معلومات عن سبب انتشار الحكم والامثال في العصر الجاهلي يُعدّ النثر أحدَ قسمَيْ الكلام، فالقولُ كلّه إمّا أن تتمّ صياغته في قالب الشعر، أو أن يكون في قالب الكلام المنثور، أمّا النثر فهو إحدى صور التعبير الأدبي، كما أنّه يُعدُّ لونًا من ألوان الكلام، ولا يتقيّد بوزنٍ أو بقافيةٍ كالشعر، إلّا أنّه يعتمد على إيراد الخيال والصور وضروب من البلاغة؛ كالجناس والطباق والتشبيه والاستعارة، مع اهتمام صاحبه وعنايته بتجويده وإتقانه حتى ينال إعجاب القارئ، وقد شاع النثر في العصر الجاهلي وذاع صيته، ومن أشهر ألوان النثر الفني التي اشتهرت في ذلك الوقت: الخطب، والوصايا، وسجع الكُهّان، والحكم والأمثال، والقصص والرسائل، وفي هذا المقال سيتم الحديث أكثر عن أشهر الحكم والأمثال في العصر الجاهلي.[١]

الفرق بين الحكم والأمثال

قبلَ الحديث عن أشهر الحكم والأمثال في العصر الجاهلي، لا بُدّ من تعريف كلٍّ من الحكمة والمثل والتفريق بينهما، فالحكم والأمثال فنّان نثريّان وصلا للناس كما نطق بهما أصحابُهما، من غير تغيير أو تحريف، ولا زيادة أو نقصان، لما تمتاز به من تركيز بالغ، وإيجاز شديد، بالإضافة إلى قبولها للحفظ، واشتهارها على الألسن في كلّ مناسبة، وبذلك تكون أصح ما بقي ووصل من النصوص الجاهلية، وأقربها إلى أصولها الأولى، وإن كانت لا تقدم صورة كاملة عن النثر في العصر الجاهلي، والحكم والأمثال كذلك مرآة تعكس الواقع الاجتماعي والسياسي، وهي جمل قصيرة بليغة، تخلو من الحشو، وقد أوحت بها تجارب الحكماء والمعمّرين في الحياة بالإضافة إلى العلاقات بين الناس، وهي كذلك ثمار ناضجة من ثمار العيش الطويل الذي يصدر عنه الرأي المحكم،[٢] والفرق بينهما يعود إلى أنّ الحكمة قول موجز يتضمّن حُكمًا صحيحًا للأشياء، كونه نابع من واقع الشخص ومعاناة تجاربه في الحياة، أمّا المثل فيقترن في أصله بقصّة أدت إليه، ثم دخلت في نطاق الأمثال، بالإضافة إلى أنّ الحكمة تختلف عن المثل في أنّها تصدر في أغلب الأحيان عن فئة معيّنة من الناس لها تجاربها وخبرتها وثقافتها في الحياة بعكس المثل الذي يصدر عن عامّة الناس، وقد دوّن العرب أشهر الحكم والأمثال في العصر الجاهلي ممّا ساعد على حفظها وتناقلها على الألسنة، مع أنّ أكثر هذه الحكم والأمثال لا يُعرف أصحابها.[٣]

الخصائص الفنية للحكم والأمثال

بعد الحديث حول أشهر الحكم والأمثال في العصر الجاهلي، لا بدّ من استعراض أهم الخصائص الفنيّة لها، فقد لقيت شيوعًا كبيرًا في العصر الجاهلي؛ لخفتها وعمق ما فيها من حكمة، بالإضافة إلى إصابتها للغرض المنشود منها، وصدق تمثيلها لحياة الناس العامّة ولأخلاق الشعوب كذلك، ومن أبرز الخصائص الفنية التي ميّزت أشهر الحكم والأمثال في العصر الجاهلي ما يأتي:[٤]

  • إيجاز اللفظ والسبك الجيّد.
  • إصابة المعنى المنشود.
  • حسن التشبيه من خلال استخدام ضروب البلاغة.
  • جودة الكناية والاستعارات.
  • إيرادها بأسلوب سهل وبسيط لا أثر للصنعة الإنشائية فيه.
  • جمال الصنعة والتصوير.

أسباب انتشار الحكم والأمثال في العصر الجاهلي

لاقت الحكم والأمثال شهرة كبيرة في العصر الجاهلي، حيث أنها انتشرت على ألسنة الناس عامّة، وربما يعود ذلك لما امتاز به العرب من فصاحة وبلاغة وتجارب كثيرة في الحياة، ومن أبرز من قالوا أشهر الحكم والأمثال في العصر الجاهلي: لبيد بن ربيعة، قس بن ساعدة، امرؤ القيس، ربيعة بن حذار، عامر بن الظرب العدواني، سهيل بن عمرو، هرم بن قطبة الفزاري وأكثم بن صيفي التميمي، كما يمكن تلخيص أهم الأسباب التي أدت لانتشار أشهر الحكم والأمثال في العصر الجاهلي على ألسنة هؤلاء الأشخاص بما يأتي:[٢]

  • البيئة الفطرية التي تسود فيها الأمية وتشتد الحاجة فيها إلى التجارب المستخلصة بصورة أقوال لها معنى صادق.
  • ارتباط المثل بحادثة أو حكاية ساعدت على انتشاره.
  • صياغة الأمثال في غالب الأحيان في عبارة حسنة، يظهر فيها دقة التشبيه بين مورد المثل والمناسبة التي قيل فيها بما يرضي فيها الذوق العربي.
  • شيوع الحكم على الألسنة؛ وذلك لاعتمادها على التجارب واستخلاص العظة من الحوادث والتمكن من ناحية البلاغة.

