أوجه التشابه في الأناقة والأقمشة والملابس في العصر الهلنستي النحت اليوناني ونحت بوذا غاندارا، وقد استمرت الروابط الثقافية والاقتصادية التي تعززت من خلال توسيع إمبراطورية الإسكندر الأكبر في إمبراطوريات لاحقة، مثل الإمبراطوريتين الفارسية و الامبراطورية الرومانية، مما عزز الروابط بين تلك المناطق في فترات لاحقة .

الإسكندر الأكبر وخلفائه

غزا الاسكندر ملك مقدونيا الإمبراطورية الفارسية في عام 334 قبل الميلاد مع جيش مؤلف من قوات من جميع أنحاء مقدونيا واليونان، وبعد عشر سنوات أكمل غزو هذه الإمبراطورية وأكثر من ذلك جلب حتى أجزاء من الهند تحت حكمه، وبعد وفاة ألكساندر المفاجئة في عام 323 قبل الميلاد بدأت إمبراطوريته على الفور في الانهيار حيث قاتل جنرالات بعضهم البعض من أجل التفوق، وبحلول عام 300 قبل الميلاد انقسمت الإمبراطورية إلى ثلاث قطع رئيسية، كل واحدة تحت جنرالات الإسكندر، ومقدونيا كانت تحت أنتيغونوس، ومساحة شاسعة تمتد من آسيا الصغرى إلى الهند قد سقطت إلى سلوقس، وكانت مصر إقطاعية بطليموس، وأسس هؤلاء الجنرالات الثلاثة ممالك كبرى يحكمها نسلهم لعدة أجيال، وكانت الممالك الصغيرة تحكمها سلالات أخرى، واستعادت العديد من المدن اليونانية القديمة استقلالها .

وفي ذروته كان العالم الهلنستي يضم البلدان الحديثة في اليونان وألبانيا ومقدونيا وجنوب إيطاليا بما في ذلك صقلية وجنوب فرنسا وجنوب شرق إسبانيا وجنوب أوكرانيا وتركيا وأرمينيا وأذربيجان وسوريا ولبنان وإسرائيل والأردن ومصر، وشرق ليبيا ، والعراق، إيران ، أفغانستان، جزء كبير من باكستان، بالإضافة إلى شريحة كبيرة من آسيا الوسطى، وانتهت الفترة الهلنستية بفعل القوة الصاعدة لروما، وكانت أول مملكة هيلينية تسقط في روما هي مقدونيا في عام 168 قبل الميلاد، وكانت مصر هي الأخيرة في 31 قبل الميلاد للثقافة الهلنستية، مع ذلك كان أن تستمر لفترة أطول من ذلك بكثير، وتأثيره يمكن الشعور به حتى يومنا هذا .