الدعاء هو من أعظم العبادات التي تقرب العبد من ربه، وهو وسيلة قوية للتواصل مع الخالق وطلب العون والمغفرة. لكن، لكي يكون الدعاء مستجابًا، لا بد من مراعاة آداب الدعاء التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. كما أن الدعاء يكتسب قوته ويزداد قبولًا عند التزام المسلم بالأدب في الدعاء، مثل اختيار الأوقات المستحب فيها الدعاء، والتوجه إلى الله بكل يقين ورجاء.
تعرف على :احاديث رسول الله في الدعاء و استجابته
ما هي آداب الدعاء
آداب الدعاء هي مجموعة من السلوكيات والممارسات التي يجب على المسلم مراعاتها أثناء الدعاء ليكون الدعاء أكثر قبولًا واستجابة من الله تعالى. وفيما يلي أبرز آداب الدعاء:
4. رفع اليدين عند الدعاء
من السنة رفع اليدين أثناء الدعاء، وقد ورد ذلك في العديد من الأحاديث النبوية الشريفة. رفع اليدين يُظهر التضرع والتذلل لله، كما يدل على حاجة العبد المستمرة إلى رحمة الله.
5. التكرار في الدعاء
من آداب الدعاء التكرار، أي أن يكرر المسلم الدعاء ثلاث مرات على الأقل. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكرر الدعاء ثلاثًا، كما في الحديث: “إذا دعا أحدكم فليكثر، فإن الله لا يتعاظمه شيء” (رواه مسلم).
7. عدم الاستعجال في الإجابة
من آداب الدعاء أن لا يستعجل العبد في طلب استجابة دعائه. فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: “يستجاب لأحدكم ما لم يعجل” (رواه مسلم). قد تكون الاستجابة في وقت لاحق أو بصورة تختلف عما يتوقعه العبد، لكن الله في كل حال يفعل ما هو خير لعباده.

8. الدعاء في الأوقات المستحبة
هناك أوقات معينة يكون فيها الدعاء أقرب إلى الاستجابة، مثل:
- في آخر الليل، كما في الحديث: “ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يمضي ثلث الليل فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟” (رواه البخاري).
- في يوم الجمعة، وخاصة في الساعة الأخيرة منها.
- في السجود أثناء الصلاة.
- بين الأذان والإقامة.
9. الإلحاح في الدعاء
الإلحاح في الدعاء مع الاستمرارية والمثابرة على الدعاء من آداب الدعاء التي تعبر عن صدق العبد في طلب حاجاته من الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ اللَّهَ يَكْرَهُ قَلبًا لَاهِيًا وَدُعَاءً غَافِلًا” (رواه البخاري).
10. الدعاء للمسلمين جميعًا
من آداب الدعاء أيضًا أن يدعو المسلم لإخوانه المسلمين في دعائه، سواء كانوا أحياء أو أمواتًا. فقد ورد في الحديث: “من دعا لأخيه بظهر الغيب، قال الملك الموكل به: آمين ولك مثل ذلك” (رواه مسلم).
11. الدعاء بالصالح العام
يُستحب أن يدعو المسلم لنفسه ولعائلته وأقاربه، وكذلك للمجتمع الإسلامي والأمة بشكل عام. فهذا يعزز من روح التعاون والرحمة بين المسلمين.
12. التزام الأدعية المأثورة
من آداب الدعاء أيضًا أن يلتزم المسلم بالأدعية المأثورة التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية، مثل دعاء الاستغفار، ودعاء الصباح والمساء، ودعاء الرغبة في الهداية والمغفرة.
13. الدعاء في السراء والضراء
من آداب الدعاء أيضًا أن لا يقتصر المسلم على الدعاء في وقت الشدة فقط، بل يجب أن يداوم على الدعاء في الأوقات السعيدة والمريحة أيضًا. الدعاء في السراء يقوي العلاقة مع الله ويُظهر الشكر والامتنان له.
إن مراعاة آداب الدعاء تمنح الدعاء قوته وتجعل استجابته أقرب، لذلك يجب على المسلم أن يتحلى بهذه الآداب في كل مرة يدعو فيها. بالتزام هذه الآداب، يعزز المؤمن من علاقته بربه ويحقق ما يسعى إليه من خير في الدنيا والآخرة.
موانع استجابة الدعاء: كيف نتجنب الأخطاء في الدعاء؟
سنتعرف على أبرز موانع استجابة الدعاء وكيف يمكننا تجنب الأخطاء التي تؤثر في قبول دعائنا.