أشهر الحكم والأمثال في العصر الجاهلي

لقد أبدع العرب في ضرب أشهر الحكم والأمثال في العصر الجاهلي في مختلف المواقف والأحداث، التي لا يزال بعضها حيًّا إلى هذا الوقت وما زال مستخدمًا، فلا يكاد يخلو موقف من حياتهم العامّة إلّا وُجد مثلًا ضرب عليه، ولا تخلو أيضًا خطبة ولا قصيدة في اللغة العربية من مثل أو حكمة مميّزة تؤثر في حياة النّاس، فالأمثال والحكم هي أصدق ما يتحدث عن أخلاق الأمم وتفكيرها وعاداتها وتقاليدها، ونظرًا لازدحام حياتهم البدويّة بالحروب والمعارك فقد أثمرت تلك المواقف والحروب حكمًا وامثالًا اختزلت مواقف ومعانٍ كبيرة، وفيما يأتي سيتمّ ذكر أشهر الحكم والأمثال في العصر الجاهلي ومناسبة بعضها:[٢]

  • أشهر الحكم والأمثال في العصر الجاهلي:
    • مَصارعُ الرجالِ تحتَ بروقِ الطمع: وهذه الحكمة دعوة للقناعة، لأنّ الطمع يقتل صاحبه.
    • رُبّ ملومٍ لا ذنبَ لهُ: هي دعوة إلى التثبّت من الأمر قبل توجيه اللوم والذنب للبريء.
    • أدبُ المرءِ خيرٌ مِنْ ذهبهِ: وتعني أنّ قيمة الإنسان بأدبه وليس بماله.
    • مَنْ فَسدتْ بطانتهُ كانَ كالغاصِ بالماء: وهذه تدعو إلى حسن اختيار الأعوان.
  • ومن أشهر الحكم والأمثال في العصر الجاهلي والأمثال على وجه الخصوص ما يأتي:
    • جزاؤهُ جزاءَ سنمّار: يضرب هذا المثل لمن يحسن في عمله فيكافأ بالإساءة إليه.
    • رَجعَ بخُفّي حُنين: ويضرب هذا المثل في الرجوع بالخيبة والفشل.
    • وافقّ شنٌ طبقة: يضرب للمتوافقين في أمر معين .
    • الصيفُ ضيّعت اللبنَ: يضرب لمن يضيع أمرًا على نفسه ثم يطلبه بعد فوات الأوان.
    • على أهلها جنت براقش: وبراقش اسم لكلبة لقوم من العرب وقد اختبأت مع أصحابها الغزاة، فلما عادوا خائبين لم يعثروا عليهم فنبحت براقش فاستدلوا بنباحها على مكان أهلها فاستباحوهم.
    • أعط القوس باريها: يُضرب هذا المثل في إعطاء العمل لمن يتقنه.
  • ومن الأمثال أيضًا:[٥]
    • “لا يطاع لقصير أمر، ولأمر ما جدع قصير أنفه بيدي لا بيد عمرو”.
    • قصة ثأر امرئ القيس لأبيه ومنها: “ضيعني صغيرًا وحملني ثأره كبيرًا لا صحو اليوم ولا سكر غدًا، اليوم خمر وغدًا أمر”.
    • “إنك لا تجني من الشوك العنب:” يضرب لمن يرجو المعروف في غير أهله أو لمن يعمل الشر وينتظر من ورائه الخير.
  • وممّا ورد من الأمثال كذلك:[٦]
    • “أول ما أطلع ضبٌّ ذَنَبه”.
    • “أجرِ الأمور على أذلالها”.
    • “احذر الصبيان لا تصبك بأعقائها”.
    • “انقطع السلى في البطن”.
    • “أبصِرْ وَسْمَ قِدحك”.
    • “شر السير الحَقْحَقة”.
    • “أكذب مِن اليَهْيَر”.
    • “إنما يجزى الفتى ليس الجمل”.
    • “أشبه شَرْج شَرْجًا لو أن أُسَيْمرًا”.
    • “أحشَفًا وسوءَ كيلة”.
    • “أنجد مَن رأى حضنًا”.
    • “لولا اللئامُ لهلك الأنام”.
    • “ليس من العدل سرعة العَذْل”.
    • “من لي بالسانح بعد البارح؟”.
    • “المنايا على البلايا”.
    • “مِن العناء رياضةُ الهرِمِ”.
    • “هذا أوان الحرب، فاشتدي زِيَم”.
    • “استغنت التُّفَّة عن الزُّفَّة”.
    • “إذا لم تغلِبْ فاخلب”.
    • “ارقَ على ظلعك، واقدِر بذَرْعك”.
    • “إذا جاء الحَيْن، حار العين”.
    • “إن القُنوع الغنى لا كثرة المال”.
    • “حال الجريضُ دون القريض”.
    • “ضَرْب أخماسٍ لأسداس”.
    • “إنني لن أضيره، إنما أطوي مصيره”.