1. الذنوب والمعاصي
من أهم الأسباب التي تمنع استجابة الدعاء هي الذنوب والمعاصي التي يرتكبها الإنسان. قد يحول الذنب دون استجابة الدعاء، لأن الله سبحانه وتعالى قد يعاقب عباده على فعلهم السيئ. قال الله تعالى في كتابه الكريم:
“وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ” (غافر: 60).
لذلك، ينبغي على المسلم أن يحرص على التوبة النصوح من ذنوبه ويعمل على طهارة قلبه وجوارحه قبل أن يرفع يديه بالدعاء.
2. الإصرار على الدعاء بالمعصية أو قطع الرحم
من الأخطاء التي قد يقع فيها المسلم في دعائه هو الإصرار على طلب شيء محرم أو الدعاء بشيء يعود عليه بالأذى. على سبيل المثال، الدعاء بالانتقام أو طلب المعصية.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم” (رواه مسلم).
كما أن الدعاء بقطع الرحم أو التسبب في الأذى للآخرين يعد من الأمور التي تمنع استجابة الدعاء، فيجب على المسلم أن يحرص على إصلاح علاقاته بالآخرين.
4. الدعاء في وقت غير مستحب
هناك أوقات محددة تكون فيها الاستجابة للدعاء أقرب وأوقع، مثل في الثلث الأخير من الليل، بين الأذان والإقامة، في السجود، وفي يوم الجمعة، وفي السفر.
وإذا فات المسلم هذه الأوقات أو لم يدع في الأوقات المستحب فيها، فقد يحرم نفسه من بركة تلك اللحظات العظيمة التي هي أقرب للاستجابة.
أفضل أوقات الدعاء: متى يكون الدعاء أكثر استجابة؟
سنتعرف على أفضل أوقات الدعاء التي يمكن فيها أن يضاعف المسلم فرص استجابة دعائه.
1. الثلث الأخير من الليل
يعد الثلث الأخير من الليل من أفضل الأوقات التي يُستحب فيها الدعاء، وهو الوقت الذي ينزل فيه الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول: “من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له” (رواه البخاري).
هذا الوقت يكون فيه القلب أقرب إلى التضرع والخشوع، حيث يغلب السكون والهدوء في الليل، مما يساعد المسلم على أن يكون أكثر خشية وركوعًا في الدعاء. كما أن الليل هو وقت الراحة والسكينة، ويكون الإنسان بعيدًا عن مشاغل الدنيا.
2. بين الأذان والإقامة
إن الوقت بين الأذان والإقامة هو وقت مبارك ومحبب للدعاء، وقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: “الدعاء لا يُرد بين الأذان والإقامة” (رواه أبو داود).
هذا الوقت له خصوصية في الاستجابة، حيث يكون المسلم في حالة استعداد للصلاة والتوجه إلى الله، لذا يُستحب أن يستغل المسلم هذه اللحظات ليدعو الله بما يشاء، ويطلب منه حاجاته.
3. في السجود
السجود هو أقرب ما يكون العبد فيه من ربه، ولهذا يعتبر الدعاء في السجود من أفضل الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء” (رواه مسلم).
السجود هو لحظة التذلل لله والتضرع له، ويُستحب أن يدعو المسلم في هذه اللحظة بما شاء، حيث تكون استجابة الدعاء أقرب من أي وقت آخر في الصلاة.
4. يوم الجمعة
يوم الجمعة هو من أفضل الأيام التي يتضاعف فيها الأجر ويكون الدعاء فيها أكثر قبولًا. في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله خيرًا إلا أعطاه إياه” (رواه البخاري).
وقد اختلف العلماء في تحديد هذه الساعة، ولكن الأرجح أنها تكون آخر ساعة من يوم الجمعة، وهي قبل مغرب الجمعة. لذا يُستحب أن يكثر المسلم من الدعاء في هذا اليوم المبارك، خاصة في آخر ساعة منه.
5. عند الإفطار في رمضان
لحظة الإفطار في رمضان من أفضل الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “للصائم عند فطره دعوة لا ترد” (رواه ابن ماجه).
إن لحظة الإفطار تحمل معاني الشكر لله على الصيام والقيام، وعندها يُستحب أن يدعو المسلم بما شاء من الدعوات، سواء كانت لحاجات خاصة أو عامة.
ختاما إن آداب الدعاء التي حثنا عليها الإسلام من إخلاص، ويقين بالإجابة، وحسن ظن بالله، والالتزام بأوقات الاستجابة، هي مفاتيح لاستجابة الدعاء ونجاحه.